أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مطر مثل الراعي في مؤتمر الأزهر الشريف: وجودنا في المنطقة أصيل ومصيرنا واحد
مطر مثل الراعي في مؤتمر الأزهر الشريف: وجودنا في المنطقة أصيل ومصيرنا واحد
المطران بولس مطر

مطر مثل الراعي في مؤتمر الأزهر الشريف: وجودنا في المنطقة أصيل ومصيرنا واحد

مثل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكاردينال ما بشاره بطرس الراعي ، في المؤتمر الدولي للأزهر الشريف لمواجهة الإرهاب والتطرف الذي يختتم أعماله اليوم في القاهرة بمشاركة رؤساء طوائف من 120 دولة، ناقشوا قضية التطرف وأثره على المجتمع والإرهاب وأثره على المجتمعات العربية والإسلامية ووضع رؤية مستقبلية وما الذي يمكن فعله للخروج من هذه الأزمة.

وألقى المطران مطر في المؤتمر كلمة جاء فيها: “يشرفني أن أمثل فيما بينكم صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للكنيسة المارونية الكلي الطوبى، وأن أنقل إليكم أطيب تمنياته وأصدق أمانيه من أجل نجاح هذا المؤتمر التاريخي الذي يجمع في رحاب الأزهر الشريف أئمة العلم في كل من الإسلام والمسيحية، ليبحثوا في سبيل الخير لمنطقتنا العربية بأسرها وللعالم أجمع. وإننا مدينون في هذا التلاقي الفريد لسماحة شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب الكليِ الوقار، الذي تلطف ودعانا للاجتماع في دار كانت وستبقى المركز الإشعاعي الإسلامي الذي يحيطه العالم قاطبة بمجالي التقدير والاحترام، والمرجع الذي يعود إليه الفكر كلما طلب في سبيل تبيان الحقيقة في العلاقة مع الإسلام مزيدا من علم ومن صفاء. وربما كان هذا اللقاء هو الأول من نوعه لأهل الشرق العربيِ بكل أطيافهم ومذاهبهم، وقد وفدوا إليه من كل بلدانهم ليجتمعوا على أرض مصر الطيبة، دون أن يرتفع أمامهم أي حاجز ودون أن يجلس في صفوفهم أي وسيط”.

وأضاف: “إنها العائلة العربية تلتئم بكل محبة وشوق لتنظر إلى حالها وإلى مستقبلها ذاكرة بأن يد الله مع الجماعة، وبأن مشيئة الله في خلقه هي في التعارف والتعاون في ما بينهم كما وفي التراحم، فهو لهم سبحانه وتعالى وللناس جميعا أرحم الراحمين. وإن كان الأمر الكريم بالتعارف يطال من الناس من هم الأبعدون أفليس الأقربون هم الأولى إذ ذاك بكلِ معروف؟ فلا ندعن هذه الفرصة تفوت ولا نكفرن بأنعم الله علينا بل نسعى بكل قوانا وبصدق نوايانا وبهدي من الإيمان النازل في قلوبنا، إلى إزالة الغيوم من الأجواء وإلى السير نحو الوحدة الإسلامية بكلِ إندفاع، فهي عزيزة علينا نحنُ معشر المسيحيين بمقدار ما هي عزيزة وحدة المسيحيين على أساس من الأخوة الصادقة والمحبة التي ليس لها حدود”.

وتابع: “أما حضورنا معكم في هذا اللقاء المبارك، فإنه يدل على اعتبار مشترك بأن وجودنا في هذه المنطقة هو وجود أصيل، مثلما هو وجود المسلمين الأحباء، وبأن مصيرنا هو واحد، وأننا معنيون به معا في السراء كما في الضراء، على أن هذا المنحى من الفكر لا يستند إلى مجرد صدف التاريخ أو تقلبات الأحداث فيه، بل هو مرتكز إلى النظرة الدينية للاسلام كما للمسيحية على السواء. يكفي التذكير أولا بأن الناس هم إما أخوة في الدين أو نظراء في الخلق. وإليه نضيف بأن المسيحيين في دنيا العرب وإن كانوا اليوم أقليات في غالبية بلدانهم ، إلا أن تعدادهم هذا لا يؤثر لا في أصالتهم الضاربة في تاريخ هذا الشرق ولا في حقوقهم كمواطنين ولا في إسهامهم الإنساني والحضاريِ الكبير. ونحن واثقون من أن الإسلام لا يدعو للنظر إلينا كجماعات أقلوية. فالقرآن لا يتكلم عن الأقليات بل يذكر “أهل الكتاب” مع كل ما تحمله هذه التسمية من دعوة إلى المودة وإلى الإكرام، فلأهل الكتاب مكانتهم، لا في العيش المشترك مع المسلمين فحسب، بل أيضا في قلب الإسلام وفي ضميره، ما يجعلهم جزءا من هذه الأمة ومن نسيج إيمانها. فهل تجوز قراءة غير هذه القراءة وبخاصة عندما تمر في البال عهدة الرسول العربية لمسيحيي نجران، وعندما نذكر أيضا أنه استقبل المسيحيين في بيته وأفسح لهم في المجال ليقيموا فيه صلاتهم؟ وبكل صراحة واعتزاز نؤكد أن المودة التي كانت في قلب الرسول العربي حيال المسيحيين، هي التي نطالب بها أهلنا المسلمين في كل مكان من الأرض وفي كل زمن من الأزمان وإلى يوم القيامة”.

