أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | البابا فرنسيس: قلب لا يتعلّق بالمال وصبر في الاضطهادات والوحدة
البابا فرنسيس: قلب لا يتعلّق بالمال وصبر في الاضطهادات والوحدة
البابا فرنسيس: البشارة ليست ترويجًا إعلانيًا

البابا فرنسيس: قلب لا يتعلّق بالمال وصبر في الاضطهادات والوحدة

البابا فرنسيس يتحدّث في عظته الصباحيّة حول ثلاثة أساليب لعيش الفقر في الحياة المسيحيّة ويذكّر بالاضطهادات التي يتعرّض لها المسيحيون اليوم في العالم.
في القداس الذي ترأسه في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان تحدّث البابا فرنسيس عن ثلاثة أشكال للفقر دُعي التلميذ لعيشها: الأول وهو ترك الغنى أي ألا يتعلّق القلب بالمال، الثاني وهو قبول الاضطهادات الكبيرة والصغيرة والافتراءات في سبيل الانجيل، والثالث هو فقر الوحدة أي الشعور بالوحدة إلى نهاية الحياة.

استهل الأب الأقدس تأمّله انطلاقًا من صلاة الجماعة التي نقرأ فيها كيف أراد الرب من خلال القديس لوقا أن يُظهر محبّته للفقراء ومن الإنجيل الذي نقرأ فيه عن الرب الذي يرسل اثنَينِ وَسَبعينَ تِلميذًا فقراء بدون “دَراهِم، أو مِزوَد أو حِذاء” لأنّ الرب يريد أن تكون درب التلميذ فقيرة إذ أنَّ التلميذ الذي يتعلّق بالمال والغنى ليس تلميذًا حقيقيًّا.

تمحورت عظة البابا فرنسيس حول ثلاثة مراحل للفقر في حياة التلاميذ وثلاثة أساليب في عيشه. الأول هو الابتعاد عن المال والغنى وهو الشرط لبدء درب التتلمذ، ويقوم على التحلّي بقلب فقير بالرغم من أنّ العمل الرسولي يحتاج لهيكليات ومنظمات تبدو وكأنّها علامات غنى ولكن ينبغي استعمالها بتجرّد. فالشاب الغني قد أثّر في قلب يسوع لكنّه لم يتمكّن من اتباع الرب لأنّ قلبه كان متعلِّقًا بالغنى. وبالتالي إن أردت اتباع الرب اختر درب الفقر، وإن كان لديك ثروة لأنَّ الرب أعطاك إياها لتخدم الآخرين فاستعملها ولكن لا تسمح لقلبك بأن يتعلّق بها؛ إذ لا يجب على التلميذ أن يخاف من الفقر بل عليه أن يكون فقيرًا.

أما الشكل الثاني للفقر فهو الاضطهادات، في الواقع نقرأ في إنجيل اليوم أنَّ الرب قد أرسل التلاميذ كـ “الحُملانِ بَينَ الذِّئاب” واليوم أيضًا نجد العديد من المسيحيين المُضطهدين بسبب الإنجيل أمس في قاعة السينودس تحدّث أحد الأساقفة القادمين من بلدان الاضطهادات هذه عن شاب كاثوليكي أمسكت به مجموعة شباب متشدّدين تكره الكنيسة فضربوه ورموه في خزان ماء وبدؤوا يطمرونه بالتراب إلى أن بلغ التراب إلى عنقه فسألوه: “أجب للمرة الأخيرة، هل تُنكر يسوع المسيح؟” فأجاب: “لا!” عندها رموا عليه صخرة وقتلوه. لقد سمعنا هذه الرواية جميعنا، وهذا ليس أمر حصل في القرون المسيحيّة الأولى وإنما منذ شهرين وهذا أحد الأمثال. كم من المسيحيين يتألّمون اليوم بسبب اضطهادات جسديّة!

