أختر اللغة
الرئيسية | مقالات | هل كثّر يسوع الخبز في الواقع ؟ تكثير الخبز (1)
هل كثّر يسوع الخبز في الواقع ؟ تكثير الخبز (1)
تكثير الخبز

هل كثّر يسوع الخبز في الواقع ؟ تكثير الخبز (1)

صراحة ، علينا أن نكونَ أكثرَ جديّة في طرح المواضيع ، وأخذ الإنجيل  بطريقة ٍ أكثر منطقيّة ، دون أن نضعَ أحكامنا المسبّقة الطفوليّة التي  تعلّمناها أبّا عن جدّ ، أو من التعليم المسيحيّ منذ صغرنا ، يجبُ أن نكسرَ  هذه القوالب المغلقة التي في فكرنا ، وننضجُ إيمانيّا أكثر ، فلا أعتقدُ  أنا ، بإنّ إيماني سيتغيّر أو يصابُ بأذىً إن عرفتُ أنّ يسوع لم يصنع عجائب  .. هل أنتم توافقونني على هذا الرأي؟!  إن كان إيماننا مبنيٌّ على  الأعاجيبْ ، فنحنُ أناسٌ يُرثى لنا فعلا .. !

تكثير الخبز .. لكي يُطعمَ الجمعَ الذي تبعهُ إلى مكان قفر ، كثّر  الخبزات الخمس والسمكتين  ( نحنُ هنا في إنجيل مرقس الإصحاح السادس وسنعتمد  عليه ) . إذن ، ماذا يجبُ أن نفكّر بشأن هذا المشهد ؟

من المؤكّد ، قبل كلّ شيء ، أنّ الرواية الحاليّة قد تأثّرت ” أدبيّا ”  بسابقة من العهد القديم تتعلّق بالنبيّ اليشاع ( 2 مل 4 : 42 – 44 ) . هناك  رجلٌ جاءَ إلى إليشاع بعشرين رغيفا من الشعير ( أنظر يوحنا 6 : 9 ) حيث  الحديث عن خبز شعير أيضا . وهوّذا النبيّ يقول لخادمه : ” أعط ِ القوم  ليأكلوا ” ،  وهكذا أيضا قالَ يسوع لتلاميذه : ” أعطوهم أنتم ليأكلوا ”  مرقس 6 : 37 . ويعترض خادم اليشاع ، نظرًا لكثرة عدد المدعوّين : ” ما هذا ؟  أأضعُ أمام مئة رجل ؟ ” . وهكذا أيضا قال التلاميذ : ” لو أشترينا خبزًا  بمئتي دينار ، لما كفى أن يحصل الواحد منهم على كسرة صغيرة ” (يوحنا 6 : 7 )  . واليشاع ، بقوة الوعد الإلهيّ ، قال للخادم : ” أنهم يأكلون ويفضُل عنهم  ” ، وبالفعل ، تخلص الرواية الى القول : ” فأكلوا وفضلَ عنهم ” . هكذا   الحالُ في مرقس : ” فأكلوا كلّهم حتى شبعوا ، وجمعوا أثنتي عشرة قفّة من  الكِسَر ، أو كما يقول متّى بشكل أفضل : ” ورفعوا ما فضل من الكِسَر ،  اثنتي عشرة قفّة ممتلئة ً ( متى 14 : 20 ) .

يتّضح ، أن يسوع ، وفقا للتقليد الإنجيليّ الأكثرَ قدمًا ، حين كثّر  الخبز ، بدا وكأنّه اليشاع جديد ، لا بل بدا بالتالي بصفة نبيّ . ونعلمُ  أنّ النبيّ هو إنسانٌ أختاره الله ليبلّغ إلينا كلماته وأوامره . فهل هي  مجرّد صدفة أن يكون مرقس قد وضع هذه المقدمة لرواية تكثير الأرغفة . إذ قال  لنا أنّ يسوع ” أخذ يعلّمهم طويلا ” ( 6 : 34 ) ؟ أم أراد بالتأكيد أن  يجعلَ صلة ً وثيقة بين تعليم المسيح وتكثير الأرغفة ؟

ونحنُ نعلم ، أن الخبزَ ، في العهد القديم ، غالبًا ما كان بمثابة ِ رمز  ” لكلام الله أو حكمته ” ، هكذا هي الحال في تث 8 : 3  حين قال الله  للعبرانيين : ” لا بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكلّ ما يخرجُ من فم  الربّ ” ، أو كما توضحه الترجمة السبعينيّة :  ” بل بكلّ كلمة ٍ تخرجُ من  فم الله ” ( اش 55 : 2 ) . فكلام الله ، يغذّي روحنا كما يغذّي الخبزُ  جسدنا .

يتبعُ

بقلم عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).