أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | جريج في افتتاح مؤتمر الاعلام المسيحي في الشرق: لتبني قواعد الحوار بين الأديان والحضارات مطر: لن نسعى لمصير خاص ومنفصل عن المسلمين
جريج في افتتاح مؤتمر الاعلام المسيحي في الشرق: لتبني قواعد الحوار بين الأديان والحضارات مطر: لن نسعى لمصير خاص ومنفصل عن المسلمين
وزير الاعلام رمزي جريج

جريج في افتتاح مؤتمر الاعلام المسيحي في الشرق: لتبني قواعد الحوار بين الأديان والحضارات مطر: لن نسعى لمصير خاص ومنفصل عن المسلمين

افتتح، قبل ظهر اليوم في دير سيدة البير في جل الديب -بقنايا، مؤتمر الاعلام المسيحي في الشرق بعنوان “قضية واحدة ورؤية موحدة” الذي تنظمه مجموعة تيلي لوميار – نور الشرق برعاية بطاركة الشرق.

والتقت، في هذا المؤتمر، وسائل اعلامية مسيحية عاملة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والاردن والاراضي المقدسة ومصر وحضرته شخصيات رسمية وسياسية وروحية واعلامية واكاديمية، وذلك بهدف مناقشة واقع الاعلام المسيحي ومستقبله ووضع شرعة اعلامية مسيحية وتأسيس مركز اعلامي مسيحي جامع.

شارك في جلسة الافتتاح ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بولس مطر، وزير الاعلام رمزي جريج ورئيس مجموعة تيلي لوميار ونورسات جاك كلاسي.

بداية، رحبت مديرة البرامج في نور الشرق ومنسقة المؤتمر ماري تيريز الباشا حنين بالحضور، شارحة رسالة محطة “نور الشرق” “الجامعة لكل المذاهب المسيحية والمعبرة عن رؤيتهم”. واوضحت ان “الهدف الرئيسي للمؤتمر هو السعي لتحقيق اتحاد للاعلام المسيحي في الشرق”.

كلاسي
ثم القى كلاسي كلمة قال فيها: “كشفت دراسات علماء التاريخ عن 7000 سنة من عمر البشرية، ان هناك 300 سنة فقط عاشتها الإنسانية دون حروب، ما يعني انه خلال 6700 سنة لم تتوقف الحروب. وما زالت مستمرة بين معظم الجماعات البشرية من فجر التاريخ حتى اليوم، وهذا دليل على أن العالم لم يعد مقسوما بين شرق وغرب ولا بين شمال وجنوب. عالمنا اليوم مقسوم بين غني ومعدم، بين ظالم ومظلوم، بين واع وجاهل، بين قادر وعاجز”.

اضاف: “في هذه الحروب: استعملت البشرية كل أنواع الاسلحة، بدءا من حجر الصوان الى السكين والخنجر، والسيف والرمح وصولا الى المسدس والرشاش والمدفع والصاروخ، كلها تحت شعار دفاعا عن المعتقدات والحضارات والثقافات. هذه الحروب اليوم باتت تأخذ شكلا جديدا، فلم تعد هناك ضرورة لا للمدافع ولا للصواريخ، حروب اليوم هي عبر التقنيات الإلكترونية، والمنصات الرقمية، وشبكات المعلوماتية، والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والبرامج التشغيلية، الخ….

واشار الى ان “عالم الالكترونيات هذا يتغير ويغير “بسرعة وبخفة” وأحيانا “بخشونة” كل المفاهيم التي تربينا عليها من ثقافة وقيم، ولم يعد سهلا إيقاف هذاالضخ الضخم من الأفكار والأخبار والمعلومات، في وقت نصف سكان الأرض اليوم، يعني 3 مليار ونصف خليقة، يستعملون الإنترنت”.

