أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ماذا نقصد عندما نقول أن الكنيسة “جامعة” و “رسولية”؟ البابا يشرح معنى هاتين الكلمتين
ماذا نقصد عندما نقول أن الكنيسة “جامعة” و “رسولية”؟ البابا يشرح معنى هاتين الكلمتين
البابا فرنسيس

ماذا نقصد عندما نقول أن الكنيسة “جامعة” و “رسولية”؟ البابا يشرح معنى هاتين الكلمتين

نستمر هذا الأسبوع بالكلام عن الكنيسة. عندما نعلن إيماننا، نصرح بأن الكنيسة هي “كاثوليكية” (جامعة) و “رسولية”. ولكن ما هو المعنى الحقيقي لهاتين الكلمتين، لهاتين الصفتين اللتين تميزان الكنيسة؟ وما قيمتهما بالنسبة للجماعات المسيحية ولكل منا؟

1. “كاثوليكية” يعني جامعة. ويقدم لنا أحد آباء الكنيسة الأولين، القديس كيريلس الأورشليمي، تعريفًا كاملاً وواضحًا إذ يقول: “الكنيسة هي من دون شك كاثوليكية، أي جامعة، لأنها انتشرت في كل أقاصي الأرض، ولأنها تعلم بشكل جامع ودون تخاذل كل الحقائق التي يجب على البشر أن يعرفوها، في ما يتعلق بأمور السماء وبأمور الأرض” (تعليم 18، 23).

إن إحدى علامات كاثوليكية الكنيسة هي أنها تتكلم بكل لغات العالم. وهذا ليس إلا ثمرة العنصرة (راجع أعمال 2، 1 – 13): فهو الروح القدس الذي مكّن الرسل والكنيسة بأسرها من أن تُسمِع الجميع، حتى أقاصي الأرض، البشرى السارة، بشرى الخلاص وحب الله. وهكذا وُلدت الكنيسة جامعةً، أي “سيمفونيةً” منذ نشأتها، ولا يمكنها إلا أن تكون كاثوليكية، منكبة على التبشير وعلى اللقاء بالجميع. إن كلمة الله متوفرة الآن في جميع اللغات، والإنجيل متوفر للجميع بمختلف اللغات، وكل إنسان يستطيع قراءته. وأعود للمفهوم عينه: من الجيد دومًا أن نحمل إنجيلاً صغيرًا، نحمله في جيبنا، في حقيبتنا وأن نقرأ منه مقطعًا خلال النهار. هذا الأمر يفيدنا كثيرًا. وقد انتشر الإنجيل بكل اللغات لأن الكنيسة، بشرى خلاص يسوع المسيح، هي في كل العالم. ولذا نقول أن الكنيسة “كاثوليكية” أي عالمية.

2. إن ولادة الكنيسة كاثوليكيةً تعني أنها ولدت في “حالة خروج”، ولدت إرسالية. فلو كان الرسل قد بقَوا في العلية، دون أن يخرجوا لحمل الإنجيل، لكانت الكنيسة قد بقيت كنيسة ذلك الشعب، تلك المدينة، وتلك العلية. إلا أنهم خرجوا جميعًا إلى العالم، منذ لحظة ولادة الكنيسة، منذ لحظة نزول الروح القدس عليهم. ولهذا ولدت الكنيسة “في خروج”، أي ككنيسة إرسالية. وهذا هو ما نعبّر عنه عندما نصفها بـ “الرسولية”، لأن الرسول هو من يحمل البشرى السارة، بشرى قيامة يسوع. وهذا التعبير يذكرنا بأن الكنيسة هي مبنية على ركيزة الرسل وباستمرارية معهم. فالرسل قد مضوا وأنشأوا كنائس جديدة، وأقاموا أساقفة جدد وهكذا أقاموا الاستمرارية في العالم بأسره. اليوم جميعنا نشكل استمرارية جماعة الرسل التي تلقت موهبة الروح القدس ومضت “في خروج” لكي تعلن البشارة. الكنيسة أُرسلت لكي تحمل لجميع البشر بُشرى الإنجيل، مرفقة ذلك بعلامات لطف وقوة الله.

وهذا أيضًا ينبع من حدث العنصرة: فالروح القدس هو من يجعلنا نتجاوز أية مقاومة، وأن نتغلب على تجربة الانغلاق على ذواتنا، في دائرة مصغرة من المختارين، وأن نعتبر أننا وحدنا مختارون لبركة الله. فإذا كان هناك مثلا مسيحيين يفعلون هذا ويقولون: “نحن المختارون، نحن فقط”، ففي النهاية يموتون. يموتون أولاً في نفوسهم، ثم يموتون جسديًا، لأن لا حياة فيهم، ولا يستطيعون أن يولدوا الحياة، أن يلدوا آخرين، أن يلدوا شعوبًا: ليسوا رسوليين. والروح هو بالتحديد من يقودونا إلى لقاء الإخوة، أولئك البعيدين عنا بكل الأشكال، لكي يستطيعوا أن يشاركوا معنا حب، سلام وفرح الرب القائم من الموت.

3. ماذا يعني بالنسبة لجماعتنا ولكل منا أن نكون جزءًا من كنيسة هي كاثوليكية ورسولية؟

يعني أن نهتم بصدق بخلاص كل البشرية، وألا نكون لامبالين تجاه مصير الكثير من الإخوة، بل أن نكون منفتحين ومتضامنين معهم. هذا يعني أن يكون لدينا حِسَّ تكامل، ملء وتناغم الحياة المسيحية، وأن نرفض المواقف المتجزئة، والأحادية الوجهة والتي تُغلقنا على ذواتنا.

أن نكون جزءًا من الكنيسة الرسولية يعني أن نعي بأن إيماننا مَرْسي على بشارة وشهادة رسل يسوع بالذات. إيماننا مبني على ذلك الأساس، على سلسلة طويلة تأتي من هناك. ولذا يجب أن نشعر بأننا مرسلون في شركة مع خلفاء الرسل، لكي نعل بقلب ملؤه الفرح، المسيحي وحبه لكل البشرية.

وهنا أريد أن أذكِّر بالحياة البطولية التي عاشها الكثير من المرسلين والمرسلات الذين تركه بلادهم لكي يمضوا ويعلنوا الإنجيل في دول أخرى، في قارات أخرى. كان كاردينال برازيلي يعمل بدأب في منطقة الأمازون يقول لي أنه عندما كان يزور مكانًا ما، في بلدة أو في مدينة في الأمازون، كان يذهب دومًا إلى المقابر وكان هناك يرى أضرحة المرسلين، الكهنة، الإخوة والراهبات الذين ذهبوا هناك لكي يبشروا بالإنجيل: هم رسل! وكان يفكّر: هؤلاء جميعًا يُمكن إعلان قداستهم الآن، فقد تركوا كل شيء لكي يبشروا بيسوع المسيح. فلنشكر الرب لأن في كنيستنا الكثير من المبشرين. كان لديها الكثير من المرسلين، وهي ما زالت بحاجة لهم الآن أيضًا.

فلنشكر الرب لهذا الأمر. ربما بين الشباب، فتيانًا وفتيات، الحاضرين هنا، هناك من يريد أن يضحي مرسلاً: فليمض قدمًا! فلهو أمر جميل أن نحمل إنجيل يسوع. تشجعوا!

فلنطلب إذًا إلى الرب أن يجدد فينا موهبة روحه، لكي يكون كل مسيحي وكل معمّد تعبيرًا عن الكنيسة الأم الكاثوليكية والرسولية.

*

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).