أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | في وجه من تُطلق الصحافة اللبنانية صرختها؟
في وجه من تُطلق الصحافة اللبنانية صرختها؟
حرية الصحافة

في وجه من تُطلق الصحافة اللبنانية صرختها؟

سبق للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني أن قال عن لبنان إنه أكثر من وطن. إنه رسالة. ولطالما تردّد في الأدبيات اللبنانية، الثقافية والسياسية، أن الصحافة أكثر من مهنة. إنها رسالة. لكن الصحافة اللبنانية وصلت أخيراً الى حال من الضيق صعبة، ولم تعد تتمكن من التنفس بسهولة، فكان أن أطلق ناشر جريدة “السفير” الزميل طلال سلمان صرخة إنذار، ثم بعد أيام (26 آذار الماضي) أطلقت جريدة “النهار” صرخة إستنفار بإفتتاحية عنوانها “فلتصدر باللحم الحي”. وإذا كانت تلك الإفتتاحية من دون إسم فإن الأسلوب يشير الى الزميل عقل العويط.

ماذا حدث للصحافة؟ هناك “غول” إسمه “الإنترنت” إقتحم بيوت الصحافة في جميع انحاء العالم المتقدم، وراح يمزّق أكداس الأوراق الملأى بالأخبار والتعليقات والآراء والإعلانات، والصور، ثم كسّر الأقلام، وعرّج على المطابع، فعطلها، وألغى شبكات التوزيع، وأكشاك بيع الصحف والمجلات في الشوارع والساحات العامة. هكذا، بعد أكثر من قرن على نشوء الصحافة اللبنانية، يُقال عنها أنها باتت مهددة بأن تكون الضحية.
فهذا “اللص” العصري، الخفيف يسطو على صحافة الورق والحبر، فيجردها من جلدها، ويخطف وهجها، ويسلبها أعصابها، ثم يقفل عليها نوافذ الهواء الطبيعي، ويسدّ أمامها أبواب الإنتشار، ومصادر الرزق الحلال، من الإعلانات، والإشتراكات، والمبيعات، وهو يشدّ الخناق على شرايينها لتستسلم وتنسحب من حلبة الصراع المرير، مشيّعة بحسرة الملايين من بقايا عصرها، في لبنان، وفي العالم العربي، وعلى مدار الكون.
لكن الصحافة اللبنانية كانت، ولاتزال، مميزة، ومتقدمة، في الصحافة العربية، خصوصاً في مواجهة أنظمة الظلمة، والظلم، والقهر، قبل القتل، والتدمير، والتّهجير لمن تُكتب له بقية حياة. أما الذين يبقون في الأسر فعليهم الإنبهار بإطلالة “السحرة”، بالخطابة والفصاحة، والرياء، والدهاء، سبيلاً للإستيلاء على عقول الجماهير، ومصادرة إرادتها، وصولاً الى تجنيدها فصائل وخلايا في طوابير، تُؤمر، فتنفذ، أو تُعدم.
هذه البقية الباقية من صحافة لبنان، الصامدة بواجب البقاء، وفاء للرسالة، ومنها هذه الجريدة التي يصعب على اللبنانيين، وعلى سواهم من القراء العرب، أن يصيح الديك، ذات فجر، ولا يطلع “النهار”. فلـ “النهار” دور، وقضية، وتاريخ، ورسالة تتعدى حق البقاء والاستمرار إبتغاء الربح لتأمين رواتب أسرتها الكبيرة من الصحافيين، والمراسلين، والفنيين، والإداريين، والعمال، وسائر المجهولين في مكاتبها في لبنان، وفي عواصم العالم العربي، والأجنبي، شرقاً، وغرباً، شمالاً، وجنوباً.
