أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | أنجو ريحان في دور أنثى متمرّدة على تقاليد بيئتها إسمها جوليا
أنجو ريحان في دور أنثى متمرّدة على تقاليد بيئتها إسمها جوليا
أنجو ريحان في دور أنثى متمرّدة على تقاليد بيئتها إسمها جوليا

أنجو ريحان في دور أنثى متمرّدة على تقاليد بيئتها إسمها جوليا

في “مسرح فردان”، الجو حميم، يحلو فيه السهر والتمتّع على كأس من “بلادي ماري” بكوميديا ظريفة، ذكيّة في تسلسل حوادثها، واقعية حين يختلط الضحك المفرقع في الصالة بأسلوب إخراج، يظلّ حتى نهاية العرض مرتبطاً بجذور الهوية والانتماء. فيحيى جابر، طرح من لب بيئته موضوعاً آنيّاً في الزمان والمكان. لقد نجح بعياقة وخفّة دم، في إظهار عيوب العادات البالية، المتكمّشة بتقاليد شائكة، تعبر عليها جوليا بطبيعتها المتمرّدة، وسخريتها الدائمة، سعياً إلى الحريّة. من ولادتها غير المرغوب بها، إلى استئصال ثدييها، تحوك مراحل حياتها على صنارة من الحيل الشجاعة، المناهضة لمحيطها، للاستقواء على غدرات الزمن.

كان لا بد لكوميديا “إسمي جوليا” من شخصيّة فذّة، تلبيسة، قادرة أن تكتسي بالنص والإخراج لتكون جوليا المتمرّدة منذ الصغر، وفي آن واحد تتحوّل تارة إلى إنصاف أمّها، وطوراً تدخل في كل فرد من أفراد عائلتها وصولاً إلى حسن، زوجها بائع “اللانجري”. سيرة جوليا تغلغلت في دم أنجو ريحان، صبيّة، مرهفة، جذبت الساهرين في “مسرح فردان” إلى حضورها الذي ظل حتى نهاية المسرحية بجزءيها، الفتاة المراهقة والمرأة المتزوّجة، متكاملاً، لم تضعف من ديناميكيّته زلّة. فالممثلة روت حياة جوليا باللكنة الجنوبيّة، المحفورة كالوشم في لسان أهلها، يحملونها معهم في انتقالهم من حياة الريف إلى الضاحية البيروتية.
على أغنية “ست الحبايب يا حبيبة”، تستهل أنجو ريحان دخولها في لب جوليا. خفيفة، رشيقة، أطلقت فوراً علاقة حميمة مع الحضور. عرّفت عن نفسها، “إسمي جوليا”، ومعها تاريخ ولادتها وانتماءتها العائلية. “أمي رفضت حبلها فيّ، نكاية بأبي اللي كان يحبّل مرتو الثانية باستمرار. راحت عند الدكتور وترجّتو تيسقطني. بالرغم من كل الحقن، بقيت وخلقت”. كبرت جوليا تلبيسة، متحررة من عادات العائلة، تعمل ما في وسعها لإغاظة أم عبّاس أمها فتصرخ فيها هذه الأخيرة “إنت طالعة لمرت بيّك”.
إلى شخصية جوليا، كان للشال الوردي دور من أدوار عدة. إن لفّته حول وركيها، رقصت وتلوّت لتجهر بحرّيتها. إن وضعته على رأسها صار أمّها المؤنّبة، المفجوعة بهذه الخليفة “يا شحّاري، عم بتجيبي العار على البيت”، أو “يا مشحّرة، اعترفي ولي، بعدك بنت؟”. وإذا لفّته عمامة على رأسها، سمعنا صوت الأب يحكي.
لو لم يكن يحيي جابر وارث هذه البيئة الملوّنة بعاداتها الفلاحيّة والساعية ببطء خجول إلى نمط تغييري لدى الشباب، لما كان أتحف نصّه بمخيّلة ضاحكة، تعرف أن تنقّط على الحالات الجافة ظرافة. فلنستمع إلى جوليا يوم بدأ قلبها يقرع حباً لحسين بائع “اللانجري”: “رأيت عينيه وأنا أمام الواجهة، ترمقانني من بين السوتيينات”، “في الخامسة عشرة صرت بنت”، قالتها والشال الوردي يراقص خصرها الرقيق.
عند الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982″نزلنا على الملجأ ولما قوي القصف هربنا عالضيعة”، “حيدر باسني شاع الخبر بالضيعة”، “صرت إسأل حالي إذا البوسة بتحبّل”. في 25 أيار مع التحرير قرّرت جوليا أن تلبس الحجاب. الشال الوردي صار حجابها. “أصبحت ملتزمة”. أمام هذا المشهد الذي لا يصدّق، جنّ جنون أمّها: “تحجّبتي؟ ليش؟ إشبك شي؟ عاملي شي؟ العريس حبّلك؟”. البحر شهوة ممنوعة “شو بدك تلبسي مايو؟” أنجو وزّعت صوتها على من حولها. اللكنة الجنوبيّة كما لوّنها المخرج الحذق، كنا نتفاجأ بها بمقدرة هذه الفنّانة المدهشة، تعلو من حنجرة ذكورية، من فم شاتم، من عاشق كذّاب، ولكل صوت وتيرته المعيّرة على فن الفكاهة وإيصالها فجّة. قاضمة إلى الحضور. فحتى عندما تكتشف جوليا ورماً في ثديها تسأل نفسها ما إذا كانت لهذه “الكلّة” علاقة بالكلل التي كانت تلعب بها زمن الطفولة. الدراما ابتعدت عنها. متزوّجة، صار همّها من هموم النساء، “منخاف إذا حبلنا وإذا لا”. يحيى جابر دخل في حميميات المرأة، أنصت إليها، تابع مراحل حياتها منذ ولادتها المشؤومة، حتى لنخال أن هذا العمل كتب بقلم امرأة. لقد وضع خطواته بخطوات جوليا، ومعاً دخل المستشفى لاستئصال ثدييها. شعرت به وهي تتحسّس المكان الفارغ، يتحسّس ذاته ويعيش صدمتها. الهدية أتت إلى جوليا منه، في علبة وردية وجدت زوج ثديين ورديّين لحياة جديدة.
مي منس
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).