بعدها ذكّر البابا فرنسيس بأشكال اضطهاد أخرى اضطهاد الافتراءات فيما يبقى المسيحي ساكتًا ويسمح بهذا “الفقر”. من الضروري أحيانًا أن ندافع عن أنفسنا لكي نتفادى العار… والاضطهادات الصغيرة التي نعيشها في الحي أو في الرعيّة بالرغم من صغرها ولكنها علامة: العلامة لهذا الفقر. وهذا هو الشكل الثاني من أشكال الفقر التي يطلبها الرب منا. الأول الابتعاد عن الغنى وألا يكون قلبنا متعلّقًا به أما الثاني فهو قبول الاضطهادات بتواضع وهذا نوع من الفقر أيضًا.

أضاف الأب الأقدس يقول هناك من ثمَّ شكل ثالث من أشكال الفقر وهو الوحدة، ونرى المثال عنها في القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من رسالة القديس بولس الثانية إلى تلميذه تيموتاوس والتي يكتب فيها بولس العظيم الذي لم يكن يخشى شيئًا “في دِفاعي الأَوَّل لم يَحضَرْ أَحدٌ لِلدِّفاعِ عَنِّي، بل تَرَكوني كُلُّهم. صَفَحَ اللهُ عَنهُم!” ولكنّه يضيف: “ولكِنَّ الرَّبَّ كانَ معي وَقَوَّاني، لِتَقومَ البِشارةُ عن يَدي، وَتَبْلُغَ جَميعَ الوَثنِيِّين”. وتوقّف البابا في هذا السياق عند وحدة التلميذ تماما كما قد يحدث لأي شاب أو شابة في السابعة عشرة أو العشرين من عمرهما يتركان الغنى لاتباع يسوع وبقوّة وأمانة يتحمّلان الافتراءات والاضطهادات اليوميّة ليطلب منهما الرب في النهاية عيش الوحدة.

تابع البابا فرنسيس أفكّر بأعظم رجل في البشريّة وهذه الصفة أتت مباشرة من يسوع نفسه: يوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء. المبشِّر الأعظم: لقد كان الناس يذهبون إليه ليعتمدوا. كيف انتهى به الأمر؟ وحيدًا في السجن. فكِّروا كيف كانت زنزانة السجن في تلك الأيام… وحيدًا منسيًّا وقُطع رأسه بسبب ضعف ملك وحقد زانية ونزوة صبيّة: هكذا كانت نهاية أعظم رجل في التاريخ. ولا يجب أن نذهب بعيدًا يكفي أن نرى كيف يعيش وحيدون في بيوت الراحة العديد من الكهنة والراهبات الذين بذلوا حياتهم في سبيل البشارة، وما من أحد يتذكرهم.

وهذا الشكل من أشكال الفقر وعد به يسوع بطرس إذ قال له: “لَمَّا كُنتَ شاباً، كُنتَ تَتَزَنَّرُ بِيَديكَ، وتَسيرُ إِلى حَيثُ تشاء، فإِذا شِخْتَ بَسَطتَ يَدَيكَ، وشَدَّ غَيرُكَ لكَ الزُّنَّار، ومَضى بِكَ إِلى حَيثُ لا تَشاء”. وبالتالي فالتلميذ هو فقير بمعنى أنّه لا يتعلّق بالغنى وهذه هي الخطوة الأولى، من ثمّ هو فقير لأنّه يصبر إزاء الاضطهادات الصغيرة أو الكبيرة ومن ثم – وهذه الخطوة الثالثة – هو فقير لأنّه يدخل في حالة الشعور بالوحدة وبأنّه متروك. إن مسيرة يسوع في الواقع تنتهي بهذه الصلاة للآب: “إِلهي إِلهي، لِمَاذا تَركتَني؟”. وختم البابا فرنسيس عظته طالبًا الصلاة من أجل جميع التلاميذ – كهنة وراهبات وأساقفة وباباوات وعلمانيين – لكي يعرفوا أن يسيروا على درب الفقر بحسب مشيئة الرب.

فاتيكان نيوز

عن ucip_Admin