أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | حين نموت .. أين نذهب ؟ (1) بقلم عدي توما
حين نموت .. أين نذهب ؟ (1) بقلم عدي توما
حين نموت .. أين نذهب

حين نموت .. أين نذهب ؟ (1) بقلم عدي توما

لنْ يكون الجواب بحسب النظرة التي يتداولها الكثيرون الآن ، بمجرّد نظرة  إيمانيّة روحيّة والتي تقول : “من يؤمن بالمسيح ، له الحياة الأبديّة” ،  هذا أمرٌ منتهين منهُ ولا شكّ في مصداقيّته .

لكن، في هذا السؤال نريدُ أن  ننظر إلى الأمر بطريقة ٍ أكثر علميّة وواقعيّة ، ليس فقط روحيّة إيمانيّة –  إن أردنا القول .

يحتلّ الموت في الأدب منزلة مرموقة، ولقد ثأر بذلك لنفسه من الذين  ينكرونه ويعدّونه أمرًا عديم الشأن ، على طريقة أبيقورس الذي قالَ : لا صلة  للموت بالأحياء ولا بالأموات ، لإنه ليس شيء بالنسبة إلى الأوّلين ، ولإن  الآخرين لم يعودوا على قيد الحياة ” . ويثأر من الذين يُخفونه كــ ” فزّاعة  مريعة ” . في الواقع ، لا فائدة من إبعادَ شبح الموت ، إمّا إلى ما هو  عديم الشأن ، وإمّا إلى ما هو مريعٌ . نعرفُ من علم الإجتماع بإنّ الموت  ينادي كلّ المجتمعات البشريّة . ولقد قال جوزيف بيبر : أن كلمة الموت ، في  إحدى صحف أمريكا المرموقة ، لا يجوزُ أن تُطبَع ؛ حتّى مؤسّسات الدفن  الأمريكيّة تسعى ، من خلال أنظمة لغويّة خاصّة ، إلى أن تجتنبَ قدر الإمكان  ذكر الموت . وغيرهم ممّن يدعون الموت ، أمرًا محرّما ، أو أمرًا ماديّا  تافهًا ، أو حتى إلى كبته … الخ  .

سُئل الفيلسوف الصينيّ كونفيشيوس ذات مرّة عن الوت ، فأجابَ سائله : لا  تعلم ما هي الحياة ، فكيف تعلم ما هو الموت ؟ في إجابته هذه ، إشارة واضحة  إلى إرتباط سرّ الحياة بسرّ الموت ، فكلاهما وجهان لعملة ٍ واحدة .

الكتاب المقدّس ، يُشبّه الموت بــ ” اللصّ ” الذي يفاجئنا (رؤيا 3 : 3 )  . بالرغم من كونه حقيقة مؤكّدة فلم نسمعُ أن أحدًا ممّن سبقَنا لم يمُت ،  فلماذا نفاجأ إذا بالموت ؟ وما مصدرُ هذه المفاجأة ؟

بما أنّ الحياة  هي بطبيعتها ، نموّ وترعرع ومسير  دائم إلى الأعلى  والأسمى ، يتحتّم ألا يتوقّف هذا المسير حتى يصلَ إلى المطلق . فكلّما  تقدّم الوجود وأرتفعَ ، من الصعب بل من المستحيل أن يتراجعَ . هكذا تكون  أعلى صور الوجود تقدّما ، أحقّ في الإستمرار من صورها الأدنى . وكما قالَ  العلاّمة الأب اليسوعيّ تيلار دي شاردان ” إن الحياة بمجرّد أن أرتفعتْ إلى  درجة الفكر ، لا يمكنُ إطلاقا أن تستمرّ من أن تطلب الإرتقاء إلى المزيد  من العلوّ ” . هناك مقولة فلسفيّة مشهورة في القرون الوسطى تقول : ” لا  يمكنُ أنْ تكون رغبة الإنسان قائمة على باطل ” .

يقول إيمانويل مونييه ، من روّاد مذهب الشخصانيّة في فرنسا : ” إذا كانت  ذرّة من الحديد أو جزئ من الماء لا يعودان إلى العدم ، بل يستمرّان في  الوجود ، فكيف تريدون لحياة الإنسان ، بكلّ ما فيها من رغبات وحبّ ، بكلّ  ما فيها من أفكار ، كيف يمكنُ هذه الحياة أن تتلاشى تمامًا ؟! ” .

يتبع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).