أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مداخلة رئيس المجلس البابوي للعائلة في افتتاح مهرجان العمل 2016
مداخلة رئيس المجلس البابوي للعائلة في افتتاح مهرجان العمل 2016
المجلس البابوي لرعوية المهاجرين والمتنقلين

مداخلة رئيس المجلس البابوي للعائلة في افتتاح مهرجان العمل 2016

بمناسبة افتتاح مهرجان العمل 2016 والذي ينظّمه المجلس الوطني لنقابة مستشاري العمل في جامعة القديس توما الأكويني في روما من الثلاثين من حزيران يونيو وحتى الثاني من تموز يوليو ألقى المطران فينشنزو باليا رئيس المجلس البابوي للعائلة عصر أمس الخميس مداخلة استهلّها بالقول يشكل العمل جزء أساسيًّا من كرامة الشخص البشري ويمكننا أن نستنتج هذا الأمر منذ الصفحات الأولى للكتاب المقدّس عندما نقرأ أن “الرب الإلهُ أخذ آدمَ وأسكنَهُ في جنَّةِ عَدنٍ لِيَفلَحَها ويَحرُسَها” (تك 2، 15). وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة “آدم” تعني رجل وامرأة: “خلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم” (تك 1، 27). لقد أوكل الله حراسة الخليقة والذريّة البشريّة إلى العهد بين الرجل والمرأة. عهد يجد في العائلة تحقيقه الأول ولكن ينبغي عليه أن يمتدّ إلى العائلة البشريّة بأسرها في جميع أبعادها. يكتب البابا فرنسيس في الفصل الأول من الإرشاد الرسولي فرح الحب: “في الوقت عينه، يجعل العمل تطوّر المجتمع ممكنًا، والعناية بالعائلة، واستقرارها، وخصبها: “لِيُبارِكْكَ الرَّبّ مِن صِهْيون فتَرى أُورَشَليمَ وتَنعَمُ بِالخَيرات جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ وترى بَني أَبْنَائِكَ!” (مز 128، 5- 6).
تابع الكاردينال فينشنزو باليا يقول يفتخر الرسول بولس بأنه عاش بدون أن يكون يومًا عبئًا على أحد لأنّه كان يعمل بيديه ليعيل نفسه، لقد كان مُقتنعًا بضرورة العمل وبالتالي وضع قانونًا ثابتًا لجماعاته: “إِذا كان أَحدٌ لا يُريدُ أَن يَعمَل فلا يَأكُل” (2 تسالونيكي 3، 10). من هنا يمكننا أن نفهم كيف أن البطالة وغياب فرص العمل يصبحان ألمًا، تمامًا كما يذكّر يسوع في مثل العملة القائمينَ في السَّاحَةِ بَطَّالين (راجع متى 20، 1- 16). بالتالي فإن واقع أن العمل ينتمي إلى كرامة الشخص البشري كعنصر مسؤول لبناء المجتمع يشكل محور التأمّل المسيحي والذي ذكّرت به خلال السنوات العشر الماضيّة نصوص تعليميّة أساسيّة كالرسالة العامة “من خلال العمل” “Laborem exercens” والرسالة العامة “السنة المئة” “Centesimus Annus”.
أضاف رئيس المجلس البابوي للعائلة يقول عندما لا تسير الأمور على ما يرام في العائلة لا تسير على ما يرام أيضًا في المجتمع؛ لأن العمل يندرج في جوهر التقاطع بين الإنسان والعائلة والمجتمع. وإن فصلنا العمل عن الشخص والعائلة والمجتمع فهذا يعني تعريض الأساسات للاختلال، لأن العمل يشكل جزءًا قاطعًا من مسؤوليّة الرجل والمرأة في حراسة البيئة والإنجاب. وبالتالي ينبغي علينا أن نتنبّه أكثر عندما تظهر أشكال تطوّر وأسواق تضع في المرتبة الثانية كرامة الإنسان وإمكانية تأسيس عائلة وأفق خير الجميع ويكتب البابا في هذا السياق: “هناك شعور عجز عام إزاء الواقع الاجتماعي-الاقتصادي الذي غالبًا ما ينتهي بسحق العائلات […] وغالبًا ما تشعر هذه العائلات بأنّها متروكة بسبب عدم اكتراث المؤسسات وقلّة اهتمامها. فالنتائج السلبية من جهة التنظيم الاجتماعي هي واضحة: انطلاقًا من المشكلة الديموغرافية وصولا إلى الصعوبات التربوية، من صعوبة قبول حياة جديدة إلى اعتبار وجود المسنين كثقلٍ، حتى تفشّي ضيق عاطفي يصل أحيانًا إلى العنف. فمِن مسؤولية الدولة أن تخلق أوضاعًا قانونية وظروفَ عمل لضمان مستقبل الشباب ومساعدتهم على تحقيق مشاريعهم وبناء عائلة” (الإرشاد الرسولي فرح الحب، عدد 43).
