أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | جبور الدويهي روائي يحمل أخباراً… ومتعة
جبور الدويهي روائي يحمل أخباراً… ومتعة
جبور الدويهي روائي يحمل أخباراً... ومتعة

جبور الدويهي روائي يحمل أخباراً… ومتعة

لربما الكتابة في عمرٍ متأخّر هي السبب، ولربما النضج الفكري والأدبي، ولربما سلاسة الكتابة أو أسلوبه وهدوءُه ورويّته أو الإنطلاق بالكتابة من مكانٍ من حقيقة وليس من وهم… ولربما كلّ هذه العوامل مجتمعة، أدّت إلى أن ينجح جبور الدويهي بنقل أخباره في روايات حملت المتعة إلى القارئ وحصدت العديد من القرّاء والجوائز.«أنا لستُ روائياً صاحب أفكار بل إنني روائيٌّ صاحب أخبار» يقول الكاتب والروائي جبور الدويهي خلال مقابلة لـ«الجمهورية».

عنوان… بيحكي

يبدأ الحديث مع جبور الدويهي ابن زغرتا، في أحد مقاهي بيروت من عنوان روايته الأخيرة «طُبِع في بيروت». روايةٌ عن شاب ثلاثينيّ ابن قرية جبلية، ينزل إلى بيروت ويجول على عشرين داراً للنشر، ترفض جميعها طباعة مخطوطته.

ويقول الدويهي إنّ هنالك «عنوان بيحكي وعنوان ما بيحكي»، لافتاً إلى أنّ عنوان الرواية يتعارض مع مضمونها وليس كشفاً له فالعنوان الأصح هو «لم يُطبع في بيروت». ولفت إلى أنّ في العنوان إشارة إلى القول «القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ».

لجبور الدويهي الأستاذ الجامعي في الأدب الفرنسي المتقاعد مجموعة قصص قصيرة تحمل عنوان «الموت بين الأهل نعاس، 1990»، وعدد من الروايات، منها: «اعتدال الخريف، 1995» التي حازت جائزة أفضل عمل مترجم من جامعة أركنساس في الولايات المتحدة الأميركية، «مطر حزيران، 2006» التي تُرجمت إلى سبع لغات واختيرت ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2008، «شريد المنازل، 2010» التي اختيرت ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2012 ونالت جائزة «الأدب العربي الشاب» في باريس 2013 و«حي الأميركان، 2015».

يغلب انطباع لدى قارئ روايات جبور الدويهي، أنها حقيقية بكلّ ما تخبره وتحيكه، وفي هذا الإطار يقول الدويهي: «كلّ رواية واقعية تتضمّن إشارات حقيقية فعلية تاريخية، لذلك يصبح الجزء الخيالي فيها قابلاً للتصديق كونه يسقط ضمن معمعة ومجموعة من الوقائع الحقيقية».

قصة البلد والأمكنة

اختار الدويهي أن يخبر قصة بلده وأمكنته وأحواله وجماعاته من خلال «حبكات روائية وشخصيات مبتدعة أُسقطها على هذا الواقع، فتكشف للقارئ ما يعرفه لكنه يحب أن يكتشفه من جديد». ويرى «أننا نحب أن نقرأ عن أشياء نعرفها خلافاً للاعتقاد السائد بأننا نحب أن نستكشف الجديد»، مضيفاً «من الطبيعي أننا نحب أن نستكشف ولكننا نحب أن نزور الأماكن المألوفة والقارئ يحب أن يقرأ رواية عن بلده».

أما كيف يبدأ الدويهي بنسج روايته ومن أين أو ممّ ينطلق؟ يجيب: «لا أبدأ من فكرة عامة، بل من صورة أو موقف أو حدث أحسّ بأنه يحمل إمكانات لصنع رواية، ومن لمحات صور تتطوّر».

ويعتقد الدويهي أنّ «انخراط الأحداث بالشخصيات ينتج معنى، وليس العكس، أي أن يكون لدينا معنى معيّن ونبحث عن «خبرية» لنبرهن هذا المعنى من خلالها»، ويعتبر أنّ «الحكاية تنتج معناها، لذلك آخذ القصة بواقعيتها وأحوالها وتأتي الفكرة من دون أن أبشّر أنا فيها، فأنا لستُ روائيّاً صاحب أفكار بل إنني روائيٌّ صاحب أخبار… وليس عندي ما أبشّر به».

