أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | رسالة حب بقلم صالح علماني
رسالة حب بقلم صالح علماني
حب المراهقة

رسالة حب بقلم صالح علماني

ماريو بينيديتي، كاتب من الأوروغواي، ولد في «بازو دولوس توروس» العام 1926، وتوفي العام 2009 في «مونتيفيديو»، كتب الرواية والشعر والبحث والقصة القصيرة، وغالياً ما اعتبر من الكتّاب النخبويين في أميركا اللاتينية، بل واحد من أهم الكتّاب الذين أنجبتهم اللغة الإسبانية في القرن العشرين. ترجمت بعض أعماله إلى العربية، منها «عشيقات الماضي البعيد» (منشورات طوى)، و«الهدنة» (دار نينوى)

أيتها الآنسة
حضرتُكِ وأنا لم نتعارف من قبل، لكنني أظنّ أنكِ تعرفينني بالرؤية. سأقدّم لك بعض المعطيات: أنا ذلك الشخص مشعث الشعر، ذو ربطة العنق على شكل فراشة وسترة المربعات، من يصعد إلى الحافلة 141 كل يوم قبالة «بييا دولوريس»، والتي تكونين حضرتك قد ركبتِ فيها من موقف «ريفيرا وبروبيوس». هل عرفتني الآن؟ وربما تكونين قد لاحظتِ وانتبهتِ إليَّ؛ فأنا أنظر إليكِ منذ أربع سنوات. في بداية الأمر كنتُ أنظر إليك بحسد، لأنك تأتين جالسة، أما أنا بالمقابل فأكون شبه محمول بين ذراعي ذلك السيد ذي الكرش الذي يصعد معي من المحطة نفسها ويظل يسعل على رقبتي حتى موقف الحافلة عند تقاطع الشارع الثامن عشر مع شارع «ياغواردون». بعد ذلك صرتُ أنظر إليكِ بفضول، طبعاً، لأنكِ لست مثل الأخريات: أنت أكثر بدانة منهن بكثير. وبعد ذلك صرتُ أنظر إليكِ باهتمام متزايد لأني أعتقد، بكل تواضع، أنه يمكن لحضرتك أن تكوني الحلَّ بالنسبة إلي، وأن أكون أنا الحل لك. وسأنتقل إلى الشرح.
أولاً، وقبل كلّ شيء، سأطلب منك بإلحاح ألا تغضبي، لأن ذلك لن ينفع. سوف أشرح الأمر بصراحة وليكن ما يكون. أنت لا تحتاجين، لأن أوضح لك أنني لستُ من يمكن أن يُقال عني أنني شخص وسيم، كما أنك لست بحاجة لأن تخبريني بأنك لستِ ملكة جمال الكون. كلانا يعرف من هو، كلٌّ منا، أليس كذلك؟ إننا ظاهرة! هكذا أود أن أبدأ. حسنٌ، لا تقلقي من هذه الناحية. وإذا كنتُ أتمتع بمزية وجود مثل شائع يقول: «الرجل كالدّب، كلما ازداد قبحاً ازداد جمالاً»، فإنك أنت تخسرين مزية بالمقابل، لوجود مثل آخر، لم يصبح شائعاً ورسمياً بعد، لأن ابن أخ لي هو مَن اخترعه، ويقول هذا المثل: «المرأة البدينة تظل بلا طمأنينة، وبخاصة في يوم الزفاف». لاحظي مع ذلك أن وجهي الذي هو أشبه بوجه صوص مبلل كان يمكن له أن يُعتبر إخفاقاً ذريعاً في أي عصر آخر، بينما كان يمكن لبدانتك أن تتمتع في أزمنة أخرى بشهرة معتبرة. أما في أيامنا هذه بالذات؛ فالعالم محكوم بعوامل اقتصادية، وبمعايير أخرى للجمال كذلك. وصدقيني أن أي نحيفة ممصوصة ــ حتى لو أنها تلبس أرخص بكثير مما تلبسين ــ يكون هذا هو السبب في أن الرجال يفضلونها.