هذه الجريدة لم تخن القارئ، قارئها، وقارئ الصحف الأخرى، في المطلق، وفاء لمؤسسها جبران تويني، الجد، وغسان تويني، الأب، وجبران تويني، الحفيد، وحفيدة الحفيد، نايلة، وحولهم المؤتمنون، مثلهم، على “النهار”، وأولهم الحارس، الصامت، “الناظر”، فرنسوا عقل. وإذا كان عدد الأجيال يُحسب بالعقْد. فـ”النهار” في منتصف عقدها التاسع. أي أنها وُلدت في العقد الثاني من تأسيس كيان لبنان، فكانت الناطقة بلسان الجيل الأول الذي تطلّع باكراً الى الاستقلال، ثم كانت صوت الجيل الاستقلالي الثاني الذي تطلّع الى بناء دولة الإستقلال على مداميك الحرية، والديموقراطية، والعلمانية، والعلم، والقانون، والعدل، والمساواة بالحقوق العامة في مناصب الدولة ووظائفها ومسؤولياتها، وكانت “النهار” في طليعة الصحف اللبنانية التي تطوعت لنصرة “الثورة الشعبية” السلمية التي شملت كل لبنان عام 1951 – 1952 وإنتصرت بإرغام رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري على الإستقالة، وسجلت أول إنقلاب شعبي ديموقراطي سلمي في البلاد العربية، من دون نقطة دم واحدة.
ولكأن دمَ “النهار” كان، منذ ذلك الزمن، وديعة في حساب لبنان، الوطن، والشعب، والحرية، والكرامة. وكانت وديعة تستحق “غب الطلب”، وعندما إستحق القسط الأول منها تقدم الشهيد سمير قصير في الثاني من حزيران 2005 مقدماً روحه، وكامل جسده ودمه. وفي 12 كانون الأول 2005 إستحق القسط الثاني من وديعة “النهار”، وكان من نصيب الشهيد جبران توينى، فقدم روحه وجسده بالكامل. وفي يوم 8 حزيران 2012 إستحق القسط الثالث، وكان من نصيب الجد، والأب، والزميل، غسان تويني، وقد وفاه بالكامل، حاملاً الى جبران وسمير دموع الفرح بلقائهما.
طويلة لائحة شهداء الصحافة اللبنانية منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي، ومنهم: نقيب الصحافة الأسبق رياض طه، نسيب المتني، كامل مروه، فؤاد حداد، إدوار صعب، محمد شقير، سليم اللوزي. ففي وجه من تُطلق الصحافة اللبنانية صرختها في هذا الزمن، وفي هذه المرحلة من مسيرة لبنان، الكيان، والدولة، والمؤسسات، والشعب، نحو المجهول بعيون مفتوحة، إنما من دون وعي، ولا رؤية؟
الأزمة خانقة، كما قال الزميل طلال سلمان، مشيراً الى أنها “تصيب الجميع بالوجوم، وهم ينتبهون الى خطورة الزلزال الذي يتهدد وطن الأرز في بعض أعزّ ما يتباهى به من مزايا تزكّي نظامه الفريد، برغم كل ما فيه من عيوب، وتعزّز الادعاء بأنه وطن الحرية”. ولـ “السفير رسالتها” وعنوانها “صوت الذين لا صوت لهم”… أي الغالبية الساحقة من اللبنانيين، ومعهم العرب أـجمعون.
إنذاران صدرا عن صحيفتين، هما في طليعة الصحافة اللبنانية، أربكا مئات العاملين في هذه المهنة، من محررين، ومراسلين، ومخبرين، ومصورين، وفنيين، وإداريين. ثم إن هذه الأزمة ليست لبنانية حصرياً. فالعالم بمجمله يتحول من عصر القلم والورق والحبر الى عصر الإعلام بلا أقلام. كما أن صحافة الورق لا تزال حيّة، حتى في دول العالم التي إخترعت ذلك اللص الخفيف “الإنترنت” الذي يستثمر في الأثير على مدار الكرة الأرضية. فثمة كبريات من صحف الغرب الأميركي والأوروبي، واليابان لا تزال تصدر بالورق الى جانب إنتشارها الإلكتروني. وهذا ما تفعله صحف لبنانية تسعى الى الاستثمار في الفضاء، وعلى الأرض، محتفظة بمجموعات مختلفة من القراء، بعضها يستأنس بلمس الصحيفة وتقليب أوراقها، وكأنها مائدة منبسطة أمامه، يتناول منها، ما يعجبه وما يحتاجه، ثم يحتفظ بها من يوم الى يوم آخر.
