أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | محمد السماك: وظلم المسيحيين!
محمد السماك: وظلم المسيحيين!
محمد السمّاك

محمد السماك: وظلم المسيحيين!

لم أفاجأ بما نشره الدكتور محمد السماك في “النهار” يوم الاربعاء 2014/7/9 تعليقا على حكم المحكمة العليا في كوالالمبور، عاصمة ماليزيا، القاضي بمنع المسيحيين الماليزيين من استعمال كلمة “الله” في منشوراتهم وعظاتهم. ولم أستغرب جرأته في تسفيه ما اجتهدت به المحكمة، وفي عرضه مجموعة من الآيات القرآنية التي تدعم رأيه، وتثبت “لا دينية” الحكم، ولا شرعيته ولا فقهيته.
فمعرفتي بالاخ العزيز محمد عمرها أكثر من أربعين عاما، وقد جمعتنا الصحافة في بلاط جلالتها، حيث الاتساع الرحب لتبادل الآراء، وتضاربها، وتناغمها، دونما تكفير وتحريم وتحليل للقتل والتمثيل بالقتلى. ودونما رفض للآخر المختلف ونكران وجوده وتجاهل كيانه الانساني وحقه الطبيعي في أن يكون مختلفا عنّا، ومخالفا لنا في عقائدنا وديننا وسبل حياتنا. وإني لأشهد بأن محمداً كان قدوة ومثالاً في التهذيب، والخلق الرفيع، وسعة الثقافة، وعمقها، وفي رحابة الانفتاح على الحوار، ونبذ التعصب على أنواعه، وفي المقام الاول، التعصب الديني الذميم. وليس من عبث جاء اختياره ليكون أحد أركان “هيئة الحوار المسيحي – الاسلامي” داخل لبنان وفي غير محفل دولي.
وإذ أقدّر جر
أته في التصدي لهذا الحكم غير المعقول، وغير المقبول، دينيا وانسانيا وأخلاقيا، لا يسعني إلا أن أتساءل باستغراب: أين هي أصوات جماعة الفقه والشرع والفتاوى، من المسلمين في طول الدنيا وعرضها تصرخ مع صوت هذا اللبناني المسلم، المؤمن، الواعي الشجاع، المنفتح، القارئ الفاهم للقرآن، والمفسر الخبير بآياته وأحكامه؟

أين الازهر ومشيخته وعلماؤه؟ أين هم يتصدون لمن أساء الى الاسلام، واعتدى على آيات القرآن ونقض، بفجاجة، ما قالت به وأوصت باعتماده؟ هل نسوا شيخهم الاكبر محمد عبده وتنكروا لأفكاره؟ أين “اتحاد علماء المسلمين” الذي يملأ الدنيا بفحيح فتاواه الخبيثة الناضحة بسمّ التفرقة حتى بين المسلمين أنفسهم، والمحرضة على أن يقتل بعضهم البعض الآخر ارضاء لاخوانية رئيس الاتحاد، المدعو يوسف القرضاوي، المصري المدان في مصر والمحتمي بدنانير قطر والمتنعم بخيرات غازها؟

أين هي دار الفتوى اللبنانية، وأين هو المفتي نفسه الذي حرض الجهلة على التظاهر واقتحام الاشرفية، لأن مخبولا تعيسا نشر في الدانمارك رسما اعتُبر مسيئا للنبي محمد؟ أما أن يصدر حكم من أعلى محكمة مسلمة في دولة تسكنها أكثرية مسلمة يحرّم على الأقلية المسيحية فيها استعمال كلمة “الله”، فلا يحرك دار الفتوى، ولا يثير نقمة المفتي ونصف مواطني بلده هم مسيحيون؟
لست طائفيا، بل لست متدينا تقليديا، وليس في خلفية كلامي أي بذرة طائفية. إني أناقش القضية كانسان يعيش في القرن الحادي والعشرين ويؤلمني، كانسان لبناني، أن يرى هذا الانحدار الفكري والاخلاقي المريع الذي يعيشه بعض الناس في هذه المنطقة وفي العالم الاوسع. لقد كان للكنيسة أخطاؤها، وستبقى لها أخطاء، لكن الواضح والاكيد والثابت بالبرهان والدليل أنها، في مواكبتها التطور والحداثة والمفاهيم الجديدة، تقدم على تصحيح هذه الاخطاء ومعاقبة مرتكبيها ومسبّبيها. أما ما يحدث على الضفة الدينية الأخرى فعكس ذلك بالكامل. فالتعصب الى تعمق. ورفض الآخر الى توسع. والعودة الى انغلاق الماضي وفكره القاصر المتخلف الى ازدهار وانتشار. والتقوقع في مجتمعات مذهبية، وتحريم الاختلاط، وتجنب مواكبة المسيحي ومناسباته. فبابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس “يرفع” الأذان في حاضرة الفاتيكان بينما “علماء” مسلمي القرن الحادي والعشرين، وفي طليعتهم القرضاوي واضرابه وأتباعه، يحرّمون الاحتفال بميلاد المسيح او تهنئة المسيحيين بأعيادهم، ويحرضون على قتلهم وتدمير كنائسهم وأديارهم ومدارسهم وممتلكاتهم، ويطالبون بحرمانهم من تسلّم أي موقع من المواقع الرسمية في الدول الاسلامية. والمصيبة الأوجع هي صمت القبور الذي يرخي بكلكله على أصوات النخبة الفكرية من المسلمين، من جهة، وسيف الارهاب والتكفير المصلت على الرؤوس من جهة ثانية.

كان يقال إن الجهل والعوز المادي والظلم الاجتماعي والطبقي هي مولّدة التطرف والتعصب والعنف. ولكن ماذا يقال اليوم في هذا الحكم الذي اصدره متعلمون ومرفهون مادياً وليسوا مظلومين اجتماعياً أو طبقياً”؟! الحقيقة أن هناك “إشكالاً” ما في مكان ما في مرجع ما يجب أن تعالجه المرجعيات الاسلامية بجرأة وحسم وشمول، وأن تتحمل مسؤولية عملها من دون خوف او تردد وإلا – لا تواخذوننا – تكون هذه المرجعيات موافقة على ما يحصل ومباركة له. وهذا يعني انها تعمل، بمعرفة منها، ومن دون معرفة، على تأليب كل من هو غير مسلم على كل من هو مسلم!!

محمد السماك: حماك الله وبارك فكرك المتنور. واني لثابت على ما كتبته سابقاً بعنوان: “مأساة المسيحيين من العراق الى ماليزيا”، وقلت فيه: “أنا اللبناني المولد والانتماء والولاء. المسيحي الماروني بحسب الهوية الشخصية أعلن: أعطونا حكاماً مسلمين من طينة محمد السماك وعبد الحميد الأحدب، ومبروكة عليكم جميع المناصب الرسمية!”

حكمة أبو زيد
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).