وقال : “نحن أمام حرب جديدة سلاحها وسائل الإعلام، تشمل كل نواحي تاريخ الإنسان بدءا بالإقتصاد والسياسة مرورا بالثقافة وصولا الى موادنا الإستهلاكية. انت لا تنتج نحن من يطعمك، انت لا تفكر نحن نفكر عنك، انت لا تشتغل نحن من يدفع لك، انت ابق صامتا. يبدو أن العالم ذاهب باتجاه ثقافة واحدة. هذا ما يواجه اليوم كل ثقافة وكل حضارة (سواء كانت وطنية أو كنسية)”.

وأعلن انه “في جلسات العمل لمؤتمرنا سوف نطرح سؤالا كبيرا: كيف سنواجه هذه الحرب الجديدة ونحافظ على ثقافتنا امام هذا الجرف الهائل من خليط معلومات أكثرها غيرمعروف الأصل والإنتماء، تجتاح خصوصياتنا وتعرضها للزوال. امام هذا التحدي ليس لنا إلا خيار من إثنين: اما ان نمشي بإتجاه القبول بالثقافة الواحدة، وعندها لا احد يبكي او يشكي وينتحب على زوال ثقافتنا وحضارتنا، واما نذهب بإتجاه ثقافة المشاركة ونجعل الآخر يفهم ثقافتنا ونحن نفهم ثقافته”.

واكد كلاسي “ان الغاء ثقافة على حساب ثقافة الآخر ممنوع. المهم في جلساتنا هو التنسيق والجمع بين مؤسساتنا الاعلامية لتكون قضيتنا واحدة ورؤيتنا موحدة. سنفكر معا، كيف نصوب الامور سوية ونتفاعل مع بعضناالبعض لنكون منبر ثقافة حرة، يتعاطى في كل الملفات التي لها علاقة بالهوية والثقافة والتقاليد والطقوس والعبادات والآداب والمسرح والموسيقى وحقوق الإنسان”.

وشدد على ان “إيماننا هو كنزنا، إذا بقي كنزنا مدفونا في داخلنا فلن يفيد احدا، لسنا يتامى، لسنا متروكين”. وقال: “من رسالة مار بولس قورنتس 3/22 “كل شيء لكم”، ما يعني: العالم لنا، الحياة لنا، الموت لنا، الحاضر لنا، والمستقبل لنا، “كل شيء لكم” ما يعني ان المسؤولية على عاتق كل شخص وتتطلب منا الإهتمام والعناية بكل ما أوكل إلينا، بكل كائن بشري. بتعبير آخر، لا نريد ان يتحول إعلامنا لوسيلة حصرية لصالح مجموعات خاصة، اي ان كل إعلام يشتغل لخلاص جماعته. نريد إعلاما يشتغل لخلاص الانسان في هذا الكون”.

ورأى “اننا نتلهى ونغرق بفيض من المعلومات و ننسى الرسالة إلتي من اجلها وجدنا”. وقال: “المعلومات شيء والرسالة شيء آخر. الحرف يقتل، أما الروح فتحيي. وهذا يعني ان الرسالة ليست معلومات، الرسالة كلمة حياة”.

اضاف: “كمية المعلومات التي وصلتني البارحة كانت تصل الى جدي في سنة. هذا التنافس على الأسبقية من اجل تحقيق سبق اعلامي، وهذه السرعة في نشر المعلومة مهما كانت، ما هي الا على حساب الحقيقة وسلامة اللغة. الخبر أو المعلومة صح ام غلط لا يهم، كتابة صحيحة او مغلوطة غير مهم، هذا الفيض من المعلومات لا يترك لنا وقتا لا للتفكير ولا للتفسير ولا للبحث. انه يدعنا في فوضى وضوضاء ذهنية وفكرية. للأسف الوصول الى المعلومة غير موثوق أو موثق. صار المتلقي اليوم منتجا إعلاميا، لأنه قادر على ان ينتج ويبث على الإنترنت ما يريد، بالطريقة التي يريدها وساعة ما يشاء”.

وتابع: “أنتم جماعة مليئة بالحيوية والمبادرات، السلام لا ينتصر بجهود تافهة، تنافسوا على الخير لاجل الآخر وليس لاجلك انت فحسب. ما قيمة الشمعة دون الشعلة، وما قيمة الإعلام إن لم يكن للانسان”.

