أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | البابا فرنسيس: ليولّد فينا سرّ الإفخارستيا فرح أن نحب بعضنا البعض
البابا فرنسيس: ليولّد فينا سرّ الإفخارستيا فرح أن نحب بعضنا البعض
البابا فرنسيس

البابا فرنسيس: ليولّد فينا سرّ الإفخارستيا فرح أن نحب بعضنا البعض

ترأس قداسة البابا فرنسيس  القداس الإلهي في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران بمناسبة عيد جسد المسيح ودمه، وألقى عظة للمناسبة استهلها بالقول: في عيد جسد المسيح ودمه يعود مرارًا موضوع الذكرى: قال موسى للشعب: “اذكُرْ كُلَّ الطَّريقِ الَّتي سَيَّرَكَ فيها الرَّبُّ إِلهُكَ… لا تَنْسى الرَّبَّ إِلهَكَ… الذي أَطعَمَكَ المَنَّ في البَرِّيَّةِ”؛ ويسوع سيقول لنا: “اِصنَعوا هذا لِذِكْري”؛ أما القديس بولس فيقول لنا: “اذكُرْ يسوعَ المسيحَ”. إنّ “الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء” هو سرُّ الذكرى الذي يذكّرنا بشكل حقيقي وملموس بتاريخ محبّة الله لنا.

تابع الأب الأقدس يقول: أُذكر، تقول الكلمة الإلهية اليوم لكل فرد منا. من تذكُّر تصرّفات الرب استمدّ الشعب القوّة ليسير في البريّة؛ في ذكرى ما صنعه الرب لنا يقوم تاريخ خلاصنا الشخصي. إنّ الذكرى جوهريّة للإيمان، تمامًا كالماء للنبات: كما لا يمكن للنبتة أن تحيا وتثمر بدون مياه هكذا الإيمان أيضًا إن لم يرتوِ من ذكرى ما صنعه الرب لنا.

أُذكر، أضاف الحبر الأعظم يقول، إنّ الذكرى مهمّة لأنها تسمح لنا بالثبات في الحب، الذكرى هي أن نحمل في قلبنا وألا ننسى من أحبّنا والذي دُعينا لنحبّه. ومع ذلك فهذه القدرة الفريدة التي منحنا الرب إيّاها أصبحت اليوم ضعيفة. ففي الجنون الذي نغوص فيه يبدو أن العديد من الأشخاص والأحداث تُفلت منا؛ نقلب الصفحات بسرعة ونبحث عن الحداثة بجشع فيما نفتقر للذكريات. وبالتالي إذ نحرق الذكريات ونعيش اللحظة نخاطر في العيش بسطحيّة في سيل الأمور التي تحصل بدون الذهاب إلى العمق وبدون الجوهر الذي يذكّرنا بما نحن عليه وإلى أين نذهب، فتصبح هكذا الحياة الخارجيّة مُفتّتة والحياة الداخلية جامدة.

تابع البابا فرنسيس يقول لكن احتفال اليوم يذكّرنا أنّّه، وفي تفتت الحياة، يأتي الرب للقائنا بواسطة هشاشة مُحبَّة وهي الافخارستيا. في خبز الحياة يأتي الرب ليزورنا جاعلاً من نفسه طعامًا متواضعًا يشفي بمحبّة ذاكرتنا المريضة بالجنون. لأنّ الافخارستيا هي تذكار محبّة الله. هناك تُقام ذكرى آلامه، محبّة الله لنا والتي هي قوّتنا وعضدنا في مسيرتنا. لذلك سيفيدنا كثيرًا التذكار الإفخارستي: فهو ليس ذكرى مُجرّدة وباردة وإنما ذكرى حيّة ومعزية لمحبّة الله. في الافخارستيا نجد طعم كلمات يسوع وتصرّفاته، نكهة فصحه وعبير روحه. وعندما ننالها يُطبع في قلبنا اليقين بأنّ الله يحبّنا.

أضاف الأب الأقدس يقول هكذا تكوّن الافخارستيا فينا ذكرى ممتنّة لأننا نعترف أننا أبناء يحبّهم الآب ويشبعهم، ذكرى حرّة لأنّ محبة يسوع ومغفرته تشفيان جراح الماضي وتصالحانا مع ذكرى الأذى الذي تعرضنا له؛ ذكرى صبورة لأننا نعرف وسط الصعوبات أن روح يسوع يبقى معنا. الافخارستيا تشجّعنا: حتى في المسيرة الأكثر صعوبة، لسنا أبدًا وحدنا والرب لا ينسانا وفي كل مرّة نذهب إليه هو ينعشنا بمحبته.

تابع الحبر الأعظم يقول تذكرنا الافخارستيا أيضًا أننا لسنا مجرد أفراد بل نحن جسد؛ وكما كان الشعب في البريّة يجمع المنّ المتساقط من السماء ويتشاركه في العائلة، هكذا يدعونا أيضًا يسوع، خبز السماء، لنقبله معًا ونتشاركه فيما بيننا. فالافخارستيا ليست سرًّا “لي وحدي” بل هي سرّ الكثيرين الذين يكوّنون جسدًا واحدًا، شعب الله المقدس والأمين؛ كما يذكرنا القديس بولس “فلمَّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فنَحنُ على كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد، لأَنَّنا نَشتَرِكُ كُلُّنا في هذا الخُبْزِ الواحِد” (١كور ١٠، ١٧). الافخارستيا هي سرّ الوحدة ومن يقبلها لا يمكنه إلا أن يكون صانع وحدة لأنها تولّد فيه بناء الوحدة.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول ليشفِنا خبز الوحدة هذا من رغبة السيطرة على الآخرين       وليولّد فينا فرح أن نحب بعضنا البعض بلا عداوة وحسد وثرثرة. والآن إذ نعيش الإفخارستيا لنعبد الرب ونشكره على هذه العطيّة السامية: الذكرى الحيّة لمحبته التي تجعل منا جسدًا واحدًا وتقودنا نحو الوحدة.

إذاعة الفاتيكان

عن ucip_Admin