أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | يسوع حقيقة وإليكم البراهين
يسوع حقيقة وإليكم البراهين
يسوع

يسوع حقيقة وإليكم البراهين

لم يؤخذ موضوع وجود يسوع بجدية منذ 2000 عام لكن ولادته ووجوده شُهد عليهما من مصادر قديمة متعددة، مسيحية ويهودية وعلمانية.

لم يكن للحياة الدنيوية ليسوع الناصري ما يلفت انتباه بعض مؤرخي هذا العصر، التي تُختصر برحلة شاب لم يبن أو يكتب شيئًا ولم يبشر سوى ثلاث سنوات في فلسطين قبل أن يموت على صليب روماني؛ فهذا لم يكن يستحق أن يطبع في التاريخ.

الحياة التي لم يكن ليلاحظها أحد

لم يكن يسوع شخصًا بارزًا أو ملكًا، فهو لم يفعل شيئًا عسكريًا ولم يترك آثارًا باستثناء كفن تورينو وغيره. أما بالنسبة لكتّاب القرن الأول الذين هم رومانيون في الأساس وعددهم لا يفوق العشرين وفقًا للمؤرخ الإنجليزي إدوارد موسغريف بليكلوك، هم مهتمون فقط بالأحداث السياسية الكبرى. وأخيرًا، إن غزو وتدمير القدس من قبل الرومان عام 70 وحقيقة أنه كان لديهم إرادة استئصال جميع آثار المسيحية خلال القرون الثلاثة الأولى، بالكاد تترك فرصة بقاء العديد من الشهادات حول ما حدث في فلسطين في زمن يسوع، وحتى فرص أقل عن حياته.

كتب القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة مع اقتراب الألفية الثالثة سنة 1994: “حقيقة أن يصبح الله واحدًا منا تحققت في أعظم تواضع”. ويضيف قائلًا: “ليس من المستغرب إذًا أن التأريخ العلماني الذي تشغله أحداث أكثر إثارة وشخصيات بارزة، لم يظهر عنه في البداية إلّا تلميحات موجزة لكنها مهمة”.

العهد الجديد: قيمة تاريخية حقيقية

كان لدى يسوع العديد من التلاميذ الذين استعادوا شجاعتهم بعد قيامته وشهدوا بما رأوه وسمعوه على حساب حياتهم. يقدم سبعة وعشرون سفرًا من العهد الجديد جميع المعايير الموثقة تاريخيًا، فيمكن للمرء التضحية بالذات من أجل إيمانه بالحقيقة، لكن لا أحد يقدم حياته من أجل كذبة.

تغطي أسفار العهد الجديد السبعة والعشرون التي كتبها أربعة إنجيليين وخمسة كتّاب حرفيين، من قِبل شهود ومعاصرين، الفترة الزمنية من ميلاد المسيح حتى خدمة الرسل الأوائل. إن رسائل بولس مؤرخة بين سنة 48 و67، أي في فترة كان فيها البالغون معاصرين للمسيح، وبالتالي يمكنهم الرد على صحة هذه الكتابات. بصرف النظر عن بعض التناقضات البسيطة، نجد في هذه الكتابات وفرة من التفاصيل الجغرافية والتاريخية التي تتوافق تمامًا مع بعضها البعض ومجموعة من المعايير الموثوقة تبين أن هذه الشهادات تعود لرجال مخلصين وحسني الاطلاع. هؤلاء الرجال لا يخشون الكشف عن أخطائهم أو نقاط ضعفهم للإبلاغ عما يعرفونه من حقائق. على سبيل المثال، لا يخفون اللوم الذي كان يخاطبهم به يسوع: “أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ” (لو 24:25).

قدم المسيحيون الأوائل حياتهم من أجل هذه الشهادات

يبدو من الصعب الشك في مصداقية هؤلاء الناس الذين قدموا حياتهم لتأكيد حقيقة ما يقولون. ما الفائدة من الكذب؟ لخداع مَن وللحصول على ماذا؟ من المهم أن تضحي بحياتك من أجل الحقيقة لأن لا أحد يقدم حياته من أجل كذبة. والدليل الأكثر تأكيدًا على أنّ وجود يسوع هو حقيقة أن الآلاف من المسيحيين في القرن الأول قبلوا بالمخاطرة واستشهدوا ليسوع المسيح.

