أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | في المدرسة… السلامة النفسيّة أهم من العلامات
في المدرسة… السلامة النفسيّة أهم من العلامات
المعلّم... وقلق الرجوع إلى المدرسة

في المدرسة… السلامة النفسيّة أهم من العلامات

القلق، قلّة التركيز، النسيان، الاكتئاب، وحتّى الرسوب كلها عوارض تضرب التلميذ الذي يعاني التنمّر وسخرية أقرانه في المدرسة. ويحمل بعض الأطفال المستضعفين آثار الآلام جراء تعاطي الآخرين معهم طوال حياتهم، فتتدمّر ثقتهم بأنفسهم ويشعرون بالدونية على المدى البعيد وتهدّدهم الأمراض النفسية، وتسكنهم عقدٌ لا متناهية.في إطار الشهر الوطني لمكافحة التنمّر، دعت السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب، إلى مواجهة المضايقات التي يتعرّض لها الأطفال في المدارس. وزارت ميلانيا مدرسة في ولاية ميشغان حيث قالت للتلاميذ: «من المهم أن نختار اللطف والتعاطف». وتابعت: «أحثّكم على إقامة صداقة جديدة.

واسألوا صديقكم الجديد عمّا يحب وعن هواياته كي لا يكون أحدٌ تعيساً أو مضغوطاً وكي يشعر الجميع بالتآلف». وكانت ميلانيا قد تعهّدت خلال الحملة الانتخابية لزوجها الرئيس عام 2016 بأنها ستضع مكافحة التخويف في المدارس في قلب أولوياتها في حال انتُخبت سيدة أولى.

ما هو التنمّر؟

يستهدف تلميذ أو مجموعة تلاميذ في المدرسة شخصاً من بينهم أو أكثر، ويُمطرونه بوابل من السخرية أو يتسلطون عليه بهدف تدميره وإفقاده توازنَه. قد لا يعي الأولاد مدى سلبية وإيذاء سلوكهم هذا، أو يعون جيداً أنهم يجرحون رفيقَهم أو رفيقتهم إلّا أنّ ذلك يُمتعهم ويُضحكهم فيستمرّون غير مبالين بمشاعر الضحية. وقد تُمارَس سلوكيات الاستضعاف المتكرّرة على الضحية لفترة زمنية قصيرة أو طويلة.

الجاني والضحيّة

مَن يسخرون من زملائهم في المدرسة بهدف جرحهم يجدون دائماً لأنفسهم الأعذار. هم يعرفون أنّ الضحية ضعيفة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها أو المواجهة إذ يختارونها من بين الأكثر تهذيباً وهدوءاً. كما يراهنون على أنّ الشهود من التلاميذ لن يفعلوا شيئاً لإنقاذها بل سيضحكون عليها.

ويزداد الوضع سوءاً عندما لا يعي الأهل والمدرّسون خطورة الموقف بدورهم. فغالباً ما يغضّ الأهل والمعلمون الطرف عن تعرّض الأبناء والبنات للمضايقات في المدرسة، معتبرين أنّ الأمرَ «لعب ولاد» وأنّ التدخّل لردعه لا يستحق بذل الجهود: «مش حرزانة».

في المقابل، يشعر التلميذ المُستضعف بالضعف والوحدة أمام واقعه، فيتآكله الاكتئاب والخوف إلى حدّ أن يكره نفسَه والآخرين والمدرسة، ويتراءى له أنه الوحيد الذي يُرشَق بالسخرية لأنّ مستواه الفكري أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو العائلي أو المدرسي… ما دون الآخرين.

كلّ هذا الضغط يهزّ ثقته بنفسه وحبّه للحياة، كما قد ترتجّ علاماته الدراسية وتتهاوى، بينما لا يكون هو فعلياً مُستحقاً للسخرية بل إنّ المتنمّرين مستحقون للتوعية وربّما للعقاب بهدف إيقافهم عن أذيّة الآخرين. علماً أنّ هذه الحالات ليست فردية كما يتخيّل للضحية بل منتشرة في المدارس وخصوصاً بين الفئات العمرية من 10 إلى 14 عاماً.

الحلّ

في خضم الظلم اللاحق بها لا يمكن للضحية أن ترتاح إن لم ترفع الصوت وتتحرّر من كبتها وشعورها بالدونية وتصوّب أصابع الاتهام إلى مَن هم سبب الأذيّة. كما على الأهل والجسم التعليمي التنبّه إلى خطورة التنمّر في المدرسة ومتابعة التلاميذ نفسياً واجتماعياً إذ لا يكفي فقط أن يحصدوا علامات جيدة بينما يتمزّقون من جراء شتّى الاعتداءات.

أخيراً، تنبّهت الحكومة الفرنسية لخطورة التنمّر وأطلقت عام 2015 الخامس من تشرين الثاني يوماً وطنياً لمكافحة المضايقات في المدارس، بينما تخصّص الولايات المتحدة شهر تشرين الأول لهذه الغاية.

الهدف من هذه الأيام والأشهر السنوية تشجيع الضحايا على رفع الصوت والتحرّر من كبتهم، وتوعية المجتمع على أهمية مساعدة هؤلاء الأولاد من قبل الجسم التعليمي في المدرسة والأهل، فلا يتركونهم لمصيرهم، خصوصاً أنّ الإحصاءات في فرنسا تؤكّد تعرّض 700 ألف ولد ومراهق يومياً للعنف اللفظي والجسدي والمعنوي من قبل أقرانهم في مدارس البلاد. ولا يقف هذا العنف عند حدود أسوار المدرسة بل تلاحق المضايقات الضحايا عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
سابين الحاج
الجمهورية

عن ucip_Admin