أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | لتتحرّك الكنيسة وكلّنا معها بقلم الخوري اسكندر الهاشم
لتتحرّك الكنيسة وكلّنا معها بقلم الخوري اسكندر الهاشم
العائلة المسيحية والكنيسة

لتتحرّك الكنيسة وكلّنا معها بقلم الخوري اسكندر الهاشم

نعرف واقع الحال، وندرك المخاطر الكبرى التي تهدِّد الوطن، كما نفهم اللعبة الداخلية التي أصبح الوزن الكبير فيها للديموغرافيا وما تنتجه من فائض قوة ورجحان كفّة بعد تغيّر الكثير من العوامل والمواقع والمعطيات. غير أنّ كل هذا لا يغيّر أبداً في طينة الرجال والزعامات، لأنّ الرجال يمتازون بصفتين: الشجاعة والحكمة، وما بينهما من عناصر اللين والشدّة. نئن من الداخل أمام لوحة قاتمة يتصارع فيها الزعماء الموارنة، واللحظة مصيريّة وجوديّة لا مجال معها للمناكفات والحساسيات.

حزب الكتائب والمطمر
بالأمس وما قبله نزل حزب الكتائب اللبناني الى مطمر برج حمود، ونزل الشيخ سامي شخصياً، أليس الأفضل لرئيس الكتائب والأجدى أن يرفع سماعة الهاتف متصلاً بأصحاب القرار منبّهاً ومحذّراً، لم يعتد جيلنا لحظات كهذه. كنت طالباً في الجامعة اليسوعية أواخر ستينيات القرن الماضي، وكان احتفال الكتائب السنوي محط أنظار اللبنانيّين، كنا ننتظره لنشهد حشداً منظّماً في ظاهره جمالية الاحتفال، ويشير باطنه الى قوّة لا يستطيع أحد تجاهلها. وكان خطباء الكتائب مدرسة في اللغة والالقاء والبلاغة والفصاحة، وكان المستمعون اليهم في الطوائف والمذاهب والمشارب المتعددة. لا يجوز لحزب عريق أن يتحوّل جمعية تعنى بالنظافة أو تحاول لفت النظر إليها. بين الاثنين فوارق جمة أهمّها، الحضور الفاعل الرصين، القوي الذي يخشاه من يتطاول على الحق والحرية والبيئة. ولا يجوز لحزب عريق أن يعتكف عن السلطة بأي ذريعة، وأن يسمح لمناوئيه باستغلال غيابه، فقد جرّب المسيحيون المقاطعة، وجاءت النتيجة سلبية بالكامل، وكانت خطيئة مميتة. أجزم بأنّ رفع الرئيس بري سماعة الهاتف تكفي لمنع أي عمل لا يرغب فيه، هل يستطيع أحد تجاوزه أو فرض أمر واقع عليه؟ سيقول البعض إن الأمر مختلف تماماً، فالرئيس بري يرأس حركة قوية، وفي المحطات الصعبة يقف “حزب الله” إلى جانبه. هذا صحيح، ولكن نسي هذا البعض صلابة عود الرجل وحنكته وعلاقته الوثيقة بأتباعه، وهذه كلّها تخوّله أن يحصل على تفويض ويتمتّع برصيد يمكّنه من فرض وجوده على الساحة الوطنية.

