أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | رولا عبدالله.. تقاطعات الحجر والعشق
رولا عبدالله.. تقاطعات الحجر والعشق
تختلف رولا عبد الله في تقديم روايتها الأولى «رقصة المرمر»

رولا عبدالله.. تقاطعات الحجر والعشق

تختلف رولا عبد الله في تقديم روايتها الأولى «رقصة المرمر» عن النصوص التي ألفناها. تدخل بنا مباشرة إلى قرية مهجورة، ومنها إلى معبد منسيّ يتكوّن من أطلال ما تبقى من حضارات عبرت المكان، وتحملنا بصوت راويها المهووس بدراسة الحجر والآثار وما تخفيه الأرض من أسرار إلى عوالم نجهلها.
لا نفرّق بين الحقيقة والوهم في ما يراه الراوي ويرويه، وقد يشعر القارئ أن الرواية من النوع السحري الغرائبي، الذي يبقى عالقاً بين الرموز ومفاتيح تائهة، إلى أن تعود بنا الكاتبة إلى عتبة العشق الذي تنبعث منه الأصوات كلها. رواية تشبه في سحرها كل أساطير الشرق، وفي تقنية كتابتها لوحات سينمائية تقفز بين الخارق والمستحيل والضارب في ألغاز التاريخ.
جمال اللغة
شيء واحد سيجعلنا نتمسّك بخيوط الحكاية من أولها لآخرها وهو جمال اللغة التي بسطت بها عبد الله أمكنتها وفضاءاتها الروائية. لغة سامية، تتماهى مع الشعر الرقيق الحامل ولعاً كبيراً، ومع الحكاية الغريبة التي تبدأ بأسئلة حول تمثال وتنتهي بحثاً عن امرأة شكّلت تفاصيل هوىً جارف.
على مدى 168 صفحة من القطع الوسط، نكتشف روائية طوّعت اللغة لصالح متانة النص، وأطلقت شخصياتها في مسرح الأحداث لتعيش حياة ثالثة بأبعاد عدّة هي وليدة حيوات سابقة لم تكتمل. ثمة معبد يزخر بالرموز والنواويس والأسرار، وثمة تمثال من المرمر، وباحث عن الحقيقة، يبدأ مهمته بالبحث عن أسرار الصخر وينتهي باحثاً عن فهم ألغاز أعماقه المعقدة. وهو في كل رحلته تلك لن يصدق الأصوات التي يسمعها أو التي تنبثق منه حتى يسلك الدرب كاملة نحو جذوره ومنبت قصة حبه. ووسط هذه المعطيات تنمو قصة حب هادئة وجميلة بتداخل يشبه رقصة متقنة بين الماضي والحاضر.
حين يعثر بطلنا على مخطوط غريب في المعبد القديم، يجرُّه مثل خريطة تقود إلى كنز ما، يتشبث به حتى النهاية. ونحن أيضاً نتشبث به لمعرفة السر الذي تخفيه خطوطه وتعاليمه، فنتبع بطلنا ونمسح معه الجنوب اللبناني كله، نقرأه حجراً حجراً، ونكتشف أن ما تخفيه الأتربة والصخور والحجارة أثمن بكثير مما يُروَى في مختصرات التاريخ عنها. ثم تتسع دائرة التركة التاريخية، من الجنوب اللبناني إلى شماله إلى جباله إلى حيث امتدت حضارته على ضفاف البحور والأنهار، وحيث تزاوجت مع حضارات أخرى.
هنا تثبت الرواية بالمفهوم العام ومرة أخرى، أنها وحدها قادرة على نفخ الروح في التاريخ الجامد، وأنها بفرادة غريبة قد تجعل المرمر يرقص والحجر يثرثر والغبار يتشكل من جديد ليأخذ شكل كائن حي.
لبنان القديم
وحين يخمد صوت الرّاوي تسلمنا الكاتبة لرسائل عشقية، تشبه فواصلَ أو تقاطيع تمنحنا فرصة للتفكير في كل فصل من فصول الرواية. تسترسل صاحبة المخطوط في وصف ذلك العشق الجارف. وهو ما نجده أشبه بالخرافة أو الأسطورة، شيء يفوق عقلانية الواقع، ولكنه ماتع ولذيذ مثل أشعار العفة حين يكتشف الإنسان سحر الحب.
في السينما الهوليودية الغرائبية رأيت هذا النوع من الإبداع، ولكن رولا عبد الله تميّزت بكتابة نص روائي لم تهتز جمالياته أبداً وهي تستعرض عبق تاريخ لبنان القديم من خلال آثاره وتمزجه بمكونات أخرى تتعلق بماضي عاشقين وحاضرهما.
نص لا يُمَلّ، سواء بكثافة ما يحويه من عمق أو بجمال لغته، أو بحبكته البنائية الفريدة. وإذ تبهرنا الكاتبة بهذا النتاج كأول عمل لها نتساءل كم دام وقت بحوثها ودراساتها لملء متن نصها بالحقائق؟ وكم احتاجت من الوقت لتكتبه بهذه اللغة الأدبية الرّاقية من دون أن تسقط في شباك اللغة العلمية الجافة؟ ولعلّ الجواب الوحيد الشافي لأسئلة كهذه هو أننا أمام روائية مجتهدة وجادّة، وعمل روائي متمـيز يستحق القراءة والإمعان فيه.
فضيلة الفاروق
السفير

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).