أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | البابا فرنسيس: احملوا بلسم رحمة الآب الشافي للآخرين وادهنوا به كلَّ جرح وكلّ ذكرى أليمة
البابا فرنسيس: احملوا بلسم رحمة الآب الشافي للآخرين وادهنوا به كلَّ جرح وكلّ ذكرى أليمة
البابا فرنسيس لدى لقائه مهجرين خارج كنيسة في بانغي عاصمة افريقيا الوسطى أمس. (رويترز)

البابا فرنسيس: احملوا بلسم رحمة الآب الشافي للآخرين وادهنوا به كلَّ جرح وكلّ ذكرى أليمة

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء القداس الإلهي في استاد كيايكاسّان في يانغون وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها لقد انتظرت طويلاً قبل أن آتي لزيارة هذه البلاد. كثيرون منكم قد جاؤوا من بعيد ومن مناطق بعيدة وجبليّة، لقد جئت كحاج لأصغي إليكم وأتعلّم منكم وأقدِّم لكم بعض كلمات الرجاء والتعزية.

تابع الأب الأقدس يقول تساعدنا القراءة الأولى من سفر النبي دانيال لنرى محدوديّة حكمة الملك بيلشاصر ومنجّميه. لقد كانوا يعرفون كيف “يسبحون آلهة الذهب والفضة والنحاس والحديد والخشب والحجر” ولكن لم يكُن لديهم الحكمة لتسبيح الله الذي يحمل بين يديه حياتنا ونفسنا. أما دانيال فكان يملك حكمة الرب وكان قادرًا على تفسير أسراره العظيمة.

أضاف الحبر الأعظم يقول يسوع هو المترجم النهائي لأسرار الله، إنّه حكمة الله. يسوع لم يعلِّمنا حكمته من خلال خطابات طويلة أو من خلال مظاهر سلطة سياسيّة أو أرضيّة وإنما من خلال بذل حياته على الصليب. يمكننا أن نقع أحيانًا في فخِّ الاتكال على حكمتنا لكن الحقيقة هي أنّه بإمكاننا أن نفقد بسهولة حسّ التوجُّه. في تلك اللحظة من الأهميّة بمكان أن نتذكّر بأننا نملك أمامنا بوصلة أمينة الرب المصلوب. في الصليب نجد الحكمة التي يمكنها أن تقود حياتنا بواسطة النور الآتي من الله.

من الصليب يأتي الشفاء أيضًا، تابع البابا فرنسيس يقول، هناك قدّم يسوع جراحه للآب من أجلنا، جراح من خلالها شفينا. لا تغيبنَّ عنا أبدًا الحكمة كي نجد في جراح المسيح مصدر كل علاج! أعرف أنَّ كثيرين في ميانمار يحملون جراح العنف المرئيّة والخفيّة. والتجربة تكمن في الإجابة على هذه الإساءات بواسطة حكمة دنيويّة، كحكمة الملك في القراءة الأولى، والتي هي فاسدة. نعتقد أنّه يمكن للعلاج أن يأتي من الغضب والانتقام ولكنَّ درب الانتقام ليس أبدًا درب يسوع.

تابع الأب الأقدس يقول إنَّ درب يسوع مختلف بشكل جذري؛ فعندما قاده الحقد والرفض إلى الآلام والموت أجاب بالمغفرة والرأفة. في إنجيل اليوم يقول لنا الرب إنّه بإمكاننا على مثاله أن نلقى رفضًا وعوائق ولكنّه مع ذلك سيعطينا حكمة لا يمكن لأحد أن يقاومها؛ بذلك هو يتحدث عن الروح القدس الذي بواسطته أُفيضت محبّة الله في قلوبنا. بواسطة عطيّة الروح القدس يجعل يسوع كلَّ فردٍ منا علامة لحكمته التي تنتصر على حكمة هذا العالم، وعلامة لرحمته التي تسكِّن الجراح المؤلمة.

ليلة آلامه، أضاف الحبر الأعظم يقول، قدّم يسوع نفسه لتلاميذه تحت شكلي الخبز والخمر. وفي عطيّة الإفخارستيا نحن لا نعترف بعطيّة جسده ودمه وحسب بل نتعلم أيضًا كيف نجد الراحة في جراحه وكيف نتنقّى من جميع خطايانا ودروبنا الملتوية. بالاختباء في جراح المسيح، يمكنكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء أن تتذوَّقوا بلسم رحمة الآب الشافي وأن تجدوا القوّة لتحملوه للآخرين كي تدهنوا به كلَّ جرح وكلّ ذكرى أليمة. بهذا الشكل ستكونون شهودًا أمناء للمصالحة والسلام اللذين يريدهما الله أن يملكان في قلب كلِّ إنسان وكلِّ جماعة.

تابع البابا فرنسيس يقول أعرف أن الكنيسة في ميانمار تقوم بالكثير لكي تحمل بلسم رحمة الآب الشافي للآخرين ولاسيما للأشد عوزًا. لكن وبالرغم من محدوديّة الوسائل هناك علامات واضحة بأنّ العديد من الجماعات تعلن الإنجيل للأقليات القبائليّة بدون أي إجبار وإنما من خلال الدعوة والقبول. وفي وسط الفقر والصعوبات يقدم العديد منكم المساعدة الملموسة والتضامن للفقراء والمتألِّمين. من خلال العناية اليوميّة لأساقفتها وكهنتها ومكرّسيها وأساتذة التعليم المسيحي ولاسيما من خلال العمل الرائع للـ ” Catholic Karuna Myanmar ” والمساعدة السخيّة التي قدّمتها الأعمال البابويّة الرسوليّة، تساعد الكنيسة في هذا البلد عددًا كبيرًا من الرجال والنساء والأطفال بدون أي تمييز ديني أو إثني؛ ويمكنني أن أشهد أن الكنيسة هنا حيّة وأنَّ المسيح حي وهو هنا معكم ومع إخوتكم وأخواتكم من الجماعات المسيحيّة الأخرى. أشجّعكم على الاستمرار في مقاسمتكم مع الآخرين للحكمة الثمينة التي نلتموها أي محبّة الله التي تنبثق من قلب يسوع.

أضاف الأب الأقدس يقول إنَّ يسوع يريد أن يعطي هذه الحكمة بوفرة. وهو بالطبع سيكافئ جهودكم في زرع بذار الشفاء والمصالحة في عائلاتكم وجماعاتكم وفي المجتمع. إنَّ رسالته، رسالة المغفرة والرحمة، تستعين بمنطق لا يريد الجميع أن يفهموه ويواجه الكثير من العوائق ولكن وبالرغم من هذا لا يمكن لشيء أن يوقف حبّه الذي أظهره على الصليب. إنّه كموجِّه روحي يقودنا بدقَّة نحو حياة الله الحميمة ونحو قلب القريب.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول إنَّ الطوباويّة مريم العذراء قد تبعت ابنها على جبل الجلجلة المظلم وترافقنا في كلِّ خطوة من مسيرتنا الأرضيّة. لتنَل لنا على الدوام النعمة لنكون رسل الحكمة الحقيقيّة ونكون رحماء مع المعوزين، والفرح الآتي من الاستراحة في جراح يسوع الذي أحبّنا إلى أقصى الحدود. ليبارككم الله جميعًا وليبارك الكنيسة في ميانمار وليبارك هذه الأرض بسلامه! ليبارك الله ميانمار!

إذاعة الفاتيكان

 

عن ucip_Admin