أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | عيد الصليب انتصار الإيمان على الظلم
عيد الصليب انتصار الإيمان على الظلم
الصليب

عيد الصليب انتصار الإيمان على الظلم

إنّ عظمة الانسان لا تُقاس بقوته ولا بثروته المادية ولا بقدراته، بل بالمثال الذي رسمه للناس ومدى تأثير أقواله وأفعاله فيهم. بهذا الإرث الذي تركه لنا السيد المسيح كانت عظمته في أن بذل حياته من أجل الآخرين حتى أعدائه ليصبح فدية العالم وأيقونته الإلهية.
وعندما تُستعاد عملية الصلب وما رافقها من تحدٍ للموت واستهزاء به يُراد فيها التأكيد أنّ الثبات على الأيمان يصنع المعجزات ويحقّق أعلى درجات الفداء.
فبموت الفادي العظيم على الصليب يكون قد سطّر للعالم أعظم تضحية عرفتها البشرية لتغدو فدية العالم.
صنعت مجداً سطرته بالدماء، ونسجت ملحمة حبكتها السماء، هي أيقونة الإله في التضحية والفداء.
إنّ الاحتفال بهذا العيد إنما هو تمجيد للإرادة وقوة الإيمان في تحقيق الهدف الأسمى وهو التضحية بالذات من أجل الآخرين. وعلى هذا المبدأ يحتفل إخواننا المسيحيون في لبنان والعالم بعيد الصليب في الرابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) من كل عام لممارسة إيمانهم العقائدي بالرمز الذي يمثّل جوهر العقيدة المسيحية وأعظم ركن من أركانها.
فبعد أن رفع على الصليب وعُلّق على الخشبة جبَه الموت بلا تردّد، لأنه أدرك أنه بهذا الموت سيعبر الى الحياة الأبدية وقيامته المجيدة.
وقد عبّر القرآن الكريم عن هذا الإشراق النوري والصعود الى الملكوت الأعلى في سورة المائدة بأجمل تعبير عن هذه الحقيقة التي جسّدها السيد المسيح في موته وعبوره الى الحياة الأخرى: (إذ قال الله يا عيسى إني متوفّيك ورافعك إلي ومطهّرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة…).
إنّ الوصول الى الحياة الأبدية يتطلب نيل المعرفة عن المسيحي والابتداء بمسلك حياته وممارسة الإيمان الذي حقّقه بموته الفدائي الذي يحرّرنا من الخطيئة والموت الذي يتأتى عنها للوصول الى السعادة، ولكي ننعم بالسعادة الدائمة يوضح الرسول بطرس السبيل إليها، قائلاً: “المسيح تألّم من أجلكم تاركاً لكم قدوة لتتبعوا خطواته بدقة”.
وفي هذه المناسبة العظيمة التي يحتفل بها إخواننا في الوطن بهذا العيد المشرق والذي يختصر بكلمتين (تضحية وتحرّر) نرى من واجبنا كمسلمين أن نحتفل وإياهم في هذا العيد، لأنّ الديانتين الإسلامية والمسيحية هما من معين واحد: (ولا تجادلوا أهل الكتاب “المسيحيون” إلاّ بالتي هي أحسن إلاّ الذين ظلمُوا منهم وقولوا آمنّا بالذي أُنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون “خاضعين لله”) (الآية 46 – سورة العنكبوت).
أما ما يظهر من اختلاف بين الديانتين في بعض الأمور والمسائل فيجب أن يكون حافزاً يدفعنا الى المزيد من التلاحم والتلاقي والاحترام. وحتى لا ينقطع الخيط الرابط بيننا والتواصل في ما بيننا يبقى الحوار الوسيلة الوحيدة لإزالة كل غموض وإشكال تتعرض له إحدى الديانتين، وهذا ما عبّر عنه وزير الاعلام السابق الدكتور طارق متري في مؤتمر صحافي عقده منذ أكثر من سنة في المركز الكاثوليكي للإعلام عند مناقشة القرار الذي اتخذ في شأن عرض مسلسل السيد المسيح، ومفاده أنّ لكل مؤمن الحق في أن يفسّر إيمانه بنفسه، وأنّ على الآخر أن يحترم تفسير إيمانه وعقيدته، وألاّ يتحدث أحدنا عن دين الآخر بطريقة لا يجد فيها الآخر نفسه وإيمانه وتاريخه وفهمه لعقيدته.
إن هذا العيد بما يمثّل من رمز مقدس في صُلب العقيدة المسيحية يبقى دافعاً مهماً في حياة إخواننا المسيحيين وموجهاً لشعورهم وسلوكهم ويعتبر الحيز المعنوي الأشد حضوراً.
فعلينا نحن المسلمين أن نحترم مقدساتهم، وأن تُحترم مقدساتنا لتبقى بيننا كلمة سواء لنواجه بها التحدي الأكبر الذي يواجهنا بفعل الحضارة المعدنية (آلة الحرب المدمرة).
فعسى أن يصل الحوار بين أتباع الديانتين الى إنقاذ الإنسان – الضحية من هذا الطغيان، وأن ننتصر لكرامته وحقوقه الضائعة، ولنبادر على الأقل لتظهير الأسس والقواعد الإيمانية والاخلاقية الموحدة والعناصر المشتركة في المحتوى الإيماني لكلام الخالق العظيم.
تألمت من أجل شعبك فكنت المخلص، انتصرت على الظلم بإيمانك الأسطوري وحققت الخلود في الملكوت الأعلى، سلام عليك يوم ولدتَ ويوم هزمتَ الموت ويوم فزتَ في الحياة الأبدية.
الصحافي محمد السباعي
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).