جريج
بعد ذلك، تحدث الوزير جريج فقال: “اذهبوا وبشروا كل الأمم”، هذه الوصية الذي استودعها تلاميذه السيد المسيح، كانت الانطلاقة الأولى لمهمة التبشير بكلمة المحبة حتى نكران الذات من اجل الآخر، وبفعل المحبة حتى الشهادة من أجل الإيمان؛ أو، بعبارة أخرى، كانت الدعوة الأولى إلى اعتماد الإعلام كما صرنا نسميه اليوم، منصة لنشر التعاليم المسيحية. والكنيسة، منذ نشأتها الأولى، لم تعتمد إلا الكلمة منهجا للتبشير والحوار سبيلا للتواصل بين البشر، ما يدفعنا إلى القول ان الرسالة التي نجتمع الآن حولها ضاربة عميقا في جذور المسيحية ومستمرة الحضور منذ القرن الأول حتى اليوم”.

اضاف: “صحيح أن نكسات كثيرة أصيبت بها الكنيسة في سعيها “الحواري”، سواء بين مذاهبها المختلفة، أو بينها وبين غيرها من الديانات. لكن ذلك لم يمنعها عن متابعة هذه المسيرة بلا كلل ولا ملل، وثابرت على مبدأ التواصل مع الآخر واحترامه وقبوله في المحبة. تشهد على هذا المجامع الكنسية المتعاقبة والسينودسات وهيئات الحوار المشتركة، ووسائل الإعلام المتعددة، التقليدية والحديثة، التي اعتمدتها الكنائس المختلفة لإيصال صوتها وأداء دورها”.

وأشار جريج الى “ان الاعلام الديني، بعد ان كان مقتصرا في الماضي على بعض المنشورات والمجلات، قد استفاد في الزمن الحاضر من تطور تكنولوجيا الاتصالات، وبات يستعمل الادوات الحديثة من اذاعات ك”صوت المحبة” ومواقع انترنت ومحطات تلفزيونية ك”نور الشرق” و”تيلي لوميار”، لكي ينقل بالصوت والصورة الثقافة المسيحية المنفتحة على سائر الثقافات. يضاف الى ذلك ان المحطات التلفزيونية السياسية، وغالبيتها مرتبطة بأحزاب سياسية متصارعة، تخصص قسما من برامجها لاحداث دينية هامة كتطويب الام تيريزا مؤخرا او لنقل الاحتفالات الدينية لدى مختلف الطوائف، بحيث يمكن القول ان الاعلام الديني بات حاضرا في حياتنا اليومية في لبنان”.

وقال: “لم يقتصر دور الاعلام المسيحي على نقل المناسبات الدينية، وعلى الوعظ وشرح أصول الدين، وهي أمور ضرورية في ظل غياب التعليم الديني عن المناهج المدرسية، ولكنه تصدى أيضا للمسألة الاجتماعية وعالج من منظور إيماني القضايا الحياتية للانسان المعاصر، ولا سيما قضايا الفقر والاستغلال والتفاوت الطبقي، بحيث ألقى عليها كثيرا من نور المسيح”.

اضاف: “من هذا المنطلق، يجب على الاعلام المسيحي أن يلتزم بمبدأ احترام الآخر، فلا يتحول إلى منبر لزرع التفرقة داخل المجموعات المكونة للوطن، لذلك من الضروري، كما يقول الدكتور جورج صدقة، أن يكون حق الآخر في الاختلاف من المبادىء الأساسية لكل اعلام ديني وأن يكون التعامل مع الآخرين على مبدأ أن لا اكراه في الدين. من هنا فإن وسائل الاعلام الديني مدعوة إلى تبني قواعد الحوار بين الأديان والحضارات وأن تفسح المجال لممثلي الديانات الأخرى لابداء رأيهم”.