بقاء صحافة ورقية، لبنانية، وعربية، حية ومنتشرة هو نوع من الحفاظ على تراث قديم صنعه روّاد في مضمار هذه الحرفة. هؤلاء، وعددهم ليس قليلاً، كانوا جبابرة في ذكائهم، وطموحهم وعنادهم في جهادهم لبلوغ الصعب، والمستحيل. كانوا أفراداً، ومنهم من لم يكن يملك إلا قلمه وأسلوبه في كتابة المقال، والخبر، والتحقيق، والتعليق. ومنهم من كان الصديق المؤتمن لرؤساء حكومات، ووزراء، ليس في لبنان فحسب، بل في عواصم عربية كانت تفتح أبوابها للصحف اللبنانية، وللصحافيين الذين كانوا يصنعونها، وها إن أفواجاً من الصحافيين اللبنانيين الصاعدين من أجيال السبعينات والثمانينات هم في كنف مؤسسات صحافية خليجية وفّرت لهم الفرص والإمكانات للنجاح والتمّيز، سواء في عواصمها ومدنها، أو في العواصم العربية والأوروبية والأميركية.
كانت الصحافة الخليجية المبتدئة بين الخمسينات والستينات من القرن الماضي تقتدي بنماذج الصحافة اللبنانية. اليوم صارت الصحف الخليجية المثال الذي تتطلّع إليه الصحافة اللبنانية ولا تستطيع مجاراته. هناك عقدة قد تكون صعبة الحل في أزمة الصحافة اللبنانية حالياً، وهي أن بعضها تأسس ونشأ على صحافيين أفراد إستطاعوا أن يحصلوا على رأسمال عربي خليجي، وغير خليجي، فوظفوه بكامله في تأسيس صحيفة يومية سياسية، أو في مجلة سياسية أسبوعية، وقد نجحوا وبرعوا في المراحل الأولى من إنطلاقتهم، كما أنهم وفروا عشرات الفرص لزملاء لهم من اللبنانيين، ومن المصريين، والسوريين، والمغاربة، فتلاقت في طبقات مؤسساتهم كفايات ومؤهلات راحت تتعاون وتوظف كل طاقاتها، وتحشد كل جهودها وإمكاناتها في صفحات الجريدة أو المجلة التي تجمعهم، وصارت الأسماء المغمورة تظهر، وتكبر، وتبرز، وتنتشر. وقد نشأ في تلك المؤسسات حلف الاتجاه الموحد، والأسلوب المختلف، والمقال الرنان، والخبر الخاص المتفرد بالمعلومات المهمة والصحيحة، والمقابلة المثيرة، والتحقيق الذي يشرّع الأبواب، ويسلّط الأضواء على خفايا وأسرار في قضايا كبيرة وخطيرة، تنهش حقوق الناس والمال العام، وتحفر في أساس القانون والعدل والأمانة… هذا مع المثابرة على إلتزام خط الرصانة، وإحترام عقل القارئ، من أي طبقة كان في المجتمع، أو في الوظيفة، أو في المسؤولية العامة.
وكما ان النجاح يفتح الأبواب والفرص لتحقيق نجاح أكبر، وشهرة أوسع، فإن المال يبدأ بالتراكم. وهنا يبدأ الامتحان العسير. هل يحتكر المؤسس المال في صندوق واحد هو صندوقه الخاص؟ أم يعمد الى توظيفه على قاعدة تضمن المضي في التقدم والنجاح، آخذاً في الاعتبار أن المال المتراكم لم يأت بجهد فرد، إنما بجهد المجموعة التي صنعت نجاح المؤسسة، ويحق لها أن تنال نصيباً من مردود ذلك النجاح. وهناك قاعدة مثال في دول الصحافة الناجحة والراقية تعتمد مبدأ تحويل جزء من المال المتراكم الى أسهم ينال منها المستحقون ما يضمن حقوقهم ومستقبل وعائلاتهم.
