أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | لبنان: عظة صفي 07.12.08
لبنان: عظة صفي 07.12.08

لبنان: عظة صفي 07.12.08

اهاب البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بالشباب المسيحي الانخراط في الجيش وقال: هذا واجب وطني لا بد منه ليبقى الجيش صورة صادقة عن الشعب اللبناني بجميع مكوناته، مؤكدا ان لبنان واحد لجميع ابنائه على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وقال: نأمل في ان تتركوا لاولادكم من بعدكم تفاهما وتعاونا.

فقد ترأس البطريرك صفير قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطران شكر الله حرب، الامين العام للمدارس الكاثوليكية الاب مروان تابت، القيم البطريركي العام الخوري جوزف البواري، في حضور حشد من المؤمنين.
وبعد الانجيل المقدس القى البطريرك صفير عظة بعنوان: لتكن مشيئتك، كما في السماء، كذلك على الارض، تابع فيها الحديث عن شرح الأبانا كما وردت في كتاب قداسة الحبر الاعظم البابا بنديكتوس السادس عشر: يسوع الناصري، في ما يلي نصها:
هناك وجهتان تبرزان على التو من عبارات هذا الطلب. هناك ارادة لله معنا، ومن أجلنا، وهي يجب أن تصبح معيار ارادتنا وكياننا. وان ما يميز السماء هو أن ارادة الله معمول بها دونما تباطؤ، أو بعبارة أخرى حيثما يعمل بارادة الله، هناك السماء. ان جوهر السماء يقوم على التماهي مع ارادة الله، وعلى الجمع بين الارادة والحقيقة. وتصبح الأرض سماء اذا عمل بارادة الله فيها، وبقدر ما يعمل بهذه الارادة، فيما هي تبقى أرضا ، أي القطب المخالف للسماء، اذا خرجت، وبقدر ما تخرج، على ارادة الله. لذلك نطلب أن يكون على الأرض كما في السماء، وأن تصير الأرض سماء.