وتابع: “اليوم، إذ نجتمع في جلسة افتتاح مؤتمر بعنوان “الإعلام المسيحي في الشرق: قضية واحدة ورؤية واحدة”، فإننا ندرك الأهمية القصوى لهذا الموضوع خصوصا في ظل ما يحيط بنا من ويلات ونكبات دمرت القيم الدينية والانسانية واستباحت الأفراد والجماعات والأوطان، بحيث لم ينج أحد من نار شرها. وهذا يدفعنا الى التشبث بأرضنا وقيمنا وبالدفاع عنها تحقيقا لرسالة المحبة والعيش المشترك التي هي قدرنا جميعا. فالحضور المسيحي في الشرق أصيل أصالة الشرق نفسه. والمسيحيون هم ملح هذه الأرض وخميرتها والنواة التي انبعثت منها واكتملت حولها حضارات المشرق بكل تجلياتها. على أن حضورهم في هذا المشرق مرتبط أساسا بالدور الذي أدوه فيه، منذ مطالع القرن الأول بعد المسيح، مرورا بإسهاماتهم الفعالة في مختلف جوانب الحضارة الإسلامية وصولا إلى مشاركتهم الأساسية في صنع مستقبل الشرق الأوسط”.

وقال: “هنا ينبغي لنا أن نؤكد ما تدعو إليه الكنيسة من وجوب انخراط المسيحيين في الحياة الوطنية، وفي تولي الشؤون العامة كجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في كل أماكن وجودهم. وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بأن الدور السياسي المسيحي. في لبنان على وجه التحديد، يتمثل أولا في مقام رئاسة الجمهورية. من هنا يجب التشديد مع صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي على وجوب المبادرة فورا ودون أي تأجيل إلى ملء الفراغ في السدة الاولى عبر النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يصون وحدة البلد، ويشكل انتخابه صمام أمان وفاتحة لانتظام عمل المؤسسات وباعثا لاستعادة اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا ثقتهم بدولتهم وبمستقبلهم في لبنان. وللاعلام المسيحي في هذا الشأن دور مفصلي إذ لا يمكنه السكوت على انهيار المؤسسات الدستورية وعلى الفساد وعلى انتهاك حقوق الانسان والحريات العامة. ويأتي مثالا على هذا الدور المواعظ الدورية التي يلقيها غبطة البطريرك، التي لا تخلو من المطالبة بملء الشغور الرئاسي وبتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وبمعالجة القضايا الاجتماعية. وهذا الدور يندرج ضمن الاعلام المسيحي الذي يترتب عليه ابراز دور الكنيسة على الصعيد السياسي والاجتماعي”.

واكد “ان الإعلام المسيحي الملتزم قضايا الإنسان بات، حيثما وجد، حاضرا بقوة، للدفاع عن كل مظلوم يعاني من التعدي على حريته أو كرامته أو رزقه أو حقه في الحياة الآمنة السعيدة. وهذا يعيد إلى الشرق الذي تمزقه الحروب والنزاعات وتجتاحه موجات التعصب والحقد الأعمى بعضا من وهج فقده، ومن رحمة غابت عن قلوب قسم من أبنائه. ونحن في هذه السنة المكرسة للرحمة الالهية، نرجو ان تعود إلى مجتمعاتنا روح التسامح والألفة والمحبة المنبثقة من التعاليم السماوية”.

وختم: “أنهي كلامي بما قاله قداسة البابا فرنسيس في رسالته في اليوم العالمي لوسائل الإعلام “ان للتواصل القدرة على بناء الجسور وتشجيع اللقاء والاندماج، وشفاء الذاكرة المجروحة وبناء السلام والتناغم”.

مطر
ثم القى المطران مطر كلمة البطريرك الراعي، فقال: “أولاني صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، شرف تمثيله في هذا المؤتمر الذي تنظمه مشكورة، مجموعة “تيلي لوميير” الشرق العزيزة، والذي دعت إلى عقده تحت رعاية أصحاب الغبطة بطاركة الشرق الكليي الطوبى، وقد أعطته هذا العنوان الرسالة: “الإعلام المسيحي في الشرق، قضية واحدة ورؤية موحدة”. وإني أنقل إليكم جميعا محبة غبطته وبركته الأبوية وأعرب للمجموعة الإعلامية المنظمة والحاضرة في كل مكان وزمان عن وافر تقديره وشكره لما تقوم به في مجال نقل الخبر والفكر المسيحيين إلى كل زاوية من زوايا الأرض، وفي نطاق خدمة البشارة الإنجيلية خدمة جلى تهلل لها الأرض وتبارك لها السماء”.