لا يكتب جبور الدويهي إلّا عن الأمكنة التي يعرفها، ويقول «آخذ رواياتي معي، من المكان الذي ذهبت إليه، ومن حيث مررت وعشت شبابي، لذلك أترك انطباعاً في رواياتي أنّ ما أكتبه هو شيء معيوش». أما عن خاتمة الرواية، فيقول «لا يمكن ختم الرواية بطريقة نهائية ففي الحياة مصائر الناس معلّقة لا تنتهي وكذلك الرواية، فهي تختم فصلاً وتفتح غيره».

يشرد قليلاً، ويضيف «توجد «كمالة» لا أعرف ما هي…» روايات جبور الدويهي الأخيرة صغيرة حجماً، رغم كمّ الصور والتخيّلات التي تنقلها إلى القارئ. ويرى الدويهي أنّ «الكتب السميكة لم تعُد صالحة لعصرنا، وإن كانت لدينا الإمكانية أن نكتب رواية نقول فيها ما نستمتع بقوله ونشفي غليلنا بـ200 صفحة مثلاً فلمَ لا نكتفي بذلك؟».

متعة متبادلة

أشرف جبّور الدويهي أخيراً على الدورة الثانية لـ «برنامج آفاق لكتابة الرواية»، التي نتج عنها إصدار 7 روايات للمشاركين المختارين من أكثر من دولة عربية.

ويرشد الدويهي الكتّاب الناشئين، بقوله لهم باستمرار: «إجلبوا معكم حكاية، سيناريو، قصة، خيط، صورة… لا تجلبوا فكرة أو رسالة، فالرسالة تظهر لحالها ويستنتجها القارئ. الأهم أن تبنوا الرواية وأن تخلقوا عالماً متماسكاً».

كما يشدّد على «محاربة المبالغة والحشو والتكرار»، ويقول «يجب أن يجعل الكاتب المكان مرئياً بتفاصيل قليلة، فالإكثار من تفاصيل الوصف إعاقة لخيال القارئ، ولا يمكن للكاتب أن يعطي القارئ ويريه كلّ شيء».

يختصر الدويهي بكتابته، ولغته بسيطة واضحة ومباشرة خالية من الحشو، ويقول «لربما مردّ الاقتصاد والسرعة هو الأسلوب الفرنسي، إذ إنني مزدوج اللغة أقرأ بالفرنسية وأكتب بالعربية». ومن أسس الرواية حسب الدويهي أنه «يجب على الكاتب أن يستمتع خلال الكتابة كي يستمتع القارئ عندما يقرأ الرواية، وتُخلق علاقة انسانية بين الاثنين».

الرواية… لا تغيّر العالم

يعتبر الدويهي أن «لا مقياس محدّداً لمعرفة مدى نجاح الرواية، فالكتب الأكثر مبيعاً ليست بالضرورة الكتب الأكثر قيمة، والعكس صحيح». ويشبّه الكتب بالأشخاص «يوجد كتب أكون فرحاً لأنها تنتظرني في البيت كي أقرأها، كالأصدقاء. فهنالك أشخاص تركضين وراءهم وأشخاص تهربين منهم، وهكذا الكتب والروايات».

لا يؤمن جبور الدويهي بدور للرواية بتغيير العالم أو التنبّؤ بالأحداث، ويعتبر أنّ «الرواية متعة أدبية فنّية تماماً كاللوحة وليست خطاباً سياسياً». ويرى أنّ الرواية تقدّم المتعة والفرح للقارئ الذي «بينبسط عند قراءتها». ويلفت إلى أنّ «الرواية منتج ثقافي فني غايته الإمتاع والإيحاء بأفكار، والرواية من دون خيال تصبح مقالاً أو وثائقياً…»

وعن طرح الرواية موضوعات سياسية أو اجتماعية أو غيرها تحصل راهناً، يلفت الدويهي إلى أنه «خلافاً للاعتقاد السائد فإنّ موضوعات الرواية الأكثر شيوعاً هي المصائر الفردية، فبطل الروائي هو الأساس في غالبية الأعمال، الفرد وطموحاته ورغباته وقدرته على تحقيق نفسه، أما الأحداث الكبرى التي نعيشها فموجودة كخلفية، لكنّ الشخصيات هي التي تصنع الرواية».

يصدر جبور الدويهي رواية كلّ ثلاث سنوات، ويقول أحب أن «آخذ وقتي وأن أتنفس». وبعد روايته الأخيرة «طُبع في بيروت» يخصّص سنة للتأمّل وبعدها سنتين للكتابة. ويكشف أنه يحب أن يمرّ الوقت بهدوء لتتبلور الأفكار، فيسجّل خلال هذه المدة بعض الصور، إلى أن تأتي ذات يوم أوّل جملة ليخطّها، وينسج منها روايته بحبرٍ من متعة تُطبع على الورق وفي ذهن القارئ.
راكيل عتيّق
الجمهورية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).