وقال: ولكن ما هي ارادة الله? وكيف نعرفها? ان الكتاب المقدس يعرض أن الانسان يعرف في أعماقه ارادة الله، وأن هناك شراكة معرفة بين الله والانسان، وهي مطبوعة فينا، ندعوها الضمير (انظر مثلا روم 2: 15) الذي يقول: وهم يظهرون أن عمل الشريعة مكتوب في قلوبهم، فضميرهم شاهد، وأفكارهم تشكوهم تارة، وتارة تدافع عنهم. ولكن الكتاب المقدس يعرف أيضا ان هذه المعرفة المشتركة مع الخالق، والتي أعطاناها عندما خلقنا على شبهه ومثاله، طمرت في التاريخ، و لكنها لم تنطفئ تماما، بل هي تبقى مغطاة بأشكال كثيرة، وأن هناك شعلة متهادية غالبا ما يخشى أن تنطفئ تحت رماد الادعاءات المنقوشة فينا. لذلك كلمنا الله مجددا بكلمات التاريخ التي تتوجه الينا من الخارج، والتي تأتي لمساعدة معرفتنا الباطنية التي هي مقنعة ومحجوبة.
تعليم التاريخ
اضاف: في قلب تعليم التاريخ هذا، نجد في الوحي التوراتي وصايا الله العشر التي أنزلت على جبل سيناء، والتي، على ما رأينا، لم تلغ، أو عرضتها خطبة الجبل كأنها وصية قديمة، ولكنها خلافا لذلك، توسعت لكي تسطع بكل ما لها من عمق وعظمة. وهذه العبارة، لم تفرض، كما رأينا، على الانسان من الخارج. فهي، على قدر ما باستطاعتنا أن نقبلها، تكشف حقيقة طبيعة الله، وتترجم حقيقة كياننا: ان تجزئة وجودنا فكت رموزها لنتمكن من قراءتها ونضعها موضع العمل، ان ارادة الله تأتي من كيان الله : وهي تقودنا بالتالي الى حقيقة كياننا، بانقاذنا من تدمير ذاتنا المرتبط بالكذب.
ولما كان كياننا آتيا من الله، يمكننا،على الرغم من كل الأقذار التي تمسك بنا، سلوك الطريق تجاه ارادة الله. في العهد القديم، ان مفهوم البريء يعني من وجه الدقة هذا: أن نحيا من كلمة الله، وبالتالي من ارادة الله، وأن ندخل شيئا فشيئا في ائتلاف مع هذه الارادة.
وتابع: عندما يحدثنا يسوع عن ارادة الله، وعن السماء حيث تتم هذه الارادة، فهو يقودنا مجددا الى صميم رسالته الشخصية. قال يسوع بالقرب من بئر يعقوب لتلاميذه الذين أتوه بما يأكل: ان طعامي هو أن أعمل بمشيئة من أرسلني .هذا يعني:الاتحاد بارادة الآب هو ينبوع حياته. اتحاد الارادة بالله هو في صميم كيانه. في الطلب من الأبانا، ندرك خاصة صدى حوار جبل الزيتون المقلق: اذا كان ممكنا، يا أبت ، أن تجوز عني هذه الكأس دون أن أشربها، لتكن مشيئتك .عندما نتأمل في آلام يسوع، لا بد من أن نعود الى الصلاة، التي يرينا فيها نفسه البشرية واتحادها بارادة الله.
ان كاتب رسالة الى العبرانيين رأى في الصراع الداخلي في الجسمانية مفتاح سر يسوع . وانطلاقا من هذه النظرة في نفس يسوع، ترجم هذا السر مع المزمور 40. وقرأ هكذا:لم تشأ ذبائح ولا تقادم، لكنك صنعت لي جسدا … وقلت لك: هوذا أنا، يا الهي، لقد أتيت لأعمل بحسب مشيئتك، لأن الكتاب يتكلم عني.ان كل وجود يسوع تختصره هذه الكلمات: أتيت لأعمل بمشيئتك وهكذا فقط يمكننا أن نفهم تمام الفهم العبارة التالية: ان طعامي هو أن أعمل بمشيئة من أرسلني.
اضاف: اذ ذاك نفهم أن يسوع ذاته، بالمعنى العميق والصحيح، هو السماء، وهو الذي به وفيه تعمل ارادة الله تماما. وبالنظر اليه، نكتشف أنه يستحيل علينا أن نكون تماما أبرياء وبما لنا من وسائل: ان موقع الثقل من ارادتنا يبعدنا دائما عن ارادة الله، ويجعلنا أرضا بسيطة. لكنه يقبلنا، ويشد بنا الى العلى، اليه، وبه، وبالاشتراك معه، نتعلم نحن أيضا ارادة الله. في هذا الطلب الثالث من الأبانا، نسأل أن نتمكن من الاقتراب منه شيئا فشيئا، لكي تتغلب ارادة الله على ما في ارادتنا من قوة ثقل، وان يجعلنا قادرين على التسامي الى العلو الذي يدعونا اليه.
الطلب الرابع
أعطنا خبزنا كفاف يومنا: ان الطلب الرابع من الأبانا يبدو لنا كأنه أكثر انسانية من جميع الطلبات. ان الرب الذي يوجه نظرنا الى ما هو جوهري، الى الضروري الأوحد، يحسب أيضا حسابا لحاجاتنا الأرضية ويعرفها. وهو من قال لتلاميذه: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ويدعونا مع ذلك الى الصلاة من اجل طعامنا، وأن نلقي همنا على الله. الخبز هو ثمرة الأرض وتعب الانسان، ولكن الأرض لا تأتي بثمر ان لم تتلق الشمس والمطر من فوق. هذا التآزر بين القوى الكونية الذي يخرج على رقابتنا، يقاوم تجربة كبريائنا التي تهدف الى اعطاء نفوسنا الحياة، وذلك بقدراتنا الذاتية. وهذه الكبرياء تضربنا بالعنف والبرودة. وتنتهي بتدمير الأرض. ولا يمكن الأمر أن يكون غير ذلك، لأنه يقاوم الحقيقة التي هي أننا، نحن معشر الناس، مجبرون على تخطي ذواتنا، وان الانفتاح وحده على الله يفسح لنا في المجال لكي نصبح كبارا وأحرار، وأن نكون ذواتنا. بامكاننا أن نطلب ويجب أن نطلب. ونعرف انه حتى اذا كان بامكان الآباء الأرضيين أن يعطوا أبناءهم العطايا الصالحة عندما يطلبون ذلك اليهم، فان الله لا يرفض الخيور التي وحده بامكانه أن يعطيها.