حين يلتقي مارونيان
ألا يكفي ما وصل اليه الموارنة والمسيحيون من تراجع مريع في الحكم والإدارة والأمن؟ ما زالوا مصرّين على المواجهة الذاتية، لإلغاء آخر موقع والتوصّل إلى القضاء على كل ما أنجزه من قبلهم الآباء والأجداد، والأنكى من ذلك يتغنّون جميعهم بالميثاقيّة والعيش المشترك، فكيف يصدّق الآخرون هذه المعزوفة وهم أمام واقع ماروني مخزٍ ينقسم فيه زعماؤهم على كل شيء؟ هل بقيت عندهم مصداقية أمام شركائهم؟ وهل بقيت ثقة عند محازبيهم وشبعهم؟ إنّ الموارنة يتطلّعون إلى زعامات تشرف على الساحة الوطنية إشرافاً مباشراً ويأملون أن تكون في جعبتهم أوراق لبنانية صافية، وأن يكونوا طليعيّين في الدفاع عن قضايا الناس أجمعين، وعن حق العامل والفقير في إعادة ترميم العلاقة بين المسؤول والمواطن، وعن التنمية المستدامة، وعن البيئة وسواها من الموضوعات الملحّة والحيويةّ. يجب أن يوقف الزعماء الموارنة ترفهم السياسي والاجتماعي، وأن يضعوا خطوطاً حمراً أولها احترام الذات، وثانيها الصدق مع الآخرين وقول الحق. المارونية الروحية والفكرية حجر الزاوية في بناء جسور الإلفة الوطنية والإنسانية ودفع الآخرين إلى التمسّك بقناعات وطنية شاملة والخروج من شرنقة المذهبية والطائفية. إنّ أولويّة الأولويّات اليوم عودة النازحين السوريّين إلى وطنهم، يجب التركيز اليومي في الحكومة وخارجها في المحافل الدولية والعربية وفتح الباب أمام كل الراغبين في دعم هذه الأولوية شيعة وسنة ودروزاً واعتبار هذه المسألة حيوية ووجودية بامتياز لكل اللبنانيّين وخصوصاً للسورييّن. ويجب أن يترافق ذلك مع ضغط محلي وإقليمي ودولي في اتجاه انتخاب رئيس للجمهوريّة، وهذا الأمر أولويّة مارونية، ثم وطنيّة، فعلى الزعماء الموارنة تقديم المصالح الوطنية على المصلحة الذاتية والسير معاً لانتخاب رئيس، وهذا يستدعي وقفة شخصية تحاسب الذات لاختيار الأفضل والأنسب والأجدر من دون عقد وردود فعل وحساسيّات شخصيّة.

دور البطريركية كبير
إنّ دور البطريركية أساسي في دفع هذه الأولوية إلى الصدارة واعتبار هذه المسألة حيوية ووجودية تستدعي صب كل الجهود والقيام باستطلاع وطني يشمل كبار الفاعلين مروراً بالساحة المارونية الداخلية وبالمحافل الاقليميّة والدوليّة، لكن هذا الأمر يتطلّب أولاً وضع الزعامات المارونيّة في خانة المتآمر على الرئاسة الأولى بفعل مشاداتهم وعصيانهم وأنانيّاتهم فهم بذلك يكرّرون الأخطاء التاريخيّة القاتلة، فيما المطلوب أولاً درء الخطر الداهم على الوطن وكل أبنائه، وهذا يستحق منهم وقفة ضمير والإقرار بأنّهم ليسوا كلّهم سواسيّة، وأن من بينهم من هو الأفضل والأجدر وما عليهم إلّا تزكيته للرئاسة. كم سيكون الأمر عظيماً، وكم سيكون وقع هذا الحدث مدوّياً في نفوس الأقربين والأبعدين. يقول المثل الافرنسي “من يحب كل الناس فهو لا يحب أحداً”، على أحبار الكنيسة المارونية وعلى رأسهم البطريرك، التحرّك سريعاً لانقاذ الوطن والرئاسة من هذا الفراغ القاتل، ومن هذا النزاع الماروني المسيء إلى الزعامات أولاً، والى اللبنانيّين ثانياً. إنّ الكنيسة المارونية ليست حكماً في لعبة رياضية. إنها الأم المعلّمة والمدبّرة والمقدّسة، كما يعلّمنا اللاهوت الكاثوليكي. إذاً عليها أن تضع حداً للمهاترات وتترك باب التمنيّات لتضع النقاط على الحروف وتسمّي الأشياء بأسمائها، وصاحب الغبطة يدرك جيداً من هو الأفضل والأصلح والأجدر وعليه مصارحة الزعماء الموارنة بأنّ المرحلة تقتضي حسماً وفصلاً في الأسماء، وأمامنا شروط موضوعية يجب الإشارة إليها علناً لا همساً، دون خوف من ردود الفعل أو الإنشقاق، إنّ المصلحة الوطنية فوق الجميع والكنيسة تحت المجهر فلتتحرّك وكلّنا معها.
الخوري اسكندر الهاشم
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).