لكن الأب الأقدس، تابع المطران فينشنزو باليا يقول، يُعبّر عن قلقه القوي عندما تنقطع العلاقة بين الاقتصاد وتنظيم العمل وحياة الأشخاص والعائلات، وبالتالي يؤكّد البابا في هذا الصدد أن “التنظيم المعاصر للعمل يُظهر أحيانًا نزعة خطيرة تعتبر العائلة عائقًا وثقلاً وخمولاً في إنتاجيّة العمل. ولكن لنسأل أنفسنا: أيّ إنتاجيّة؟ ولمن هي؟ إنّ ما تعرف “بالمدينة الذكيّة” هي بلا شكٍّ غنيّة بالخدمات والتنظيم؛ ولكنّها، على سبيل المثال، غالبًا ما تكون معادية للأطفال والمسنّين. وأحيانًا يهتم من يُخطِّط بإدارة القوّة العاملة الفرديّة فينظّم ويستعمل ويُقصي وِفقًا للحاجة الاقتصادية. العائلة هي مكان كبير للامتحان وعندما يأخذها تنظيم العمل رهينة له أو عندما يعيق مسيرتها، نتأكّد عندها أن المجتمع البشري بدأ يعمل ضدّ نفسه” (البابا فرنسيس المقابلة العامة 19 آب 2015).
فالله قد خلق العمل والعيد، تابع رئيس المجلس البابوي للعائلة يقول، وفي هذا السياق يؤكّد البابا فرنسيس أن “العيد هو ابتكار من الله… فالله نفسه يعلّمنا أهميّة تكريس وقت للتأمّل والتنعُّم بما تمّ فعله بشكل جيّد في العمل… فالعيد إذًا ليس كَسَل الاسترخاء على الكنبة أو فرصة للترفيه السخيف. العيد هو أولاً نظرة محبّة وامتنان للعمل الذي تمّ القيام به بشكل جيّد؛ نحتفل بالعمل… لكنَّ وقت العيد الحقيقيّ يعلِّق العمل المهنيّ، وهو مقدَّس لأنّه يذكّر الرجل والمرأة بأنّهما خُلقا على صورة الله الذي ليس عبدًا للعمل بل السيّد، وبالتالي لا ينبغي علينا نحن أيضًا أن نكون عبيدًا للعمل وإنّما أسيادًا… إنّ هوس المنفعة الاقتصادية وفعّاليّة التقنيّة يعرضان للخطر الأنماط الإنسانيّة للحياة، لأن للحياة أنماطها الإنسانيّة. إنّ وقت الراحة، ولاسيما راحة الأحد، هو مكرّس لنا لكيّ نتمكّن من التنعُّم بما لا يُنتج وما لا يُستهلك وبما لا يُشترى وما لا يُباع. لكنّنا نرى أنّ إيديولوجيّة المنفعة والاستهلاك تريد أن تستحوذ أيضًا على العيد: فيتحول العيد أحيانًا إلى “تجارة” وإلى طريقة لربح المال وإنفاقه. ولكن هل نعمل لهذا الأمر؟ إنّ جشع الاستهلاك، والذي يتضمن التبذير أيضًا، هو فيروس خبيث يجعلنا في النهاية نشعر بالتعب أكثر من قبل، يسيء إلى العمل الحقيقيّ ويستنزف الحياة، وبالتالي فإنّ أنماط العيد المفرطة غالبًا ما تجعل من الشّباب ضحيّة لها” (البابا فرنسيس المقابلة العامة 12 آب 2015). إن العمل هو بدون شك قاطع بالنسبة لكرامة الشخص البشري ولكن لا يمكنه أن يصبح “إلهًا” نضحّي في سبيله بكل شيء، وصولاً إلى المبادئ والمثل والروابط العائليّة، وإنما ينبغي على العمل أن يتناغم مع الأبعاد الأخرى للشخص البشري لكي يسمح بنموّ تلك الأنسنة الشاملة حيث تلعب العائلة والمجتمع دورًا جوهريًّا.
وختم المطران فينشنزو باليا رئيس المجلس البابوي للعائلة مداخلته في افتتاح مهرجان العمل 2016 بالقول نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى ثقافة عمل تتخطّى دعم الدولة المُفرط وتساعد الشباب على الاعتراف بالمعنى البشريّ العميق للعمل وترافق كل عامل في البحث والدفاع عن كرامته، وتواجه بحزم استغلال الضعفاء وتضع على الدوام مسالة العمل في محور الاهتمام المدني. أتمنى لكم أن تقوموا بعملكم على مثال القديس يوسف الأب والعامل وحارس الرجاء في العالم، بالاحترام للقوانين ونظرة بإمكانها أن ترى في العاملين لا مجرّد أعداد وإنما رجال ونساء يتذوّقون، من خلال خبرة العمل، جمال وسعادة التعاون في عمل الآب الخالق.
إذاعة الفاتيكان

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).