شهادة آباء الكنيسة

بالإضافة إلى أسفار العهد الجديد الـ27 التي تقدم لنا معلومات مباشرة عن يسوع وحياته وتعاليمه، هناك العديد من الكتابات الأخرى غير الكتاب المقدس، تدل على تاريخه. والشهادات التاريخية الأولى التي نشير إليها هي تلك التابعة للآباء “الرسوليين” وهم رجال أحيانًا مجهولون، في الفترة التي تلت وجود الرسل مباشرة. نجد على سبيل المثال رسائل كليمنت الأول (متعاون مع القديس بولس)، وإغناطيوس الأنطاكي (التلميذ المحتمل لبطرس ويوحنا)، وبوليكاربوس (تلميذ الرسل الذين سمّوه أسقف)، وهي تعلق على الكتب المقدسة وتنير المجتمعات المسيحية عن مختلف التعاليم التي علمها يسوع إلى التلاميذ الأوائل. وبالنسبة إلى هؤلاء وإلى والجيل التالي بأسره من المؤلفين الكنسيين من القرن الثاني إلى القرن السادس، المعروفين باسم “آباء الكنيسة” مثل يوسابيوس القيصري، إيرينيئوس، أوريجانوس، ترتليان، لا شك في أن يسوع هو شخصية تاريخية وتمسكوا بتعاليمه بشدة. أما بالنسبة للأسفار المحرّفة (الأبوكريفا) التي تطرح الكثير من المشاكل للمؤرخين بسبب الموثوقية الهشة للتقاليد التي انتقلت فيها، فهي ايضًا لا تشكك في وجود يسوع.

حتى بالنسبة للهراطقة، وجوده مؤكد

بالإضافة إلى هذه المصادر التي تقدم شهادة بالبدايات المبكرة للكنيسة بعد وفاة يسوع، تذكر كتابات غير مسيحية أخرى في العالم القديم شخص يسوع دون التشكيك في وجوده. هذا هو حال اليهود الذين قاتلوا الكنيسة منذ البداية. ويتحدث التلمود، وهو عبارة عن مجموعة من التقاليد الشفهية اليهودية كُتبت في القرن الرابع، عن يسوع في عدة أماكن، قائلًا أنه وتلاميذه قاموا بمعجزات عن طريق السحر، من دون استحضار فرضية أنه لم يوجد ويؤكد هذا التلمود البابلي صلب يسوع عشية عيد الفصح.

ذكر يسوع أيضًا من قبل المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس في القرن الأول، والذي أصبح لاحقًا مواطنًا رومانيًا وهو يستحضر يسوع و”أخاه” جاك في تاريخ الشعب اليهودي. ويتحدث هذا المعاصر أيضًا عن “يسوع صانع العجائب” الذي أُدين بالصليب.

أقوال المؤرخين اليهود والرومان

ذكر الفيلسوف الأفلاطوني سيلسوس أيضًا يسوع، وهو يهودي روماني كتب “الخطاب الصحيح” شن فيه هجومًا عنيفًا على المسيحية في القرن الثاني. فكتب: “أنتم تقدمون شخصية انتهت بموت بائس وحياة سيئة السمعة كصورة لله”. يمكن أن نشير إلى ثلاثة شهود رومانيين، ليسوا مادحين له كاليهود، ولكن لديهم ميزة تقديم أدلة أخرى على وجود يسوع: الحاكم الروماني بلينيوس الأصغر في حوالي سنة 122 بعد يسوع، المؤرخ تاسيتس الذي يعتبر الأكثر دقة في العالم القديم ويتحدث عن وفاة يسوع في سجلاته المكتوبة في حوالي سنة 115 وسويتونيوس سنة 125، الذي يذكر المسيحيين في “حياة القايصرة الإثنا عشر” ويقول: “طرد كلوديوس يهود روما الذين تسببوا في اضطرابات دائمة بتحريض من المسيح”.

