أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الحقدُ مُكلِف: تدفعُ من ذاتك… ولكنَّك تخسرُ ذاتَك والآخرين
الحقدُ مُكلِف: تدفعُ من ذاتك… ولكنَّك تخسرُ ذاتَك والآخرين
الصلاة

الحقدُ مُكلِف: تدفعُ من ذاتك… ولكنَّك تخسرُ ذاتَك والآخرين

قرأت لصديقي المونسينيور عصام أبي خليل قولاً جميلاً في المحبّة الغافرة، قال:” الحبُّ مُكلِف: تدفعُ من ذاتك…
ولكنّك تربحُ ذاتَك والآخرين. الحقدُ مُكلِف: تدفعُ من ذاتك… ولكنَّك تخسرُ ذاتَك والآخرين”. رائعٌ وحقيقيٌّ ما كُتب، فنحنُ نغفرُ لأنّنا نُحِبّ، ذلِك أنّ الغفران هو الثمرَةُ المباشرة للمحبّة الساكنة في قلوبنا بالنعمة. في حين أنّ الحِقد مُدَمّر، لأنّه الثمرة الثمرة المباشرة للشرّ الساكن فينا بفعل الخطيئة. لذا نسأل الرب في صلاتنا قائلين:”إغفر لنا خطايانا، كما نحنُ نغفر لِمن خطىء إلينا، إلى سبعين مرّةً سبع مرّات”.
1- إغفر لنا
“إغفر لنا خطايانا”(متى5\12)، هذا هو موضوع صلاتنا ومطلبنا اليومي. في الواقع، كُلُّنا خطأة، وإن قُلنا غير ذلِك شَكّكنا بصِدق الله، الذي أسلَم ابنه للموت “كَفّارَةً لخطايانا”(1يو4\10)، “وجعلناه كاذِباً”(1يو1\10)، لأنّه “ظَهرَ ليُزيل الخطايا”(1يو3\5). ولأنّنا خطأة، نحنُ بحاجةٍ في كلِّ وقت، إلى غفران. ومَن يغفرُ الخطايا غير الله وحده!(مر2\7).
غفران الخطايا هو فرح الله. والله لا يَتعب من منحنا هذه الهبة كفعل محبّة لا مُتناهية تجاه الخطأة. فرح الله هذا يَنقُلُه إلينا الإنجيل في أمثالٍ ثلاثة: الراعي الفَرِح بإيجاد خروفه الضّال بعد بحثٍ مُضنٍ(متى18\12-14)، والمرأة الفَرِحة بإيجاد درهمها بعد تعِب (لو15\8-10)، والأب الفرِح بإيجاد ابنه الضّال الذي لطالما انتظر عودته بفراغ الصبر(لو15\11-32).
1- كما نحن نغفر
وفي صلاتنا، نسأل الربّ الغفران ونَعِده بأن نغفر بدورنا لِمن خطىء إلينا. فمن سأل الغفران ولَم يَغفِر كان كاذباً وأنانياً يُريد الخير لنفسه ولا يُريده لإخوته، وفي هذا قساوةٌ وبّخ عليها السيّد، الخادم القليل الشفقة (متى18\ 23-34)، الذي أعفاه من دَينٍ باهظ بَلغ “عشرة آلاف وزنة”(متى18\24)، أي آلاف الألوف من الليرات الذهبية، ولكنّه لَم يشفق على خادمٍ مثله استدان منه “مئة دينار”(آ28)، وهو مبلغ زهيدٍ جدّاً. بل أَخذَ بعُنُقِه يَخننُقُه ويُطالبِه بالدَّين، ولَمَ يرضَ إلاّ بأن يرميه في السجن حتى يدفع آخر فلسٍ عليه(آ30). وتأتي الكلمة الفاصلة للسيد: إن أردت أن يُغفَر لَك فعليكَ بدَورِكَ أن تَغفر لإخوتِك من صميم قلبِك (آ33)، وإلا فلن يكونَ لك معي نَصيب في ملكوت السماوت: “فانْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ”(مر4\24).
2- إلى سبعين مرّة سبع مرّات
سبعين مرّة سبع مرّات، عددٌ كبير!. ولكن إذا ما قِسناه بعدد المرّات التي نطلب فيها لأنفسنا، الغفران من الله، يُضحي العدد صغيراً جدّاً ومتواضعاً.
قد يقول البعض منّا: الغفران صَعب، وهذا صحيح. صعبٌ جدّاً ولكنّه أسهلَ من الحقد، فهذا الأخير مُدَمِّر. أَذكر، وقد كنتُ في سنتي الكهنوتية الأولى، أنَّ جماعةً انقطعت عن الكنيسة بسبب موقِفٍ لي وقفته دفاعاً عن قضيّةٍ مُعيّنة. كنت على حقّ، ولكنني لَم أكن مرتاحاً البتّة من تفاقُم الأمور بشكلٍ سلبي. فعُدت إلى نفسي وقلت:” ليس مُهماً من هو على خطأ أو على صواب، فالمهم هو أن أربح إخوتي”، وعقدت العزم على مبادرتهم بالغفران. وأثناء قدّاس الأحد، قلت للمؤمنين:”سأعظكم اليوم عِظة مُختلفة، فتعجّبوا قائلين في نفوسهم:” ما الذي سيفعله!”، وتابعت قائلاً:” هناك من إخوتنا من انقطع عن الكنيسة منذ مُدّة، وأنا لستُ راضياً عن الموضوع، فسأذهب إلى منزلهم لِأُصالِحهم وآتي بهم إلى القداس، ومَن يرغب بالمجيء معي، فليتفضّل”. وهكذا حدث، تركت الكنيسة ببذّتي الكهنوتية مع بعض المؤمنين، وذهبت إلى منزلهم ودخلت وقلت لهم:” أنا أتٍ لأغفر وأستغفر”، فردّوا عليَّ بالمِثل، وأتينا جميعاً إلى الكنيسة وتابعنا احتفالنا بالقداس الإلهي. قال لي المؤمنون في ختام القدّاس:” هذه أفضل عظة سمعناها في حياتنا”…. في تِلك الليلة غفوتُ مُطمئنّاً.
وبالعودة إلى كلام صديقي الذي بدأتُ بِه، أقول الغفران الذي هو ثَمرة الحُبّ ” مُكلِف: تدفعُ من ذاتك… ولكنّك تربحُ ذاتَك والآخرين”، وهو الطريق الوحيد إلى سلام القلب والله. فإن لم تكن في قلبنا الرحمة وفرح الغفران فلَن نكون في شركة مع الله، حتى ولو حَفِظنا الوصايا وطبّقناها حرفيّاً، لأن الحُبَّ وحده هو الذي يُخلص لا الحرف؛ فَحُبّ الله والقريب متلازمان وهما كمال الوصايا(لو10\27).
صلاة
إغفر لنا يا ربّ، خطايانا، كما نَحنُ نَغفِرُ لِمَن خطىء إلينا. ولا تجعلنا أسرى الحقد المُميت. آمين
أليتيا

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).