أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ما هو الحبّ الأصليّ ؟ لاهوت الحبّ والزواج (4)
ما هو الحبّ الأصليّ ؟ لاهوت الحبّ والزواج (4)
الزواج

ما هو الحبّ الأصليّ ؟ لاهوت الحبّ والزواج (4)

الحبّ ، طاقة تحمل السعادة بشرط أن يكون تحت خيمة الله ، أمّا إزاحة الله ، أي عندما يطرد الإنسان من فردوس العلاقة معه ، يسودُ كلّ شيء ، فيفقد مالَه وما ليس له ، وتستقر العدوانيّة بينه وبين العالم ، بينه وبين المرأة ، وبينه بين نفسه ، يفقد حتّى قلبه ، إنها لعنة الحبّ الأصليّ ؟

لكن ، ما هو الحبّ الأصليّ هذا ؟

إنه الحبّ النابع من الحاجة إلى الإكتمال ، من الشعور بنقص ” الضلع ” (تكوين 2 ) . والقصص التي تحكي عن الإتصال الحميم الأوّل ، وعن الإنفصال الأوّل قصص عريقة منتشرة شرقا وغربا . أشهرها قصّة المأدبة لأفلاطون : يقولُ فيها أنّ الرجل والمرأة كانا قطعة واحدة في الأصل تحت شكل دائريّ – والدائرة رمز الكمال – تقول هذه الأسطورة أنّ الرغبة بالحبّ قادمة من ذكرى هذه الوحدة الأصليّة الكاملة ، إنها العودة والرغبة بتكميل نقص عميق . فحسب هذه الأسطورة ، إذا ما سارت الأمور و ” تدحرجَت ” على هذه الأرض كما يرام ، لا يحتاج الإنسان ، في هذه الحالة ، إلى حبّ ولا إلى البحث عن الآخر . هنا لا يوجد عطاء ولا يوجد أخذ ولا تضحية من أجل الحبّ .

الكاتب اليهويّ ، رغم عودته إلى قصّة ” الضلع ” السومريّة القديمة ؛ يتميّز عن هذه الأساطير الشعبيّة التي تقول ، إن رغبة الرجل بالمرأة هي نتيجة ” الثنائيّة والإنفصال ” ، وأن هذا قد حدث بشكل ٍ مقصود ومحتوم ، وأنه جزء من ” مأساة ” الوجود ؛ فالإنسان في عرفِها دائمًا ضحيّة للأقدار (كما تقول ) ، وبما أنّ الحبّ ينتج عنه مصائبْ عديدة ، فالحبّ مأساة ، والأفضل على الإنسان لو لمْ يحبّ ، وأن الفصل بين الجنسين كان سيّئا وناتجــــًا عن حسد الآلهة وغيرتها على البشر .

لكن ، الكتاب المقدّس ، لا يعتبرُ الدعوة إلى الحبّ نتيجة ” قرار إعتباطيّ ” غامض قادم من إله ٍ مجهول مختف ٍ في عزلته ( فإله المسيحيّة والوحي ، هو إله ثالوث – علاقة ) ، بالعكس ، فهو معروف لإنه خلق الإنسان على صورته ومثاله ، ” ذكرًا وانثى خلقهما ” أي أنه وضع فيهما ” سرّه ” هو ، سرّ اختلافه المحيّر ، سرّ الدهشة الطفوليّة .

أختلاف الجنسين إذن ، جزءٌ مكمّل لطبيعة الإنسان قبل سقطته : إنه ذكرٌ وأنثى ” بعكس الله ، ” فليس صالحًا أن يبقى الرجل وحده ” (تك 2 : 18 ) ، فيلقي الله على آدم ” سباتا ” وهو بهذا يكمّل عمل اليوم السادس ، الناقص ، لإن المرأة جزء إيجابيّ من الخلق .

أخذ ” الضلع ” إذن ، قرار سعيد ، لكنّه يخضعُ لقانون الطبيعة والحكمة ، والرغبة التي في آدم ليست ناتجة عن ” العمليّة الجراحيّة ” إنها ناتجة عن محاولة حلّ لرغبة كامنة فيه ، كجزء منه لأنه مجرّد خليقة .

يتحوّل آدم من حياة ” نعسانة ” بدون حبّ .. إلى حياة امتنان دائم للمصير القادم إليه (تك 2 : 22 – 23 ) . قال أحدُ الشعراء : المرأة مستقبل الرجل .

فنومُ آدم ، هو الشلل والغيبوبة التي يخلقها التعب واليأس والقلق ( أش 29 : 10 ، أي 4 : 13 ، ومز 76 : 7 ) . آدم يجهل الحبّ ، ولذلك نراه يغوص في نوم ٍ قاتل لطاقاته ، فعندما لا يعيشُ المرء للآخر ، لهدف من أجل الآخر ، يبقى نائمـــًا ، ولا يستيقظ إلا عندما يعتبره هدية من الله . لقد كان المسكين (آدم – الرجل – أيّ رجل ٍ ) ، قد حاول فعلا ً أن يجد البدليل في الخلائق ، لكنّه لم يتوفّق ، وفجأة يكتشفها ويلتقي بها . لقد عرف ما كان ينقصه ، أنها بالضبط مقاسه حاجته ورغبته .

سنرى لاحقا

الرمزيّة والتعليم الذي في هذه القصّة المدراشيّة .. وسنرى ما معنى ” الترك ” الذي يريده وأراده يسوع عندما قال : يترك الرجل أباه وأمّه ….. ” الموضوع ممتع ويستحقّ القراءة ، وسترون أنه ليس موضوعًا فلسفيّا ولاهوتيّا صعبًا .. فكونوا معنا دائمًا .

بقلم عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).