أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الراعي في قداس عيد سيدة لبنان: الفساد أخطر ما يهدد مجتمعنا ونصلي للخروج من الفراغ وإيقاف ويلات الحرب في حلب
الراعي في قداس عيد سيدة لبنان: الفساد أخطر ما يهدد مجتمعنا ونصلي للخروج من الفراغ وإيقاف ويلات الحرب في حلب
البطريرك الراعي مترئساً القداس في حريصا أمس وبدا البطريركان نرسيس ويونان وكهنة

الراعي في قداس عيد سيدة لبنان: الفساد أخطر ما يهدد مجتمعنا ونصلي للخروج من الفراغ وإيقاف ويلات الحرب في حلب

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لمناسبة بدء الشهر المريمي، قداس عيد سيدة لبنان في بازيليك سيدة لبنان في حريصا، عاونه فيه المطارنة انطوان نبيل العنداري وحنا علوان وطانيوس الخوري وعاد ابي كرم، رئيس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الأب مالك بو طانوس، رئيس مزار سيدة لبنان – حريصا الأب يونان عبيد، في حضور آباء الرهبان والراهبات، رؤساء روابط وأخويات، ممثلي هيئات مجتمع مدني وحشد كبير من المؤمنين، وتولت الخدمة جوقة مزار سيدة لبنان بقيادة المرنمة منال نعمة.

العظة

بعد تلاوة فصل من الانجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “ارتفعت كالأرز في لبنان” (سيراخ 14: 13) قال فيها: “هذه الآية التي كتبها يشوع بن سيراخ، أحد وجهاء أورشليم وكتابها، حوالي السنة 200 قبل المسيح، ممتدحا بها الحكمة الإلهية، تطبقها الكنيسة على أمنا وسيدتنا مريم العذراء، عرش الحكمة. إن مزارها الذي رفع على تلة حريصا سنة 1904، بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لإعلان عقيدة الحبل بلا دنس، وهو على اسم سيدة لبنان، يرمز إلى هذه الآية النبوية. وها نحن اليوم، في هذا الأحد الأول من شهر أيار نحتفل بعيدها، ونكرمها في هذا المكان المقدس طيلة هذا الشهر باحتفالات مميزة، كما في جميع كنائس الأرض ومزاراتها العالمية، وفي أيادي جميع المؤمنين والمؤمنات مسبحتها الوردية، العزيزة على قلبها. ونحن في لبنان نرى في شموخ أرزنا سمو قداستها ونستنشق مع أريجه عطر فضائلها. وبرفعة تواضعها نهتف بلسانها: “ارتفعت كالأرز في لبنان” (سيراخ 14: 13)”.

أضاف: “ما أجمل العودة إلى ذكريات التاريخ. انطلقت فكرة تأسيس معبد سيدة لبنان – حريصا وتنفيذها من خادم الله البطريرك الكبير مار الياس بطرس الحويك والقاصد الرسولي آنذاك المطران كارلوس دو فال. اما احتفال التدشين الذي أقامه البطريرك الحويك فكان في الأحد الأول من ايار 1908، ويومها أعلن البطريرك الأحد الأول من أيار عيدا سنويا لسيدة لبنان. فيسعدني أن أواصل تقليد الاحتفال بقداس العيد جريا على عادة أسلافي المكرمين. إنني أحيي معكم جمعية الآباء المرسلين اللبنانيين الذين أسندت البطريركية المارونية إليهم، بالاتفاق مع القصادة الرسولية، في 3 ايار 1908، خدمة هذا المعبد وإدارته، في عهد الرئيس العام آنذاك الأب يوسف مبارك. إننا نجدد شكرنا لها بشخص رئيسها العام قدس الأب مالك بو طانيوس، ومجلس مشوراه، والآباء القيمين على خدمة هذه البازيليك والمعبد، ملتمسا من الله للجمعية، بشفاعة أمنا العذراء مريم سيدة لبنان، فيض النعم السماوية. وأتوجه معكم إلى الكنائس الارثوذكسية الشقيقة التي تحتفل اليوم بعيد القيامة، بأخلص التهاني والتمنيات. ومع رعاتها وأبنائها نصلي إلى المسيح الرب كي يتمم رغبته القدوسة بأن يكون المؤمنون به واحدا في الحقيقة والإيمان والمحبة.
إني فيما أرحب بكم جميعا، وأهنئكم بعيد أمنا مريم سيدة لبنان، نحييي بيننا وفدا من الزوار الآتين من بولونيا، بلاد القديس البابا يوحنا بولس الثاني والقديسة ماري فوستين رسولة الرحمة الإلهية. جاؤوا إلى لبنان ليتعرفوا عليه في حقيقته المثلثة التي أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني: “إنه أكثر من بلد فهو رسالة” و”إنه أرض قداسة” و”إنه أرض بيبلية”.