ولكن أيضًا الإغريق والسوريون

نلاحظ أيضًا شهادة للكاتب الساخر اليوناني لوقيان السميساطي سنة 125-192، يقول فيها إنه تم تكريم المسيح في فلسطين ثم صُلب بعد أن قدم ديانة جديدة للناس، وأنه “المشرع الأول” للمسيحيين و”السفسطائي المصلوب” الذي يتبعون قوانينه (موت برجرينوس 11-13).

نضيف أيضًا نصوص طاليس الوثنية وهو مؤرخ المسيح المعاصر الذي ذكر الكسوف الذي حدث خلال صلب المسيح ثم قام الكاتب المسيحي يوليوس أفريكانوس بذكر هذا الحدث عام 220. هناك شهادة أخرى مأخوذة من إحدى الوثائق التاريخية النادرة في القرن الأول أو الثاني التي تم العثور عليها وهي رسالة محفوظة في المتحف البريطاني (مخطوطة سريانية رقم 14658) ، وجهها مارا بن سرافيون السوري عندما كان في السجن إلى ابنه سرافيون، طالبًا منه البحث عن طرق الحكمة. بعد ذكر أسماء سقراط وفيثاغورس، ذكر أيضًا اسم المسيح قائلًا: “ما هي الفائدة التي اكتسبها اليهود من إعدام ملكهم الحكيم؟ تم تدمير مملكتهم بعد فترة وجيزة”. ويؤكد السوري بشكل غير مباشر أنه قد تم الاعتراف بيسوع  كرجل حكيم وفاضل اعتبره الكثيرون ملكًا لإسرائيل وأنه قد مات وقام من خلال تعاليم تلاميذه.

التحديات المتأخرة

إن أفضل دليل على اليقين التاريخي لوجود يسوع هو أنه لم يسبق لأحد خلال ثمانية عشر قرنًا أن شكك في حقيقة وجوده، ولا حتى خصومه أو اليهود أو الرومان أو غيرهم من الوثنيين الذين انتقدوه بعنف. وتختتم الموسوعة البريطانية: “هذه الكتابات المستقلة تُظهر أنه حتى خصوم المسيحية لم يشكوا أبدًا بوجود يسوع”، موضحة: “في نهاية القرن الثامن عشر، وخلال القرن التاسع عشر وصولًا إلى بداية القرن العشرين، كانت تاريخية يسوع، ولأسباب غير كافية، تناقش في مختلف الكتب”.

في القرن السابع عشر، أصبح التاريخ علمًا حقيقيًا، لذلك بدأت في هذه المرحلة تثار الأسئلة الأولى حول وجود يسوع. ولكن في القرون التالية، بدأت الشكوك والمناقشات الفعلية، وأخذ بعض المؤرخون المتطرفون يطورون أطروحات تفيد بأن شخصية يسوع كانت فقط أسطورة.

تم تفكيك أطروحاتهم واحدة تلو الأخرى من قبل المؤرخين المتخصصين مثل تشارلز جينيبيرت، أستاذ تاريخ المسيحية في جامعة السوربون في عام 1933، والذي قال: “لم يهتم العلماء المستقلون بالجهود الجديرة بعلماء الأساطير وأطروحاتهم وبأن لا شيء سيمنعهم من الرضوخ لحقيقة راسخة تكون عضويتها معقولة. فإن حماس غير الكفوء لا يعوض عن هذا الفشل”.

واليوم، المؤرخون متفقون بالإجماع

بعد ثلاثينات القرن العشرين، توقف النقاش بمسألة تاريخ يسوع لفترة مؤقتة، ثم واجهت محاولة جديدة للتحريف في الخمسينات، ولكن سرعان ما خنقها متخصصون في العهد الجديد والمسيحية القديمة الذين لم يقبلوا أيًا من الفرضيات المقترحة.

ويقول المؤرخون اليوم بالإجماع: هناك أدلة على وجود يسوع أكثر من تلك الموجودة لشخصيات تاريخية أخرى مثل يوليوس قيصر المولود قبل المسيح بمائة عام!

أليتيا

عن ucip_Admin