اضاف: “وإذ أنتم مجتمعون حول الإعلام المسيحي في الشرق، قضية ورؤية، لا بد من أن نذكر التوجيهات الأخيرة لقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، التي يحمل فيها الإعلاميين، لا مسؤولية نقل الحقيقة وخدمتها صافية وموضوعية وحسب، بل أيضا وخصوصا مسؤولية بناء هذا العالم، وبناء ملكوت الله عن طريق المصالحة والمحبة والدعوة إليهما، والتضحية في سبيل الوصول إلى تحقيق مشيئته تعالى، في خلقه وفي عياله. وإنكم حسنا تقولون حيث تؤكدون إن الإعلام المسيحي هو قضية في هذا الشرق وفي كل أنحاء العالم، وهو رؤية في هذا الشرق أيضا كما في العالم بأسره”.

وتابع: “وبما إننا في الشرق نحيا ومن أجله نعمل ونشهد، فإننا اليوم بخاصة صلاة واحدة مرفوعة للسماء، من أجل أن يتوقف هذا العنف المدمر الذي يحرق منطقتنا، ويزرع الموت في قلوب أطفالها وأجسادهم، ويسمر الخوف والهلع في عيونهم؛ كل ذلك لأن وجود الله ينكره الكثيرون وكلمة الله ليست لها آذان مستمعة بما يكفي ولا إرادات تقبل بها وترضى. ومن البديهي القول أيضا إن لا إعلام مسيحيا إن لم يكن إعلاما عن المسيح. فالقضية هي في أن يكون المسيح حاضرا وفاعلا عبر المسيحيين أو لا يكون حضورهم فاعلا ولا معبرا. ففي الشرق اليوم شد للتاريخ نحو الوراء، ورفض عند الناس بعضهم لبعض وحذر من الآخر وخوف من لقياه. ما يجعل الإنسان يرفض الإنسان ويقتله أو حتى يبيده فرديا أو جماعيا بما يندى له الجبين”.

وقال: “ان ذكرنا الشرق، ذكرنا فيه المسلمين مع المسيحيين وتذكرنا تعاليم الإسلام الصافية عن مشيئة الله في خلقه العالم أمما وقبائل، وذلك من أجل أن يتعارف الناس فلا يتقاتلون. أما المسيح فهو الذي أعلن الحب مفتديا للدنيا وعلم ان “ما من حب في الكون أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه من أجل أحبائه”. ونحن كلنا أحباء المسيح. وقد بذل نفسه عن المسيحيين وعن المسلمين وغيرهم على السواء ودعا الناس جميعا إلى أخوة كونية لا حدود لها ولا سدود، وجعل من الكنيسة علامة عن هذه الأخوة بما تقدمه من شهادات عن حقيقة ما تعمل وما تقول. نحن في هذا الشرق قتلنا واضطهدنا أحيانا كثيرة، وما نزال نقتل هنا وفي غير مكان من الدنيا، حتى ان البابا قد أكد ان المسيحيين وحدهم هم اليوم المضطهدون في العالم ولا أحد سواهم يعرف مثل هذا المصير. لكننا في كل ذلك ومن أجل كل ذلك نعمل بيد من أجل إيقاف الظلم وضمان الحقوق لنا ولجميع الناس، وبيد ثانية نشهر راية الحب التي دفعنا من أجل رفعها فوق الآفاق أبهظ الأثمان. هذه هي قضية إعلام المسيحيين، وهو لن يبتعد قيد أنملة عن تحميل المسيح لهم رسالة في أن يكونوا ملح الأرض ونور العالم والخميرة التي لا تجد معناها ولا تبلغ مغزاها ما لم تكن ضمن العجين ليختمر بها العجين كله”.