وتابع: “لقد اجتذبت أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان، وتجتذب كل يوم ألوف الزوار المصلين، من مسيحيين ومسلمين ومن أتباع أديان آسيوية وأفريقية وهندية أخرى. تجتذبهم إليها بيديها المنبسطتين نحو العاصمة بيروت لتباركهم، ولتفيض عليهم وعلى المدينة والوطن النعم السماوية. إنها تشع أمامهم وأمامنا ببياضها الذي يرمز إلى سمو قداستها. تشع مثالا في الفضائل الإلهية، الإيمان والرجاء والمحبة، وفي فضائلها الإنسانية التي جملت أمومتها ليسوع وللبشر أجمعين، بالحنان والسخاء والتواضع والتفاني. إن الكنيسة تجد في مريم الكلية القداسة ملء الكمال الإلهي في الإنسان. فتكرمها وتدعو كل المؤمنين، من أبنائها وبناتها، للاقتداء بها. على مثال القديسين الذين رفعوا من أرضنا إلى مجد السماء. ونحن اللبنانيين مدعوون لنرتفع، على مثالها ومثالهم، مثل الأرز، بالقيم التي جملت الانسان اللبناني عبر تاريخه. فلا يمكن البقاء في حالة الانحطاط الأخلاقي الي يفسد كل قطاعات الحياة العامة والخاصة. إن أخطر ما يهدد المجتمع اللبناني اليوم هو الفساد المتفشي في المؤسسات والظاهر في التصرفات والعلاقات بين الناس والتطرف المذهبي. لكننا نشاهد في المقابل سموا في الفنون على أنواعها وفي العلم والمؤسسات التربوية والاستشفائية والاجتماعية. غير أنه من المؤلم أن نرى في الوقت عينه حالة الفقر والحرمان التي تتفاقم من جراء إهمال المسؤولين في الدولة واجب النهوض بالاقتصاد الوطني بكل قطاعاته”.

وقال: “ارتفعت كالأرز في لبنان. هكذا امتدح يشوع بن سيراخ الحكمة الإلهية التي أوجدت الكون والإنسان والجمالات. وبالعبارة نفسها تمتدح الكنيسة أمنا مريم العذراء الشامخة كالأرز بقداستها المنزهة عن كل عيب وخطيئة. فهي سلطانة الحبل بلا دنس، التي عصمت من خطيئة آدم وحواء، كما أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول سنة 1854 عقيدة إيمانية، وثبتتها مريم بعد اربع سنوات في ظهورات لورد للطفلة برناديت سنة 1858. وهي الكلية القداسة التي لم تقترف أية خطيئة شخصية. وبيدها القديرة تنتشلنا من مستنقع خطايانا وشرورنا، وتقودنا وسط أمواج بحر هذا العالم وعواصفه إلى ميناء الأمان والسلام والخلاص. في يوبيل سنة الرحمة، نرفع إليها أنظارنا وقلوبنا، وهي أم الرحمة التي أعطتها جسدا بشخص يسوع، ملتمسين أن نعبر وكل إنسان، من خلال الباب المقدس، إلى عالم رحمة الله. فننعم برحمة غفرانه وسلامه، ونشهد لرحمته في عالم أصبح بأمس الحاجة إلى رحمة تعيد إلى القلوب المشاعر الانسانية التي يبدها الحقد والبغض والمصالح الشخصية”.