طبعاً، إن للسينما تأثيرها أيضاً، لأن هوليوود قد أُعجبت على الدوام بالنحيفات، أما الآن، ومع انتشار شاشة سكوب العريضة، ربما تكون الفرصة المناسبة قد صارت مواتية لزميلاتك. سأكون صريحاً ونزيهاً جداً معك، سأعترف لك بأنني أنا أيضاً أُفضّل النحيفات؛ ففيهن شيء يُحسّن المزاج ويجعله يصهل في الربيع. ولكن، بما أننا في سياق مصارحات، فإنني أقول لك إن النحيفات يستبعدنني فوراً من تفكيرهن، إنني لا أروق لهن، أترين؟ هل تتذكرين تلك التي لها تسريحة أودري هيبورن، والتي تصعد إلى الحافلة في محطة بوليفار، ويقول عنها فتيان الأمنيبوس إنها «وطنية»، لأنها ملساء تماماً ولا تملك شيئاً بارزاً من الأمام؟ حسن، لقد حاولتُ أن أكلمها ذات مرة، عند مستوى تقاطع شارع ساراندي مع ثابالا، وهناك بالذات وجهتْ إلي ضربة مرفق على الكبد لا يمكن لأي علاج بالكولاجوج أن يشفيه. لا أعرف إذا ما تعرضتِ حضرتك لمشكلة من هذا النوع: يبدو جلياً أنك معجبة بذوي البشرة البيضاء والعيون الخضر. أقول من الجلي لأنني لاحظتُ، بشيء من التمعن، نظرات العجل الرضيع اللعابية التي تخصين بها شخصاً بهذه المواصفات كمن تعاني أمام دافيد. حسناً، لم يوجه إليكِ ذلك الشاب أي ضربة مرفق، ولكنني سجلتُ أنه حين انتبه أول مرة إلى أنك تكرّسين له اهتمامك الموقر، هزَّ كتفيه ولوّح بيده بإيماءة ازدراء تقليدية. وبهذا فإن وضعك ووضعي توأمان.
يقال إن مَن يُواصل يصل، لكننا ــ أنت وأنا ــ واصلنا ولم نصل إلى ما أردناه. وهكذا توصلتُ إلى نتيجة أنه يمكن لحضرتك أن تكوني مناسبة لي، والعكس بالعكس. ألا تخشين من شيخوخة متوحّدة؟ ألا تشعرين بالرعب حين تتصورين نفسك وأنت تحملين على كاهلك ثلاثين سنة أخرى من حكومات باتتيسيي حزب كولورادو، تنظرين إلى المرآة وتتعرفين على تضخم هيئتك التي هي ضخمة منذ الآن، لكنها ستكون أكثر ترهلاً وتهدلاً، مع تجاعيد هنا وهناك، وربما ورم استراتيجي ما؟ ألن يكون من الأفضل في ذلك الزمن المقبل أن نكون أحدنا إلى جانب الآخر، نقرأ معاً الاعلانات التجارية أو نلعب بالورق لعبة القاشوش؟ أنا أرى أنه من المناسب لكِ أن تستغلي شبابك، وأنت تلعبين الآن التمديد الأخير فيه. لا أعرض عليك عاطفة، لكنني أعدُ بأن أرافقك مرة كل أسبوع إلى سينما الحي كيلا تهملي هذه الناحية من نفسيتك. لست أعرض عليك حالة من الرخاء الاقتصادي، ولكن إمكانياتي ليست محدودة جداً بحيث لا تسمح لنا بأيام آحاد مشوقة على الشاطئ أو في حديقة دوردو.
لا أعرض عليك ثقافة واسعة، وإنما قراءة متأنية لمجلة «المختار» التي تشكل اليوم بديلاً لتلك الثقافة، مع أفضلية معتبرة. لديّ أيضاً معارف خاصة بهواية جمع الطوابع (وهذه هي هواية سعادتي) في حال كان لديك اهتمام بهذا النشاط، فإنني أعدك بأنه ستتوافر لنا في هذا الشأن أحاديث مبهجة. وما الذي ستقدمينه أنت لي، فضلاً عن كيلوغراماتك التي أقدِّر قيمتها عالياً؟ أرغب في أن أعرف شيئاً عن حياتك الداخلية، عن تطلعاتك. لقد لاحظتُ أنك تحبين قراءة الملاحق النسائية، أي أنني أشعر بالاطمئنان في ما يتعلق بقلقك الروحي. ولكن، ماذا أكثر؟ هل تلعبين يانصيب كرة القدم، وهل تروق لك بيتزا الفاينا، هل تعجبك الممثلة الكوميدية أوليندا بوزان؟ لا أدري لماذا، ولكن لدي انطباع بأننا سوف نتوافق على أحسن وجه. سأترك هذه الرسالة مع الحارس ليسلمكِ إياها. إذا كان جوابك بالموافقة، فتعالي غداً مرتدية الثوب الوردي المزين برسوم فاكهة، لأنه يناسبك تماماً. وحتى ذلك الحين، يقبّلُ قفازَكِ هذا المحترم المعجب بك.
صالح علماني
السفير

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).