واكد اننا “لن نسعى في هذا الشرق ولا في العالم إلى أن يكون لنا كمسيحيين مصير خاص ومنفصل عن مصير إخواننا المسلمين أو عن مصير أخواننا البشر في أي مكان. بل نؤمن بأن المصير الشرقي واحد والمصير الإنساني واحد، وبأننا جميعا عاملون من أجل أن يتأمن للكون كله ولساكنيه معا حسن المصير. إنها الشراكة الحق ولبنان قد أدى لهذه الشراكة ويؤدي أثمن الخدمات، حتى انه قد تحول بذاته وبمصيره إلى رسالة لهذه الشراكة وإلى عنوان لها”.

وقال: “هذه هي القضية في الإعلام المسيحي. أما الرؤية، فالحديث عنها يقودنا في النهاية إلى الكتاب المقدس، حيث أن آخر سفر فيه كان سفر الرؤيا للقديس يوحنا الرسول. وفي هذا السفر كلام عن العالم المخلص والمفتدى بدم الحمل، وقد ظهرت جمالاته الخارقة في المدينة المقدسة أورشليم العليا النازلة من السماء وليست الممدودة على الأرض. وقد قال الكتاب فيها، إنها كاملة مكملة وإنها راهجة بالحسن الخالص. وفيها مقاييس الطول والعرض والعلو متساوية، وقد صارت سكنى الله مع شعبه إلى الأبد، وصارت الأنوار فيها لا تعرف الظلمات والأنهار لا تعرف الشح والفرح ساكن في كل القلوب. أليس هكذا نحلم لشرقنا أن يكون؟ أليس هو مهبط الوحي ومنبع الرسالات؟ فلماذا لا يرسم له إلا المصير الأسود؟”.

واكد “ان المطلوب لهذا الشرق أن يولد ولادة جديدة إلى الحب وأن يوسع في قلبه مكانا لروح الله، الذي هو عينه الروح القدس. مطلوب له رؤية جديدة لذاته وللعالم من حوله وأن يحيا من كلمة الحياة، وإذا تجادل أهله فبالتي هي أحسن. ثم لا يجوز لأحد منا أن يعبد الله وحده ثم يعود لينصب ذاته، باسم الله، ديانا ويصدر بحق الناس أحكاما ليست هي أحكام الله. لقد جرب الشرق حكم القساة وفرض المظالم على أنواعها، وصنع الكثير من التباعد بين أهله ومن الحقد الأعمى. فلماذا لا نتطلع نحو الأمام، ونحلم برؤية شرق منزه عن كل ما أصابه سابقا فيصبح شرق العالم وشروق أنواره التي تكحل العيون المشفية من العمى. وإن من علامات هذا الرجاء في أيامنا ما تقوم به “تيلي لوميير” من خدمة مسيحية للشرق والعالم تظهر يوما بعد يوم. إنها خدمة جميع المسيحيين لجميع الناس دون تفرقة ولا تمييز. لقد تخطت كل انقسام مسيحي وقعنا فيه سابقا وما زلنا نجر ذيوله إلى الآن، ووحدت قصدها ورؤيتها باسم الرب يسوع الذي نستقي منه الهدى وهو نور الدنيا وشمس الأقطار. وإلى جانب وهج الحقيقة تطلع من جنبات هذه المحطة قوة هي قوة الحب التي تحرك الدنيا فتحصل الأعجوبة وتتوالى البرامج الإعلامية معها إلى كل الأقطار”.

وختم: “هنيئا لكم هذا اللقاء الذي يحملنا جميعا إلى تبني قضية إعلامنا من جديد وإلى توحيد الرؤية التي يجب أن تكون رؤيتنا لذواتنا ولكنيستنا ولشرقنا، وهي المنبثقة من أنوار المسيح له المجد. وليسدد الله خطاكم في ما أنتم فاعلون ساكبا عليكم في كل حين فيضا سخيا من نعمه وبركاته”.
وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).