أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | الله يرحمك يا بيّي هيك وصّيتني ويا ريت سمعت منّك قبل ما تموت
الله يرحمك يا بيّي هيك وصّيتني ويا ريت سمعت منّك قبل ما تموت
الله يرحمك يا بيّي هيك وصّيتني ويا ريت سمعت منّك قبل ما تموت

الله يرحمك يا بيّي هيك وصّيتني ويا ريت سمعت منّك قبل ما تموت

مات أبي وما زالت كلماته تنبض في داخلي، وصيّته لي ما زالت تتردّد في أعماق قلبي وكأنّه حيّ يرزق اسمعه يكرّرها.

لطالما كنت ناشطة في حقل السياسة وكنت “حاملة السلّم بل عرض”، أعارض جميع الذين لا يتبنّون أفكاري، اقاتل “عل طالع وعل نازل”، أشارك في جميع التظاهرات، ارفع صور الزعيم، تركت جامعتي لسنتين معتقدة انّ دعمي “الزعيم” سؤدّي حتماً الى استقرار البلد وبالتالي يعود كل شيء على ما يرام. لا بدّ من التضحية، التضحية لسنتين، التضحية لسنين، ستؤدي حتماً الى نجاح “خطّتنا السياسي”.

في تلك الفترة، نزل اللبنانيون الى ساحات التظاهرات والمناداة بالحرية، آخرون اعتصموا ونزلوا أيضاً لأهداف أخرى.

في تلك الفترة، عاش لبنان على اصوات المتفجرات، على اخبار الاستشهاد، على الدم.

اليوم، أبي لم يعد موجوداً إلّا في صلواتي، روحه ما زالت معي أمّا جسده فبعيد، لكنّ كلماته ما زالت ترافقني.

قالها، “عند تغيير الأمم احفظي رأسك يا بنتي”، صداها يذكّرني بكلمات يسوع “مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمهم واحد”.

لم يأت يسوع ليقاتل الرومان، لم يأت كزعيم سياسي، لم ينطق بكلمة واحدة غير المحبة، أتى لينقذنا من ضلالنا، من أنانيتنا، من أفكارنا الخاطئة وايديولوجياتنا العقيمة.

اليوم، أندم على الساعات والسنين التي هدرتها على قضايا سياسية لا طعم لها، عاديت الكثيرين، واليوم بعد أن تركت العمل السياسي، عاداني رفاقي ظنّا منهم أني خائنة…غريب، اليوم يعاديني المجتمع كله، لكني سعيدة بمسيرتي الجديدة مع يسوع، بعيداً عن حب زعيم والتصفيق له.

نعم، العمل السياسي عمل سامٍ اذا ما ارتبط بالأصول الحقيقية للسياسة، أن تعمل وتوصل أهدافك ضمن الاطر الديمقراطية، ليس أن يصل ابن الزعيم الى الحكم أو يبقى ذاك الزعيم على كرسيه الى الابد، يغتني، يتنعّم، وأنت تصفّق كلما غيّر اسلوبه وخطابه، المهم أن يبقى الزعيم على كرسيه وأن تبقى أنت في فقرك تعيس.

“عند تغيير الأمم احفظ راسك”، بيبيعوك وما حدن بيسأل عنّك، “ما شفت مين مات”؟

أليتيا

عن ucip_Admin