أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | وَدَاعاً أنبا كيرلس المُطرانُ الجَلِيلُ بقلم القمص أثناسيوس فهمي جورج
وَدَاعاً أنبا كيرلس المُطرانُ الجَلِيلُ بقلم القمص أثناسيوس فهمي جورج
القمص أثناسيوس جورج

وَدَاعاً أنبا كيرلس المُطرانُ الجَلِيلُ بقلم القمص أثناسيوس فهمي جورج

عرفتُك ” حليم ناشد اثناسيوس ” وقد كنت بحق حليماً تنشد الكمال المسيحي ، لذا ستبقى خالداً لتتكلم بعد : بقارورة طيب ناردين سيرتك العطرة ، وسط خوارس رهبان دير البراموس البهي ، تتكلم في ربوع قرى المنيا المجاورة حيث كنت تبيت هناك … منطلقاً من محبستك الضيقة التي سكنتها داخل قلاية أنبا أرسانيوس مطران المنيا وأبو قرقاص الحالي.

سوف تتكلم فى حياة وقلوب الشعب وخدمة الشباب الذين أسستهم هناك ، والذين من بينهم مَنْ تبعوك حيث مضيت إلى حقل خدمتك المختار .
إنك تتكلم بهدوئك ونسكك وفرحك الأبدي، فبالرغم من طرحك للعالم وراء ظهرك ، احتفظتَ بروح الأطفال الصغار ورجعت مثلهم ، عائشاً مسكيناً بالروح ، حيث أشعَّتْ منك إشعاعات السكينة ليس فى أوساط رعيتك فقط بل سَرَتْ من أقاصيها إلى أقاصيها .

عملت عمل الخميرة النشطة بديناميكية عجيبة فى هدوء وسكون ، من دون ضجيج أو افتعال أو دعاية ، لكن عمل الأتقياء الذي خمَّر العجين كله … زارعاً بالدموع والتنهدات وحاصداً بالابتهاج ، معمراً ورابحاً للنفوس والقلوب ثم معمراً ومشيداً للكنائس والأديار عبر القارات … تعمير الفهم المختار والعقل الراجح بالإفراز والدموع التي روت الزرع المثمر وأينعت ثمراً مشهوداً فى السيرة والسريرة، معطياً مجداً وكرامة للثالوث القدوس .

كنت كاتباً حياً وفناناً مبتكراً ، وقد خبرت لاهوت الجمال برؤية رشيقة عبَّرتَ فيها بريشتك عن أعماقك الجوانية ، وما اختلجت فيها من عشق للسيْر على دروب الأولين ، فرسمتَ ديرك الفردوسى العامر ، وسردت سير قديسيه مرسومة بوعي المختبر … وقد خرجتْ قوة عظيمة من هاتين اليدين .

وإنْ كان الشيء بالشيء يُذكر، فقد شاهدتُ نحتك للأربعة كائنات غير المتجسدين بمادة الجبس فى بكور حياتك بالسبعينات .
فيداك المرفوعتان وعيناك الباكيتان ، صارت عنواناً لسيرة ممدوحة ومسيرة نفتخر ونقتدي بها عبر الأجيال ، سواء فى القرية أو المدينة ، فى داخل مصر أو خارجها . مقتفين نموذج سيرتك بالعمل والقول .

إنني أراك ساهراً على قدميك ، متمنطقاً في انتظار الختن . وأراك متجولاً تفتقد وتجمع المتغربين حول القداسات الكيرولسية.. أراك يقظاً فى قلايتك منذ شبابك اليانع مستعداً من أجل هذه الساعة . وكما عشت مختفياً عن الأنظار فى هدوء ودعة ، هكذا كان خروجك نوماً على سريرك باستعداد يدق كجرس للكنيسة كلها ، التي ودعتك بقلوب منفطره متألمة ونائحة لفجيعة فراقك ؛ مثلما حدث عندما مات أنبير ابن نير رئيس جيش اسرائيل ، ورثاه داود النبى قائلاً : ” ألا تعلمون أن رئيساً وعظيماً سقط اليوم فى اسرائيل “.
فقد انتقل اليوم عظيماً بحق فى كنيستنا المجيدة أنبا كيرلس المطران الجليل ، ليكن ذكراه إلى الأبد .

القمص أثناسيوس فهمي جورج

عن ucip_Admin