الصندوق الواحد هو الإحتكار الذي يؤدي الى التجمد، وبدء الشعور بالغبن الذي يولّد الفتور، وخفوت النشاط، وشحّ العطاء المهني، والشخصي. وثمّة تساؤلات كثيرة تُطرح على هامش أزمة الصحافة اللبنانية المهدّدة بأن تتحول “صحافة متعثرة”: لماذا وصلنا الى هنا؟… لماذا لم تُصب الصحافة في بلاد الدول الديموقراطية بما أصاب الصحافة اللبنانية؟
لقد مضى زمن صحيفة الرجل الواحد الذي يبدأ مغامرته مترسملاً بقلم غزير العطاء، شجاع الرأي، فائق الذكاء. تلك فرصة مضى زمنها وذهب معها حلم صار من نسج الخيال. وإذ تتحول الصحف اللبنانية من الورق الى الإلكترون فإنها تندمج في صراع العصر، والنصر للأذكى والأبرع، والأشجع على المغامرة. ويدرك الزملاء الذين أطلقوا صرخة هي مزيج من الإنذار والشكوى، أن الصحافة التي بين أيديهم حالياً هي مؤسسات غايتها النجاح والربح، كشرط لاستمرارها، مثل أي مؤسسة أخرى في القطاع الخاص، بقطع النظر عن أن الصحافة رسالة حرية، ومدنية وتوعية، وإستنهاض، لطلب الحق والعدل، والدفاع عن الشعب والرأي العام.
يبقى أن التصدع الذي ظهر في بيت الصحافة اللبنانية، حتى الآن، ليس من الخطورة الى درجة طرح الصوت على من ليست لديهم قدرة أو إستعداد للمساهمة في الإنقاذ. إنه مجرّد إنذار آتٍ من زمن الإعلام بلا أقلام. أي بلا ورق، ولا حبر.
أوصاف كثيرة، وميّزات مبجلّة ومفخّمة خُلعت على الصحافة، منها، وأهمها، أنها “رسالة” وأنها صوت الحرية، والعدالة، و”ضمير الشعب”… هذه الأوصاف والميزات تعني الصحافي شخصياً، بصفته المؤتَمن على هذه الرسالة، لكنها لا تعني المؤسسة التي تصدر عنها الصحيفة. فالمؤسسة الصحافية، بما هي رأسمال، ومكاتب وإدارة، وأجهزة، ومطابع، وفريق عمل، متعدد الأفكار والرؤى، والأسلوب في كتابة الخبر والرأي. كل هذه العناصر مطلوبة لخوض معركة غايتها في النهاية إنتاج صحيفة من بضع صفحات تولد، ثم لا تلبث أن تموت بعد ساعات. إذ تكون الأحداث المستجدة قد سبقتها، فتعود وتكرّر دورتها كل يوم وتستمر. بهذه الخلاصة، الصحيفة ليست رسالة، ولا هي جمعية خيرية متبرعة بخدمة المتعثرين في حياتهم الخاصة، لتستحق كل عون من الدولة والمواطنين.
قاعدة الصحافة أن تنجح وتربح لتستمر، وتتطور، لتلحق بالعصر وتحدياته، وأخطرها “الإنترنت” الذي يطوّق الصحافة اللبنانية منذ سنتين، وقد باتت، فعلاً محاصَرة ضمن حدود ضيقة، وما عليها إلا أن تنقذ نفسها بنفسها، أي بإمكاناتها… هذا هو التحدي الذي واجهته صحافة الغرب الأوروبي والأميركي، وصحافة الدول الأخرى التي تنتمي الى عالم الرأسمال تحت أحكام القانون. ليس من حق الصحافة اللبنانية أن تلوم أحداً، أو جهة، سواها.
وماذا تنتظر الصحافة من الدولة اللبنانية، وهي بجميع مؤسساتها الرئاسية والحكومية والنيابية، والإدارية، تدخل في حالة شلل، وفوضى، وكأنها شركة مفلسة وسائبة، ويتسابق المسؤولون عن نكبتها لتناتش إرثها ونهبها قبل سقوطها، وفي ذمة عدد كبير منهم مليارات تراكمت في حساباتهم، وجميعهم مدينون للحق العام، وقد أفسدوا كل القوانين، وكل السلطات التي تولوها، فاستثمروها، ولا يزالون مستمرين في إستثمارها، وهم يمعنون في تسفيه كل المواد الدستورية، ويرفضون القيام بواجب الحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.
ثم إن بيروت لم تعد بيروت عاصمة صحافة العرب، ولم تعد جامعة العرب، ولا منتدى العرب، ولا أسواق العرب، ولا مستشفى العرب، ولا نادي العرب، ولا مصيف العرب. فكل مواصفات لبنان، حتى مناخه، صارت في مكان آخر. لكن كل هذا لا يلغي رصيداً للصحافة اللبنانية. فسجلها حافل بشهادات أهل الفكر والسياسة على أنها درع، وسند للشعوب العربية حين كانت تخرج منها منظمات وحركات ثورية في طليعتها فلسطين، ولا تزال هذه الصحافة ملتزمة ومتقدمة في هذا الواجب الوطني والقومي.
وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عندما غالى بعض الصحافيين والكتّاب اللبنانيين في مساندة الانقلابات العسكرية التي صادرت الحريات العامة، والخاصة، وقمعت إنتفاضات شعبية مدنية مسالمة، وأسقطت شهداء وضحايا، وفتحت سجوناً إمتلأت بمن كانوا يسمّون “سجناء الرأي”… في تلك المرحلة فكّر كمال جنبلاط، بصفته نائباً، أن يتقدم بطلب إقتراح مادة قانونية لفرض الرقابة والمحاسبة على مداخيل مؤسسات الصحافة اللبنانية، أسوة بسائر المؤسسات والرساميل الخاضعة للقانون، لكن أحد الزملاء قال له: أتريد أن تضعنا في بوز المدفع؟!
هي أزمة كبيرة تواجهها الصحافة اللبنانية. لكنها ليست فقط أزمة صحافيين أصحاب إمتيازات ودور، وعقارات وأرصدة، في الداخل، وفي الخارج. هي أزمة مئات الصحافيين من رتبة محرّر، ومخبر، ومراسل، ومصحّح، ومصمّم، ومخرج، ومصوّر، ومنفّذ، وكاتب إفتتاحية، وتعليق، ومقال (على القطعة) ومعهم مئات الإداريين، وصولاً الى المسترزقين من بيع الصحف والمجلات في الشوارع، والأكشاك، والمكتبات…
هؤلاء، وسواهم، قامت الصحافة على أكتافهم، ونشأت أجيال على تعبهم وسهرهم، فوهبوا هذه المهنة شبابهم وأعمارهم، لتبقى الصحافة مهنة محترمة، وجذابة، وقادرة على إحتواء الأجيال الجديدة الطالعة، فوجاً بعد فوج، من كليات الإعلام والصحافة في لبنان، والعالم العربي، والخارج.
يضم جدول المحررين (لا يزال لقب “المحرّر” يلاحق الصحافي اللبناني منذ أن كان جدّه الأول يشتري مادة الحبر فيذوبها في الماء ويملأ بها محبرة، ثم يستعمل المسكة والريشة ليحبّر بها مقاله)… يضم ذلك الجدول أكثر من ألف ومئة محرر، فكم عدد الذين يعملون منهم؟ وأين؟ هناك دار صحافية معروفة أوقفت فجأة إصدار جميع مطبوعاتها وإمتيازاتها اليومية والأسبوعية، وغادر أصحابها (الورثة) الى فرنسا، حيث صارت لهم ممتلكات، ومصالح أخرى، غير مصلحة “مهنة المتاعب”، مخلفين وراءهم عشرات الصحافيين والإداريين “في المتاعب” ولا من يسأل ويطالب بحقوقهم.
أما نقابة الصحافة التي يضم جدول إمتيازاتها، السياسية اليومية، والأسبوعية، أكثر من مئة إمتياز، فلا يصدر منها أكثر من خمسة عشر إمتيازاً. وأما الإمتيازات الاقتصادية، والفنية، والأدبية، والعلمية، والرياضية، فيزيد عددها عن الألف. وهذه أيضاً لا يصدر منها أكثر من خمسة عشر إمتيازاً.
هكذا، فإن الصحافيين، وسائر الإعلاميين في حقل الصحافة والإعلام المكتوب، على الورق، وعلى الإنترنت، والمرئي، والمسموع… جميعهم شركاء في أزمة واحدة مشتركة هي نتاج “عصر الإعلام بلا أقلام”، الذي يحلّ نعمة على الشعوب والدول والمؤسسات الناهضة المشاركة في سباقه بسرعة الضوء. لكن، مع كل هذه الصعاب، لا بد من صحافة لبنانية على الورق. فعلى ورق هذه الصحافة دم كثير من شهدائها، ومن الأحياء الذين “سيشهدون” في معاناتهم مع الصبر، والرجاء.
عزت صافي
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).