أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | غياب المسرحي الكبير منير أبو دبس عن 88 عاماً: معكَ قطعةٌ من عمرنا رحلتْ يا منير
غياب المسرحي الكبير منير أبو دبس عن 88 عاماً: معكَ قطعةٌ من عمرنا رحلتْ يا منير
المسرحي الكبير منير أبو دبس

غياب المسرحي الكبير منير أبو دبس عن 88 عاماً: معكَ قطعةٌ من عمرنا رحلتْ يا منير

كيف كان في وسعي، انا المبتدئة في عملي على القناة 7، كمذيعة، أن أتعرّف إلى المسرح الاحتفالي، المتشرّب من الميتولوجيا الإغريقية وطقوسها، لولا منير أبو دبس. كان العمر الأول لفرقة “مدرسة المسرح الحديث” في بداية الستينات، والتلفزيون لا يزال في البدايات، يطمح إلى المستويات المسرحية الرفيعة لجمهور نخبوي، على خطٍّ موازٍ للمسرح الشعبي الذي كان له جمهوره الواسع.

في تلك الأمسية كان عليَّ أن أقدّم أمسية من المسرح الإغريقي، مخرجها ومقتبسها منير أبو دبس الآتي لتوّه من باريس بهدف تأسيس معهد للتمثيل وفرقة مسرح حديث. التلفزيون كان بالنسبة إليه تجربة كبيرة تشمل أعداداً كبيرة من المشاهدين. بخفر سألته أن يفيدني ببعض المعلومات كي أتمكن من تقديم العمل بلا عثرة. في البرنامج مشاهد من مسرحيتَي “أوديب ملكاً” لسوفوكل، و”أنتيغون” لجان أنوي. فما درسناه وحفظناه في المدرسة جاء على المسرح صادحاً، مشتعلاً، بأداء ممثلين، أنطوان ولطيفة ملتقى، هذا الثنائي اللامع الذي حمل مع منير أبودبس المسرح الأدبي، الميتولوجي، إلى أرقى الفنون الذي اعتز بها التلفزيون أولاً ثم بعلبك ثانياً.
لم تكن في تلك الليلة المفاجأة فقط في هذا النوع من المسرح الحامل نفحات فلسفيّة متماسكة بالرؤية المسرحية، بل في أن أرى إبنة خالتي المحامية، لطيفة ملتقى، في دور أنتيغون. وجدت الدور ملائماً لشخصيتها التي منذ صغرها تقهر الصعاب ولا تلتوي. أما أنطوان فلبس دور أوديب الملك، فيما تيودورا راسي دور جوكاست وريمون جبارة في دور كريون.
خبر رحيل منير أبو دبس كمن يهدّ عموداً من أعمدة بعلبك، هو الذي كان له على أدراج هياكلها كل عام عمل جديد، فاجأني. ففي المسرح الإغريقي الآلهة لا يموتون. ظننته من خرافتهم. كان أنطوان ملتقى مذهولاً مثلي حين تلقى الخبر. وددت منه أن يملي عليّ بعضاً من تلك الشركة التي لم يكتب لها أن تدوم. ففيما منير أبو دبس يحمل مسرحه الحديث من بعلبك إلى جبيل وصيدا وسائر العالم العربي، فرشت راشانا للطيفة وانطوان ملتقى مسرحاً قام على حَقن دم جديد عُرف بـ”حلقة المسرح اللبناني”.
ما إن تلقيت خبر وفاة منير أبو دبس حتى اتصلت بأنطوان ملتقى كي يملي عليّ من ذاكرة عمله مع منير بعض المعلومات. الخبر فاجأه وقال: “كلّنا على الدرب”. أما الخلاف بينهما فعزاه إلى اختلاف حول الرؤية المسرحية: “معاً خلقنا المسرح في لبنان. فمنير رجل مسرح كبير ومهم وكان تأثيره فيّ كبيراً مثلما كنت بالنسبة إليه. معاً عملنا ليالي اغريقية على القناة التلفزيونية، ومهرجان “فولوبيليس” في المغرب، ومهرجانات بعلبك. لقد كنت الأصل في شدّه إلى المسرح، وإلاّ لكان بقي مخرجاً في التلفزيون”.
المسرح له مدمنوه. فعلى الرغم من اليقظة المسرحية المدهشة في بيروت وولادة فرق حرّة، انفصلت عن “فرقة المسرح الحديث” لمسرح نقيض اتجاه منير أبو دبس، من ريمون جبارة وروجيه عسّاف وعصام محفوظ وشكيب خوري وغيرهم. ظل مسرح منير أبو دبس ينادينا إلى طقوسه، فنتعرى من ثياب المدينة لنكتسي بوشاح المسرح القديم على ضوء الشموع والإيقاع الراقص والجوقة المرنّمة. فمن “ملوك طيبا” إلى “أوديب ملكا” و”ماكبث” و”أنتيغون” إنتقالاّ إلى “فاوست” وغيرها، تبعناه في كل موسم من مواسمه. فمن عرف منير ابو دبس فتى في بدايات عشقه للمسرح لا بد ان يتذكره في انطلياس. الأقنعة التي يتخفى وراءها الصغار في عيد البربارة كانت دليله إلى مسرح طقوسي حمل إسمه وجبل من ميتولوجيته ممثلين آمنوا بمسرحه وأخذوا من عصبه.
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).