وتابع: ان القديس قبريانوس، في شرحه الصلاة الربية أشار الى أمرين مهمين في الطلب. وكما أنه أشار الى سعة معنى (نا) في الأبانا فهو يلفت انتباهنا هنا الى أن القضية هي قضية خبزنا. نصلي هنا بالاشتراك مع التلاميذ، وبالاشتراك مع أبناء الله، وما من أحد بامكانه أن يفكر فقط بنفسه. ويتبع هذا عنصر جدي : نصلي هنا من أجل خبزنا، ونحن نطلب اذن الخبز لغيرنا. ومن كان له خبز بوفرة، فهو مدعو الى مقاسمته. ان القديس يوحنا فم الذهب، لدى شرحه الرسالة الأولى الى أهل كورنتس التي تتحدث عن فضيحة ارتكبها المسيحيون أمام أهل كورنتس، يشدد على أن كل لقمة خبز هي لقمة خبز تعود للجميع، انها خبز العالم. ويضيف الأب كلفانباك: كيف يمكننا، ونحن ندعو أبانا على مائدة الرب، ولدى الاحتفال بوليمة الرب في مجملها، أن نعفي أنفسنا من اظهار ارادة لا تتزعزع لتوفير الخبز اليومي لجميع الناس، لاخوتنا. ان الرب، باستعماله صيغة المتكلّم الجمع في الطلب يقول لنا: أعطوهم أنتم ليأكلوا.
اضاف: هناك ملاحظة أخرى للقديس قبريانوس، وهي مهمة. ان من يصلي من أجل الخبز اليومي فهو فقير. ان الصلاة تفترض فقر الرسل. وتفترض أناسا، بدافع من ايمانهم، كفروا بالعالم، وغناه، ومجده، ولا يطلبون من الآن وصاعدا الا الضروري لقيام حياتهم. ان تلميذ المسيح هو على حق بأن يطلب طعامه كل يوم بيومه، لأنه ممنوع عليه أن يهتم بالغد. وغير هذا السلوك يكون سخيفا. كيف نسعى الى أن نعيش طويلا في هذا العالم نحن الذين نرغب في مجيء ملكوت الله فجأة. في الكنيسة يجب أن يكون هناك دائما أناس يتركون كل شيء ليتبعوا المسيح. أناس يكلون أمرهم الى لله، ولجودته التي تقوتنا، أناس يعطون بهذه الطريقة علامة ايمان تهزنا وتخرجنا من فراغنا العقلي ومن ضعف ايماننا. هؤلاء الناس الذين يكلون أمرهم الى لله بحيث لا يبحثون عن أية طمأنينة أخرى، هم أيضا موضوع اهتمامنا. فهم يشجعوننا على أن نكل أمرنا الى لله، ونعتمد عليه في تحديات الحياة الكبرى. وفي الوقت عينه، هذا الفقر الذي يهدف الى تلمس وجه الله وملكوته، هو أيضا فعل تضامن مع فقراء العالم، فعل خلق، على مدى التاريخ، تقييما جديدا وروح خدمة جديدة والتزاما تجاه الآخرين.
وتابع: عندما نصلي الأبانا، فانا نطلب أن تتم مشيئة الله فينا، كما تتم في السماء. وهذا يعني أننا مسلمون بارادة الله الذي هو أب لا يريد لأبنائه الا ما فيه خيرهم. ونطلب في الوقت عينه الخبز كفاف يومنا، وهو ما علمنا أن نكدس الخيور والأموال، بل أن تتم مشيئته فينا. وحسبنا. وهو من قال: اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم ( متى 7:7).
وختم بالقول: قد لفت نظرنا أحد المسؤولين في الجيش اللبناني الى تناقص عدد المسيحيين الذين ينخرطون في الجيش، لذلك انا نهيب بالشباب المسيحي أن ينخرطوا في هذا الجيش، وهذا واجب وطني لا بد منه ليبقى الجيش صورة صادقة عن الشعب اللبناني بجميع مكوناته. الخدمة العسكرية في كل بلدان العالم، واجب وطني لا بد منه للذود عن حياض الوطن لبقائه وازدهاره.
استقبالات
بعد القداس، استقبل البطريرك صفير وفدا من مصلحة معلمي القوات اللبنانية، ثم وفد من مدرسة راهبات القلبين الاقدسين في حارة الراسية – زحلة برئاسة الام غابريال اديب، قدم لغبطته مشروع التربية الدائمة على المواطنة الذي يضم 1600 كتبوا حول لبنان السلام والعدالة في كتاب واحد، ثم الشيخ رشيد الضاهر الذي قدم لغبطته برنامج ترشيحه للانتخابات النيابية .
وأمام وفد من بلدة المتين قال البطريرك صفير:ان الزمن الذي نعيشه هو زمن يجب ان يكون هناك تضامن بين جميع اللبنانيين ولكن اذا وصل الخلاف بين قرية وقرية، وبلدة وبلدة، ومدينة ومدينة فان الامر يكون صعبا جدا، نحن نطلب من جميع اللبنانيين ان يكونوا يدا واحدة وقلبا واحدا في سبيل من يريد ان يستولي على هذا البلد، هذا البلد له اصحابه، وله أهله وله ايضا من يدافعون عنه، وانه سيبقى بلدا واحدا، لبنان واحد لجميع ابنائه على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
اضاف:اذا كان هذا الامر يتعلق بلبنان ككل فانه يتعلق بكل ضيعة وبلدة، ولذلك يجب ان يبقى لكل بلدة خراجها، ولتبقى لها حدودها، واننا نأمل ان تفض هذه الخلافات بالتفاهم والتعاون وان الارض تبقى الارض، ولا احد يأخذها، ولكن الناس يتغيرون ويتبدلون، واننا نأمل ان تتركوا لأولادكم من بعدكم لا خلافات انما تفاهم وتعاون، وهذا ما نسأل الله ان يحققه لكم .
ثم التقى البطريرك صفير وفد حركة لبنان الكيان برئاسة جوزف جعجع وضعه في أجواء تحضيرات الحركة للمرحلة المقبلة لا سيما الانتخابات المقبلة.
ثم وفدا من بلدة عميق ابلغ البطريرك رغبتهم في بناء كنيسة مارونية في البلدة، طالبين البركة.
ومن الزوار ايضا المحرر من السجون السورية ريمون سويدان الذي اطلع البطريرك على الايام التي عاشها، كما قدم لغبطته نسخة من كتاب عن معاناته في السجن يحمل عنوان صرخات موجعة.

جريدة الأنوار 08.12.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).