أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الحبّ والجنس .. رفض الثنائيّة وقبول سرّ الإختلاف لاهوت الحبّ والزواج (7)
الحبّ والجنس .. رفض الثنائيّة وقبول سرّ الإختلاف لاهوت الحبّ والزواج (7)
الزواج

الحبّ والجنس .. رفض الثنائيّة وقبول سرّ الإختلاف لاهوت الحبّ والزواج (7)

ما طهّره الله لا تنجّسه أنتَ ” (أعمال 10 : 15 ) . لا يمكننا أن ننظرَ بإزدراء ٍ إلى ما قدّسه الله . فالجنسُ ، بحدّ ذاته ، مقدّس ؛ وليس بأمر دنس و ” عيب ” ! . يُصبح عيبًا في حالة ٍ واحدة فقط ، وسنراها لاحقا – بالتعرّي … أصبحَ الإنسان ” عريانا ” لإنه فقد نقطة إرتباطه بالنبع الإلهيّ . وأصبحت العلاقة ، التي كانت مترابطة بينه وبين الله ، مفكوكة ً ؛ فأضحى والله منفصلين وسقطَ في الضياع والتعرّي . فبعدَ أن كانا (الإنسان والله – الرجل والمرأة ) في علاقة شفّافة دون حجاب ٍ أو ستار ٍ ، وهم لا يخجلان ؛ أضحت العلاقة محجوبة ً ، وهنا ” تعرّيا ” . والجنسُ لم يولد بخطيئة الإنسان ، بل هو جزءٌ من مخطط الله ، وليس خطيئة . لإنه لم يوجد بعد الخطيئة .

يجب أن ندرك ، أنه ليس في العالم شيء دنسٌ بحدّ ذاته ، لإنّ الله خالق كلّ الأشياء وكلّ الكائنات ، خالق الرجل والمرأة ، بكلّ الأعضاء والغرائز : ” أعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل ” (1 كور 12 : 23 ) . فالجنسُ ليس من صنع الشيطان ، والغريزة الجنسيّة زرعها الله فينا لــ ” هدف ” سام ٍ من قبل سقوط آدم . بعد الخطيئة نجدُ أن نظرة الإنسان إلى الجسد وجسد الآخرين قد تغيّرت . والهدف الإلهيّ ، هو أن تكون هذه النظرة المشوّهة للأمور ، نظرة ً شفافة صادقة .

لقد تأثّرت المسيحيّة بمذهب يسمّى ” المانيّة ” أو ” المانويّة ” نسبة ً إلى ” ماني ” وهو فيلسوف ظهر في القرن الثالث الميلاديّ ، وهو بدوره قد تشرّب من فلسفة زرادشت التي سادت بلاد الفرس ( إيران حاليًا ) . هذا الفيلسوف قسّم العالم والخليقة إلى عالمَين ، عالم الروح وهو من صنع إله الخير ، وعالم الجسد (المادة ) وهو من صنع عالم الشرّ . وكان يعتقدُ بوجود إلهين ، إله الخير وإله الشرّ . وهذا ما ترفضه المسيحيّة رفضا قاطعًا .. ولا زال هذا الفكر يجذب الكثيرين إلى ما لا تحمد عقباه ، من حيث لا يدرون ْ . المسيحيّة بتعاليمها ترفضُ الثنائيّات المانويّة والغنوصيّة ، التي كانت تنظر ، بإحتقار ، للجسد أو المادّة ، معطية للروح صورة الصفاء والنقاءْ ، وللجسد بالزوال والفناء والفساد .

عندما نقرأ الآية التي تقول : ” خلق الله الإنسان على صورته ، ذكرًا وأنثى خلقهما … ” تك 1 : 27 . نجدُ حقيقة أساسيّة مهمّة وهي ، أنّ واقع الإنسان هو واقعٌ ثنائيّ الجنس ( لا بمعنى الثنائيّة الغنوصيّة ) .. المرأة والرجل هما مكمّلان لمفهوم الإنسان ولوجود الإنسان . يقول المطران يوسف توما : عندما نذكر كلمة ” جنس ” لا نعني اللذّة الجنسيّة كما يراها فرويد ، بل هذا الإختلاف الذي نشعرُ به كنقص في الوجود وإشتهاء للإكتمال في الآخر ، الذي هو في الحقيقة من مقوّمات كياننا البشريّ .

الجنسُ إذن ، دعوة للإنسان لكي يبحث عن إكتماله ” خارجا عن ذاته ” ، سعادته ليست فيه بل حواليه . فإنجذابه نحو الآخر ، واستكشافه اللذّة في اللقاء ، يعطيه أولى لمحات السعادة . ونعتبر كلّ إحتقار ٍ للجسد ، لدى الجنسين ، وما فيه من طاقات هو ظلم وإنحراف ضدّ الإنسان .

الخطيئة ، ليست في الجسد ، إنها في تمزيق الإنسان في وحدته . إنها في تمزيق العلاقة والشركة ، واحترام الإختلاف .

ما هو الإختلاف ؟

كلّ الشعراء والمغنّين ينشدون للآخر ، الحبيب المرغوب كجرح لا يندمل . فعندما يكبر الإنسان يشعر أنّ فيه هوّة ، هذه الهوّة قد انفتحت ، هذه الهوّة يصعُب التعبير عنها ، لكن الجميع يكدّون وراها . ويبدأ البحث عن ” الآخر ” الذي يستطيع أن يملأنا سعادة . لكن الإنسان ما يعتم أن يكتشفَ أن الإختلاف مسجّل لا في العقليّات والمفاهيم بل في آولى الخطوات : في الجسد نفسه .

فالغريبْ المرغوب هو فعلا ” مختلف ” ، وسيبقى مختلفا إلى الأبد : فالمرأة ستبقى امرأة ، والرجل رجلا . والمشاكل الزوجيّة تتسجّل ضمن هذا الإحترام للإختلاف . كيف يمكنهما أن يعيشا في تناغم واختلاف في عين الوقت ، دون إنطواء ودون رفض لماهيّة الآخر ؟ وهنا تكمن التجربة أي أن نحاول ملء الفراغ أو ” رفض الإختلاف ” . ونقع في التجربة عندما نعتبر الآخر مجرّد ” لعبة ” أو مجرّد ” جنس “. وننسى أنه ” الآخر ” أي أنه الناقص المكمّل .

يتبع

بقلم عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).