وقال: “إن هذا الموقف لا يفرض نكرانا للماضي ولا تجاهلا لأحداث أليمة عصفت في جوانبه، غير أننا مدعوون حياله إلى التمييز بين الإسلام في جوهر دعوته، وبين بعض سياسييه الذين قد يطيعون تعاليم الإسلام أو لا يطيعون. وهكذا في المسيحية فهي في جوهر رسالتها غير ما هي عليه في من يحملون اسمها ولا يتصرفون بموجبها التصرف الصحيح. فيصبح لزاما علينا حيال هذا الواقع أن يرقى كل منا الى أصالة الجوهر في الدين الذي به يدين، بما يشبه حركة عودة مقبولة إلى البدايات من أجل انطلاقة جديدة. كما يصبح لزاما علينا أن ننظر الى التاريخ من حيث هو صنع بشري لندخل إليه ما يحتاج من قيم الروح فيسلم ويستقيم. لقد عرف هذا التاريخ حكاما حكموا باسم نفوسهم وبوحي من مصالحهم وأهوائهم وما كانوا لتعاليم دينهم مذعنين. فسجل بفعل هذا المنحى جور مسلمين على مسيحيين ومسيحيين على مسلمين. ولقد وقعت فعلا ظلامات في عصور غابرة بحق المسحيين كما بحقِ المسلمين، غير أن المسيحية والإسلام يبقيان في الجوهر براء من مثل هذه التصرفات. لكل ذلك، دعا المجمع الفاتيكاني الثاني، وهو مجمع إصلاحي كنسي عقد لخمسين سنة خلت، الى طي صفحة الماضي بين المسلمين والمسيحيين بما فيها من مآس، سواء أكان مصدرها حروب الفرنجة وردود الفعل عليها أم هيمنة الاستعمار الحديث، الذي لم يكن يمثل المسيحية في شيء. ففتحنا صفحة جديدة فيما بيننا وصرنا جميعا مسؤولين عن بقائها نقية من شوائب الماضي. وما نأكده اليوم وتؤكدونه هو أن مسيحيي المشرق هم معكم ومثلكم أهل الدار وانهم يتطلعون وإياكم الى غد واحد تصنعونه معا من اجل خير الجميع. كما أنهم كانوا وسيبقون خير من ينقل إلى الغرب الصورة المشرقة عن الإسلام، وخير من يقرِع مسيحيي الغرب لأي تقصير منهم حيال أهل الشرق، أمسيحيين كانوا أم مسلمين”.

وأضاف: “غير أن هذا الموقف الوجداني يحتاج إلى عناية ليجد طريقه إلى التجسيد. فالمسيحيون يتعرضون اليوم في بعض من بلدان المنطقة وسواها من المناطق الى أعمال إرهابية تقتلعهم من أرضهم وتنكر عليهم أبسط حقوقهم. كذلك يضرب الإرهاب ايضا في صفوف المسلمين، ولغة التكفير تطال الجميع من دون استثناء، لا في المذاهب ولا في الساحات. وشر ما في هذا الارهاب الذي يذر قرنه في الزمن الحاضر هو أنه يتلبس الاسلام ويبغي إعادة الخلافة وفتح باب الجهاد، ولكن على غير قواعد الاسلام وبما يخالف تعاليمه السمحة، وبما يمس صورته الناصعة في الصميم. انها ظاهرة مريبة لا تكافح بالقوة المادية وحدها، بل بنشر الوعي الديني في كل الصفوف، ولا سيما في الطبقات الفقيرة وبتأمين العدالة الاجتماعية لها والتنمية الاقتصادية بعيدا عن امراض الرشوة والأثرة بالحكم على حساب الضعفاء. انها مسؤولية مشتركة تقع على المسلمين والمسيحيين معا. فالتفريق في ما بنيهم اليوم هو عمل معاد كل المعاداة لحسن المصير في المنطقة باسرها. فيما جمعهم يؤدي الى تطوير المنطقة والى إعلاء شأن الحق والعدالة في صفوف أبنائها. لذلك بات الشرق يتأرجح بين عودة إلى الجاهلية والى ما قبل الجاهلية بتمزيق مكونات الأمة وتأليبها بعضها على بعض، وبين تطلع الى مجتمع متصالح مع الحياة ومع التنوع فيه ووحدة المصير في آن. اما مفتاح هذا التقدم فهو في نشر مفهوم المواطنة حيث الجميع يواطن الجميع بالمساواة في الحقوق والواجبات، وهو أيضا في التمييز بين ما يدعوه المسلمون “بالعبادات” وما يدعونه “بالمعاملات”. “فالعبادات” هي لله وحده وهو الحسيب على خلقه دون شريك. أما “المعاملات” فهي شأن عام يخصُ الجميع بصورة واحدة وهي المجال المفتوح للعمل السياسي والاجتماعي برمته، كما هي القادرة على منح فرص للديمقراطية على اساس من الخدمة المنفتحة على الجميع ومن اجل الجميع”.

وختم: “فإذا ما سويت أمور المواطنة واحتضن المسلمون والمسيحيون بعضهم بعضا وتبنوا مصيرهم المشترك ازداد الشرق مناعة فوق مناعة وواجه خطر الارهاب الذي راح يتمادى اليوم في قتل الأبرياء وصولا إلى غاياته، كما يستغل ضعف الضعفاء ليتخذهم مطية لمآربه التي لا تجدي لاحد نفعا حتى ولا لأصحابها. يضعنا هذا المؤتمر حقا على مفترق طرق. فالمخاطر تحدق بنا مهددة بالتقهقر وضياع الحضارة، بفعل من الارهاب السالك في طريق الافناء، كما تنتظرنا فرص للتقدم، ولدحر القوى الظلامية كلها. لكن جمعكم الكريم يدل على اننا قد اخترنا الطريق الصحيح. فالشكر لمشيخة الأزهر مجددا على مبادرتها الطيبة والانقاذية في آن، والشكر لكم على إسهامكم في هذا المسعى المبارك، وعلى حسن إصغائكم، والسلام عليكم”.

وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).