أضاف الراعي: “مريم مرتفعة كالأرز بتواضعها، وقد نظر إليها الله بعظم حكمته، كما أنشدت، يوم زيارتها لإليصابات: “نظر إلى تواضع أمته…بدد المتكبرين بأفكار قلوبهم؛ أنزل الأعزاء عن الكراسي، ورفع المتواضعين” (لو1: 48 و51-52). نصلي إليها اليوم كي تزين كل واحد وواحدة منا بفضيلة التواضع الناصعة التي ترينا وجه الله وحقيقة وجه الإنسان. نصلي كي تحرر كل إنسان، وبخاصة كل مسؤول في الكنيسة والمجتمع والدولة، من الكبرياء التي هي أم الرذائل. فالمتكبر لا يستطيع أن يبني علاقة سليمة مع الله والناس، ولا يعرف كيف يقارب، بروح المسؤولية، الأحداث والوقائع. المتكبرون يسقطون عاجلا عن عرش كبريائهم وتجبرهم، أما المتواضعون فيصمدون. فكم يكتنز التاريخ في طياته من أمثولات”.

وتابع: “مريم مرتفعة كالأرز نحو السماء. من هذه الأرض المشرقية رفعت بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، كما أعلنها عقيدة إيمانية المكرم البابا بيوس الثاني عشر في اول تشرين الثاني 1950. تكرم الكنيسة، مع انتقالها، تتويجها من الثالوث الأقدس سلطانة السماء والأرض، وجلوسها إلى جانب ابنها الإلهي، يسوع المسيح، ملك الملوك وسيد السادة.
كم يؤلمنا أن تصبح هذه الأرض المشرقية اليوم أرض الحديد والنار، الذي يسكت لغة المحبة والحوار! لقد حملت قضية لبنان وبلدان المنطقة إلى لقاءاتي مع المسؤولين في البرلمان الأوروبي والسلطات السياسية في بروكسيل في بداية هذا الأسبوع. فأشكر الله على ثمار الوعي والإدراك التي نتجت عنه بشأن قيمة لبنان ونموذجيته في المنطقة الشرق أوسطية، وبشأن أهمية الحضور المسيحي والتعاون مع المسلمين في خلق الاعتدال والانفتاح والعيش الكريم معا بالاغتناء المتبادل”.

وقال: “فيما نقف الآن وقفة إيمانية أمام تمثال سيدة لبنان – حريصا نرفع أفكارنا وعقولنا وقلوبنا إليها، من معاناة الأزمة السياسية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، ومن معاناة النزاعات والحروب وويلاتها في سوريا والعراق وفلسطين والأراضي المقدسة وسواها من البلدان المشرقية. نصلي ورديتها التي أرادتها لتكون قوة الكنيسة في الانتصار على قوى الشر والهدم، والوسيلة لتوبة الخطأة وإنهاء الحروب وإحلال السلام. بهذا الرجاء نصلي مسبحتها اليوم وكل يوم: من أجل خروج لبنان من أزمة فراغ سدة الرئاسة الأولى، والدخول في خط النهوض من معاناته الإقتصادية والاجتماعية والأمنية، هي التي تحميه بيدها الخفية. ومن أجل إيقاف ويلات الحرب على مدينة حلب الشهيدة وشعبها البريء الذي يقع ضحية المطامع. ومعهم نستصرخ الضمير العالمي كي تتحمل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمم مسؤولياتهما عن رفع ظلم الحرب والقتل والدمار. إننا نؤكد لهم تضامننا الكامل معهم وقربنا من مأساتهم وصلاتنا. ونصلي من أجل إيقاف الحروب الأخرى الدائرة في بلدان المنطقة بإيجاد حلول سياسية لها، كفيلة بإحلال سلام عادل وشامل ودائم. ومن أجل العودة الآمنة لجميع اللاجئين والنازحين والمخطوفين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأوطانهم، وضمانة حقوقهم كمواطنين على اختلاف مذاهبهم”.

وختم الراعي: “أهليهم يا مريم وأهلينا لأن نجد فيك رجاءنا ومعونتنا وطريق نجاتنا من الشرور، ولأن نبلغ خلاصنا. فنرفع معك نشيد المجد والتعظيم للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد”.
وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).