أختر اللغة
الرئيسية | لبنانيون من أجل الكيان | نقاش اسلامي للوثائق المسيحية : هل يمكن اللقاء في منتصف الطريق؟
نقاش اسلامي للوثائق المسيحية : هل يمكن اللقاء في منتصف الطريق؟

نقاش اسلامي للوثائق المسيحية : هل يمكن اللقاء في منتصف الطريق؟

كنب الصحافي قاسم قصير في موقع جريدة الامان في 22 كانون الاول 2021

في ظل الازمات السياسية والاقتصادية والمعيشية التي يواجهها لبنان اليوم ، كثرت المؤتمرات والوثائق التي تبحث عن مستقبل لبنان ونظامه السياسي ، وقد اطلقت عدة مؤسسات اسلامية ومسيحية عددا من الوثائق الهامة في سبيل البحث عن كيفية حماية لبنان وتطوير نظامه السياسي.

ومن أهم الوثائق التي اطلقت مؤخرا من قبل عدة مؤسسات مسيحية تنشط تحت اسم ” اتحاد اورو ” وتضم شخصيات اكاديمية واعلامية واجتماعية واقتصادية وثيقة هامة تحت عنوان: ” لبنانيون من أجل الكيان”، وقد أطلقها باسم المعدّين رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان الاب طوني خضرا ، وقد لقيت هذه الوثيقة اهتماما لدى بعض الاوساط الاسلامية ، خصوصا انها تزامنت مع نقاشات وحوارات في الاوساط الاسلامية حول مستقبل لبنان ونظامه.

فماذا تتضمن هذه الوثقية الهامة ؟ وما هي ابرز الملاحظات عليها ؟ وهل يمكن ان تشكل مدخلا لحوار اسلامي – مسيحي حول مستقبل لبنان في مواجهة الطروحات التقسيمية والفيدرالية والمتشددة؟

مبادئ اساسية من وثيقة اتحاد اوروبي

بداية ما هي ابرز النقاط التي تضمنتها وثيقة اتحاد اورو والذي يضم جمعيات مسيحية متنوعة وعددا كبيرا من الشخصيات الاكاديمية والاعلامية والاجتماعية والاقتصادية ، والتي جاءت تحت عنوان : لبنانيون من اجل الكيان .

ابرز ما ورد في هذه الوثيقة النقاط التالية:

أولاً، لبنان دولة واحدة موحدة أرضًا وشعبًا ومؤسسات.

ثانيًا، لبنان جمهورية ديمقراطيّة مؤسسة على الحرية وعلى المشاركة وعلى احترام التعدّدية.

ثالثًا، لبنان دولة قائمة على العيش معًا عبر ميثاقات تاريخية اجتمعت في ميثاق 1943 وأكد الطائف عليها، وأهمها المشاركة في المناصفة بين جناحي لبنان والسيادة المطلقة للدولة تعبيرًا عن التمسك بالعيش معًا والالتزام بالدستور وبالقوانين اللبنانيّة”.

وعن تطوير النظام السياسي في لبنان قالت الوثيقة:

لا يمكن أن تبقى الممارسة السياسية متروكة من دون تحديد صريح دستوريًا، وخصوصًا في موضوع المهل والإجراءات الملزمة. لم يعد مسموحًا بعد اليوم ترك ثغر في الدستور مبهمة أو غير منصوص عليها صراحة،يتطلب هذا الأمر إدخال تفسيرات جديدة أو تحديدًا جديدًا لبعض الصلاحيات حتى تعمل الدولة بتناغم واضح.

كما دعت الوثيقة للاسراع بتشكيل مجلس شيوخ يقوم على صيغة تشاركية وتمثيلية، على أن تعطى له صلاحيات واضحة نراها من وجهة نظرنا بحسب الملف الخاص الذي أعددناه لها.واعلنت انه لا بد من نقاش عميق في موضوع الدولة المدنية، لا من منطلق علماني صرف ولا من منطلق فيدرالية الطوائف، بل من منطلق حدود التعدّد الطائفي وغير الطائفي والمشاركة الوطنيّة وحيادية الدولة بين الطوائف والمجموعات الثقافيّة، واكدت على ضرورة تطبيق اللامركزية الموسعة.

وتبنت الوثيقة الدعوة الى الحياد واعتبرت ان استعادة سياسة الحياد التي نهجها لبنان منذ الاستقلال باتت مطلبًا لا بل واجبًا وطنيًا. لكن استعادتها تحتم أن يدخل الحياد من ضمن الدستور، بعدما ثبت أن حصره في مبادئ السياسية الخارجية وحدها رغم لعبه أدوارًا مهمة، لم يعد يكفي لصون المصلحة اللبنانيّة العليا والاستقرار الداخلي.

ملاحظات ودعوة للحوار

لكن ما هي ابرز الملاحظات على هذه الوثيقة؟ وهل يمكن ان تشكل مدخلا لحوار اسلامي – مسيحي او حوار وطني لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف وتطويره؟.

مصادر اسلامية متابعة للقاءات الحوارية الجارية على اكثر من صعيد لبناني اعتبرت ان ما تضمنته هذه الوثيقة فيه نقاط ايجابية مهمة لجهة رفض التقسيم والفيدرالية والدعوة الى الدولة المدنية والاسراع في تشكيل مجلس الشيوخ مع التمسك باتفاق الطائف والدعوة الى تطوير النقاط الاشكالية ، واما بشأن تبني موضوع الحياد فهو موضوع اشكالي لان هناك ملاحظات عديدة في الاوساط الاسلامية حول هذه الدعوة مما يتطلب المزيد من التفصيل حولها وكيفية تطبيق الحياد في ظل استمرار الصراع مع العدو الصهيوني وكيفية المحافظة على العلاقات المميزة مع الدول العربية ولا سيما مع سوريا وفقا لاتفاق الطائف والاتفاقات الموقعة معها سابقا.

كما ان الوثيقة لا تتحدث عن كيفية مواجهة التهديدات الاسرائيلية وحماية السيادة الوطنية، وكما انها لا تتطرق الى الغاء الطائفية السياسية بشكل صريح مع انها تحدثت عن الدولة المدنية دون تحديد اليات قيامها ، اضافة الى انها اغفلت الحديث عن الهموم الاقتصادية والمعيشية والمالية وكيفية معالجتها.

لكن رغم هذه الملاحظات الاولية فان هذه الوثيقة يمكن ان تشكل مدخلا لحوار اسلامي- مسيحي او حوار وطني شامل واللقاء في منتصف الطريق، وهذا يتطلب من القيمين على اطلاق الوثيقة التواصل مع كل الجهات والمؤسسات التي تعمل من اجل مناقشة مشروع الدولة المدنية او البحث حول مستقبل النظام السياسي في لبنان ، ولا بد من التأكيد اخيرا بان معالجة الازمة اللبنانية اليوم لا يمكن ان تتم من وجهة نظر احادية او عبر املاءات خارجية، بل لا بد من اطلاق مسارات حوارية داخلية فكرية وسياسية واجتماعية واكاديمية وهذا هو الطريق الاقصر لمعالجة الازمة القائمة بديلا عن السجالات والنقاشات الاحادية.

كل مقال او منشور مهما كان نوعه لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبه

عن ucip_Admin