أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ما معنى ” فقراء الروح ” في التطويبة الآولى من العظة على الجبل .. متى 5 : 3 ؟
ما معنى ” فقراء الروح ” في التطويبة الآولى من العظة على الجبل .. متى 5 : 3 ؟
الجسمانية هو حديقة على سفح جبل الزيتون في القدس الأكثر شهرة كمكان وفقا للأناجيل

ما معنى ” فقراء الروح ” في التطويبة الآولى من العظة على الجبل .. متى 5 : 3 ؟

الطوبى !  هي في الكتاب المقدّس ، تلك الصرخة التي تهنّئ الذي ، بعد أن يكون قد جعل عطايا الله تُثمر ، يختبر للحال نوعًا من السعادة ؛ وهو ، إذا ظلّ أمينـــًا على الطريقة التي اختارها ، سيُعلن بارّا ابان الدينونة الإلهيّة .

يقول الأب جان ديبون حول التطويبات : ” هل حاولتَ أن تصرخ في مدينة أكواخ : ” طوبى للفقراء …. ” ؟ لم أعد أتحمّل سماع إعلان التطويبات في أثناء احتفالاتنا الدينيّة في أيّة مناسبة كانت . فالمسيحيّون الذين يرنّمونها بكثير من قلّة الوعي ، وعلى ألحان دينيّة رائعة ، لا يدركون ما يقولون ؟ ، إنّ التطويبات هي في الحقيقة صرخات ثوريّة ! وها هم يجعلون منها وسيلة للمحافظة على نظام ٍ إجتماعيّ غير عادل … ” .

فعلا ً ، إن ذهبتُ بدوري إلى منطقة ٍ فقيرة جدّا ، تعاني من قلّة الغذاء والدواء والماء ، وقلتُ لهم : ” طوبى لكم لإن يسوع قال هذا الأمر فأفرحوا …. ” ، ما عساني أن أكونَ في هذه الحالة إلا شخصًا لا فهمَ له . وسيؤيّد النظام الجائر الغير العادل ، والظلم الكبير أيضا . ما معنى ” فقراء الروح ” ؟ .

ما هي هذه الإضافة في التطويبة ” الروح ” ؟ . كثيرًا ما نجدُ هذه العبارة في الكتاب المقدّس : عبارة تعريفيّة (اسم أو صفة أو أسم فاعل … ) تُضمّ إلى كلمة رئيسيّة لتلفت نظرنا إلى أنّ هذه الكلمة يجب ألاّ تُؤخذ بمعناها المألوف . فلفظة التعريف ” الروح ” ، تشير إلى أنّ المقصود هو غير الفقر بمعنى ( العَوَز) ، بل الإستعداد الروحي. في التطويبات مَثَل آخر: “طوبى لأطهار القلوب ” . فكلمة ” طاهر ” تعني ما هو نظيف لا لطخة فيه. فالمراد بإضافة كلمة (قلب) ، هو دلالة على أنّ الصورة يجب أن تؤخذ بالمعنى الباطنيّ . فالمقصودُ هو إستعداد الروح .

وعلى نحو ذلك ، يُقال في الكتاب المقدّس ، ولا سيّما في المؤلّفات الحِكَميّة ، عن إنسان أنه ” شامخ الروح ” ، أي متكبّر ، أو ” منخفض الروح ” ، أي متواضع . وكذلك فإنّ “طويل الروح” هو الصبور ، في حين أنّ قليل الصبر هو ” قصير الروح .

فليسَ المقصودُ هنا الفقراء بالمعنى المألوف. ولكن كيف العمل لِنقل مفهوم الفقر هذا إلى صعيد روحيّ ؟ سبق لآباء الكنيسة أن طرحوا هذه المشكلة على أنفسهم ، فقالَ بعضهم إنّ معنى الفقر الروحيّ هو ” التواضع “، وقال بعضهم الآخر إنّه ” الزهد الداخليّ ” بخيرات الأرض . أمّا المفسّرون العصريّون ، فيرفضون عادة هذين التفسيرين ويقترحون تفسيرات أخرى عديدة ليس فيها ما يفرض نفسه !

من حسن الحظّ ، ازدادت الأمور وضوحًا منذ العثور على مخطوطات البحر الميّت في قمران . فقد وردَ فيها ثلاث مرّات عبارة ” عناو روح ” ، أي كلمة ” عناويم ” مع كلمة ” روح ” للتعريف . وقد وردت فيها أيضا العبارة المقلوبة ” روح عناوه ” ، أي ” روح الفقر ” .

توحي كلمة ” عناويم ” العبريّة بصورة ” المنحنين ” أو ” المَحنّيين ” . هذا موقف الضعيف العاجز عن المقاومة والدفاع عن نفسه والمُكرَه على الرضوخ للأقوياء . إنّ كلمة ” فقير ” العربيّة مشّتقة من الأصل ” ف ق ر ” الذي يدلّ على الحاجة . أمّا في اللغة العبريّة ، فالفقير يُعدّ إنسانا مذلولا ، إنسانا عاجزا عن فرض إحترام حقوقه ، فالـ ” عناويم روح ” ، أي فقراء الروح ، هم اناسٌ ينحنون باطنيّا ولا يقاومونَ ولا يتمرّدون ، أناس لهم ” روح عناو ” ، روح فقر ، وهو موقف روحيّ كلّه تواضع وصبر ووداعة . ومن الواضح أنّ آباء الكنيسة ، الذين فسّروا ” عناويم ” بالـ “متواضعين ” ، كانوا على حقّ ، ولكنّهم كانوا عاجزين عن تبرير ِ تفسيرهم . فإنّ عبارة ” فقير الروح ” لا تعني ” المتواضع ” ، لا في اليونانيّة ولا في اللاتينيّة ولا في السريانيّة . فنكون هنا أمام أمر من التقليد يرقى عهده إلى زمن كان العارفون يتقنون فيه العبريّة ، وأمام تقليد قديم لم يُفقد .

بقلم عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).