أختر اللغة
الرئيسية | مقابلات | اللامركزيّة الإدارية وحتى المالية ليست فدرالية
اللامركزيّة الإدارية وحتى المالية ليست فدرالية

اللامركزيّة الإدارية وحتى المالية ليست فدرالية

كتب الصحافي غسان حجار في النهار بتاريخ 11 كانون الثاني 2022

لا نيّة لإصلاح النظام اللبناني رغم كلّ المناشدات والتصريحات في هذا الصدد. قانون الانتخاب عدّل مرات ومرات زمن الوصاية السورية بما يوافق حلفاء النظام السوري الذين مرروا صفقة التجنيس ولم يسع أيّ منهم الى تنفيذ قرار الطعن الذي صدر بحق المرسوم السيّئ الذكر. وربّما أخطأ المسيحيون، بأنهم لم يقاطعوا مجلس الوزراء ويعطّلوه طلباً لتنفيذ إبطال مرسوم التجنيس الذي كرّس التبدّل الديموغرافي العميق بما يناقض مصلحتهم الجماعية.

واليوم يعود الكلام عن اللامركزية الإدارية الموسّعة، وأضاف إليها رئيس الجمهورية كلمة “المالية”. وقد انطلقت عليه حملات عدّة لا تخوّفاً من كلمة “مالية” بل رفضاً لكلّ أنواع اللامركزية الإدارية، إذ يعلم أصحاب الشأن أن التنافس بين المناطق على التنمية والسياحة والتجارة، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة والخدمات العامة والجباية، لن يصبّا في مصلحة الميليشيات الحاكمة التي تعتاش من الفوضى القائمة ومن تقديم الخدمات – التجاوزات على حساب المال العام.

لكن المشكلة أن الذين ينادون باللامركزية اليوم ينطلقون من مذهبية ضيّقة بعدما شعروا بضيق العيش مع الآخر، وطوّروا الدعوة الى الفدرالية، التي يرفضها البعض الآخر لكونها، وفق هؤلاء، شكلاً من أشكال التقسيم. وهم يرفضون اللامركزية أيضاً من منطلق مذهبي ضيّق، إذ يعتبرون أن مناطق جبل لبنان، وبيروت، وطرابلس وصيدا، يمكن أن تتدبّر أمرها من مداخيلها الواسعة، فيما تُحرم مناطق أخرى من الخدمات الحياتية لضعف مداخيلها. والحقيقة أن الأمر ليس على هذا النحو إذا نوقشت الفكرة بتبصّر وحكمة، لا من المنظور المذهبي المناطقي الضيّق.

الى ذلك، فإن التمسّك بالدستور يقتضي العمل على تطبيق هذه اللامركزية الإدارية الموسّعة، إذ نصّت وثيقة الوفاق الوطني في البند الثالث من الباب الثاني (الإصلاحات السياسية) على الآتي:

أ‌- اللامركزية الإدارية

1- الدولة اللبنانية دولة واحدة موحّدة ذات سلطة مركزية قويّة.
2- توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل جميع إدارات الدولة في المناطق الإدارية على أعلى مستوى ممكن تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية حاجاتهم محلياً.
3- إعادة النظر في التقسيم الإداري بما يؤمّن الانصهار الوطني وضمان الحفاظ على العيش المشترك ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات.
4- اعتماد اللامركزية الإداريّة الموسّعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام تأميناً للمشاركة المحلية.
5- اعتماد خطّة إنمائيّة موحّدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحّدة والاتحادات البلدية بالإمكانات المالية اللازمة.

انتهى النصّ الذي أقرّ في الطائف. وتبيّن القراءة الدقيقة فيه، أنه يضمن وحدة البلاد والتنمية المتوازنة، لكن الحسابات النفعية، والفتاوى غير الدستورية، تتحوّل عائقاً دون التطبيق، وتسحب من تحت الأكمة شروطاً تعجيزية أبرزها ربط اللامركزية ببنود أخرى أبرزها إلغاء الطائفية السياسية وطائفية الوظائف وإنشاء مجلس الشيوخ وما إليها من ترابط مشاريع يضمن عدم المضيّ في أيّ منها، إذ إن تكبير الحجر يحول دون القدرة على تحريكه، وهذا ما يحصل فاضحاً عدم وجود أيّ نيّة إصلاحية، بل استمرار في المزايدات والانهيارات.

كل مقال او منشور مهما كان نوعه لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبه

عن ucip_Admin