أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | تتميم مشيئة الله – خواطر يسوعي
تتميم مشيئة الله – خواطر يسوعي
الله خالق كل شيء

تتميم مشيئة الله – خواطر يسوعي

في كتابه ” الإرشاد الروحيّ والحياة بالروح ” ، يعطينا الأب أوليفييه صورة حول كيفية تتميم مشيئة الله . ويقول : إنّ الرغبة في تتميم مشيئة الله على أفضل وجه ممكن ، وهذا إفتراض مسبق أساسيّ في الإرشاد الروحيّ ، تفترضُ هي أيضا طبعًا أن تكون هناك طريقة صحيحة لفهم إرادة الله . ففي أحيان كثيرة نعتبر الحديث عن إرادة الله أمرًا بديهيّا ، دون أن ندرك أننا نسيء فهمه . في الواقع ، ليس من النادر أن نسقطَ على هذا الحديث نظرات وطرقـــا مغلوطة لنعيش العلاقة بين الله والإنسان عيشا عمليّا .

يقوم المرء ، أحيانا ، بحركة رقاص الساعة من طرف إلى طرف آخر ـ فهناك أوّلا الحالة القصوى التي هي حالة الذي ، من وجهة نظر ذاتيّة محض ، يفهم ” تتميم مشيئة الله ” وكأنّ المقصود به “بناء أو تشييد مشيئة الله ” . فهو يطابق بين إرادة الله والحقيقة ، ولكنه يقلّصها ، في الواقع ، بعد ذلك ، حتى إنه يطابق بين ما يشعر به باطنيّا وحقيقته الذاتيّة ، بغض النظر عن العلاقة مع الحقيقة التي تفوق الشخص :

” تصيران كآلهة تعرفان الخير والشر ” تك 3 : 5 . إنّ تجربة آدم وحوّاء تعترض الإنسان في أيّامنا وفي كل زمان ، وتدفعه إلى أن يفسّر الحرية بأنها جواز وعفويّة وإستقلاليّة مطلقة ، لأننا ، مع كوننا نقبل مبدأ ” الحق يحرّركم ” ، نطابق في نهاية المطاف بين ” الحريّة ” و ” حريّتي ” . وفي الأساس ، يقول أوليفييه ، لا نقبل هويّتنا كخلائق ، ولا نقبل أن تُبنى حريّتنا كإستقلاليّة مرتبطة ، وبالتالي ضمن شيء من ” القابليّة للتأثّر ” .

إن تتميم مشيئة الله يعني للإنسان أن يقبل وأن يرتبط بآخر يتخطّاه ، بحقيقة تفوقه ، بكائن مسبق وبمشروع أشمل نحن مدعوّون إلى الإنخراط فيه . فإن بقينا منغلقين في وجهة نظر ذاتيّة محض ، لا يعود هناك أيّ مجال لمسيرة صادقة للبحث عن مشيئة الله ، في الإنقياد للروح والإصغاء إلى الكلمة ، ولا يعود هناك أي مجال أيضا لتمييز روحيّ حقيقيّ لا يمكن تقليصه إلى إدراك للمعطيات الباطنيّة المحض وللمشاعر التي تكون إنفعاليّة أكثر منها روحيّة . وفي أسوإ الأحوال ، تـــُلغى العلاقة نفسها مع الله ويقعُ المرء في موقف إلحاديّ .

في الطرف المقابل ، هناك مَن يقلص ” تتميم مشيئة الله ” ، حتى إنه يطابق بينها وبين ” تتميم مشيئة الله ماديّا ” ، لأنه يشدّد من طرف واحد على المعطيات الموضوعيّة الخارجة عن الإنسان والشخص . وهذا هو الخطأ المقابل للخطإ السابق . ففي مقابل حرية الوثنيّ المفرطة وعشوائيّته ، هناك ، من وجهة النظر هذه ، شرعويّة الفريسيّ . فيريد المرء أن تقوده حقيقةٌ خارجيّة دون أن يصفيها من خلال ضميره كشخص . ويبالَغ في التشديد على إرتباط الإنسان بالله الخالق حتى إنه ينسى انه يتمتع ، بصفته كائنا حرّا ، بإستقلاليّة حقيقية . ويصل عمليّا إلى إنكار حرية الإنسان : فلا ينبعُ ” عمله ” من حياة باطنيّة حقيقية يعيشها شخص يقوم أمام الله كــ ” أنت ” ، كــ ” شخص ” حقيقيّ . ويكون له نظرة آليّة إلى العلاقة الخاصّة بالله أو إلى مخطط الله الخلاصيّ ، وهذا ما يلغي في آخر الأمر مسؤوليّة الإنسان نفسها .

ومن وجهة النظر هذه ، لا يبقى للإنسان إذن إلاّ أن ينفّذ تدبير الله تنفيذا خارجيّا فقط ، مثلَ عامل بسيط يركّب بصبر ٍ ، بواسطة مختلف القطع التي يملكها في كيس ، الفسيفساء التي رسمها الفنان على الحائط مع التعليمات الخاصّة بألوان كلّ قطعة وشكلها ، أو ، بوجه أبسط ، مثل ولد يصوّر على الرسم غير الملوّن في صفحة اليمين من دفتره الملوّن الرسمَ نفسه المطبوع في صفحة الشمال ، وفي هذه الحالة ، لا يحمل الله على محمل الجدّ حريّة الإنسان الذي خلقه هو نفسه حرّا . ولا يريده كمساهم مسؤول في تنفيذ تصميمه وتـــــُقصَر العلاقة بين الله والإنسان إلى علاقة بين شريعة ٍ لا شخصيّة ومخلوق بشريّ يكاد أن يكون محرومًا من عطيّة الحريّة .
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).