أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | في الخطيئة الأصلية وسر التجسد بقلم عدي توما
في الخطيئة الأصلية وسر التجسد بقلم عدي توما
القربان المقدس

في الخطيئة الأصلية وسر التجسد بقلم عدي توما

ما مصير العقائد المضادّة لالوهيّة المسيح ؛ أفليست هي ضدّ المسيح ، إذن هي ضدّ الابن .. من هو ضدّ الابن هو ضدّ الاب أيضا . كيف يتمّ الخلاص بالخطيئة الاصليّة التي لا تمحى إلاّ بسرّ العماد؟

سؤال طرحه أحد الأخوة الأحباء …

في البداية ، هذا السؤال يدخل في موضوع علم لاهوت الأديان وقضيّة ” خلاص غير المسيحيّين – المعمّذين ” . الموضوع معقّد جدّا ، ولا يمكننا أن نحلّ القضيّة بجواب سهل وبسيط ومحدّد . فالسؤال أكبر من الجواب بكثير . لكننا لا نقدر أيضا أن نعطي جوابـــًا طويلا إلاّ مقتضبًــا .

سأنطلق من المجمع الفاتيكانيّ الثاني ، وما هي ردود فعل المسيحيّين في خلاص غير المسيحيّين . ونورد ثلاث مواقف مختلفة في الكنيسة المعاصرة إزاء قضيّة خلاص غير المسيحيّين :

1 – هناك فئة تدينُ مَن هم خارج الكنيسة ولا يعتمدون ولا يؤمنون بيسوع المسيح ، فتجعلهم يستوجبون النار .

هذا الموقف مُخطىءٌ كلّ الخطأ ، وهو مناف ٍ تمامًا ” لقصد الله الخلاصيّ ” الشامل البشر أجمعهم ، ولمعاملة يسوع مع الخطأة وبحثه عنهم ، ولدور الشرائع غير المسيحيّة في مقاربتها للإله الحقيقيّ – وإن كانت مقاربتها غير كاملة – ، ولقيمة ضمائر غير المسيحيّين وأعمال المحبّة والرحمة . ثمّ إنّ روح الإدانة هذه لمنافية تماما للمحبّة الأخوية . فمِن الأسلم ترك الدينونة لرحمة الله المحبة والمـــُخلّصة ، خاصة وقول يسوع صريح : ” لا تدينوا لئلّا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ” متى 7 : 1 – 5 .

هؤلاء الذين يدينون سيُفاجأون يوم الدينونة عندما يرون ابن الإنسان يدين البشر ، لا بحسب انتمائهم الدينيّ ، بل بحسب أعمال المحبّة أساسًا ، خاصّة وقد كتب أوغسطينوس لهؤلاء قوله المشهور : ” كثيرون هُم من الملكوت وليسوا من الكنيسة ، وكثيرون هم من الكنيسة وليسوا من الملكوت ” .

2 – ثمّة فئة ” تتساهل ” في الإيمان والمعموديّة والإنتماء إلى الكنيسة ، فلا تجد لها ضرورة بما أنّ الجميع سيخلصون . إن هذا الموقف أيضا لمـــُخطئ كلّ الخطأ ، لأنه نابع من روح نفعيّة لا تؤمن إلاّ بما هو نفعيّ ومفيد ، وملموس ومحسوس ؛ من روح مسيحيّة فاترة فقدت معنى الرسالة ولا سيّما ضرورة إعلان البشرى والشهادة ليسوع المسيح أمام الجميع . إنّ الإيمان بيسوع المسيح والإعتماد امتيازٌ وحقّ ، وإن الإعتماد في الروح امتياز لسُكناه في القلب ، وإن الإعتماد باسم الآب امتياز للبنوّة الإلهيّة . وإنّ هذا الإمتياز هو في الوقت نفسه مسؤوليّة رهيبة لتوصيل الخلاص إلى ” غير المعمّدين ” . ولقد عبّر يسوع مرارًا عن ذلك الإمتياز عندما صرّح أن الحياة المسيحيّة ” كنز ” (متى 7 : 6 ) و “لؤلؤة” (متى 13 : 45 – 46 ) . فليست المسيحيّة واجبًا وتوصيات يجب تحقيقها لنيل تأشيرة الدخول في الحياة الأبديّة ، بل هي نعمة استباق الملكوت على وجه الأرض ، ورسالة حيّة دافعة نحو الآخرين .

3 – يتميّز الموقف الذي نعتبره السليم ، بأنه يتحاشى الموقفين المتطرّفين السابقين ، آخذا بمحمل الجدّ ، قصد الله في خلاص جميع البشر ، وفي الآن نفسه ضرورة َ الإيمان بيسوع المسيح والمعموديّة والإنتماء إلى الكنيسة (وهذا إمتياز ورسالة) ، تاركا لرحمة الله مصير غير المؤمنين ، وفي الوقت نفسه ساعيًا إلى إعلان البشرى لجميع البشر وإلى الشهادة ليسوع المسيح أمام الجميع ، معتبرًا الكنيسة عربونا للخلاص وباكورة للمخلّصين ؛ وفي الوقت عينه متقبّلة من الله الإشتراك معه في خلاص جميع البشر ، مُعتبرة ً أنّ ملء قامة المسيح يتحقّق في الكنيسة من أجل الخليقة جمعاء ، وأنّ الأزمنة الأخيرة تتمّ في داخل الكنيسة من أجل البشريّة جمعاء ، وأنّ الآب آب للبشر أجمعين ، وإنّما الكنيسة ” آية ” تحقيق ذلك كلّه .

هنا يُطرح سؤالا آخرًا : كيف التوفيق بين فرادة شموليّة الخلاص بيسوع المسيح وحده ، وبين الإنفتاح على الأديان لاسيّما على ما هو حقّ ومقدّس فيها ؟!

آباء الكنيسة أجابوا على هذا التساؤل في ما يتعلّق بالأديان قبل التجسّد الإلهيّ ، عندما اعترض مناهضو المسيحيّة أنها تمثّل دينا حديثا ، فأكّد الآباء ، مثل يوستينوس المدافع في منتصف القرن الثاني : إنّ الله – الكلمة ، وهو الأزليّ ، كان مبعثرًا في العالم قبل تجسّده : إن البشر ، قبل التجسّد الإلهيّ ، قد اشتركوا في معرفة سرّ الله ، وإن كانت معرفتهم هذه جزئيّة ناقصة … فإنّ الاديان ، قبل التجسّد ، تُعتبر ” بذور الكلمة أو آثاره ” ، وكذلك ” شرارات اللوغوس ” ، بمعنى أنّ الله كان قد أعلن ذاته للبشر بطرق مختلفة ، عن طريق روحه القدّوس ، ممهّدا هكذا الطريق لتجسّد ابنه ، ما أدى ببعضهم إلى أن يستشعروا شيئا من سرّ الله ، وأن يشتركوا في حياته ، وإن جزئيّا .

هذه نظرة ” كرستيولوجيّة إيجابيّة ” إلى أصحاب مختلف الأديان ، وإستنادًا إلى هذه النظرة ، أقرّ المجمع الفاتيكانيّ الثاني ما هو حقّ ومقدّس في ديانتهم ، قبل التجسد وفي خارج الكنيسة ، والله نفسه ألهمهم ذلك .

ومع ذلك ، تصرّح الكنيسة ، والمجمع الفاتيكانيّ الثاني ، بإنّ فرادة وساطة الفادي لا تمنع ، بل تدفع إلى تعاون المخلوقين تعاونا متنوّعا مرتبطــًا بالمنبع الوحيد (نور الأمم ، 62).

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).