أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | من مار مارون إلى يوحنا مارون عظة التاريخ للأمّة وللكيان
من مار مارون إلى يوحنا مارون عظة التاريخ للأمّة وللكيان
مار مارون

من مار مارون إلى يوحنا مارون عظة التاريخ للأمّة وللكيان

على جبل القورشيّة، لمع نجم “السيّد الصغير” مارون القديس الناسك الى “السيّد الأعظم” يسوع. وترك مارون الارض سنة 410. وانتظر اتباعُه وتلاميذه أربعين عاماً ليتكوّنوا جماعة، ديريّة سنة 452. تحت رعاية الابرشية الإنطاكية. وفي خضم النزاعات، قدّم الموارنة شهداء للإيمان المستقيم سنة 517…وانتزحوا الى جبل لبنان،لائذين بطبيعته أرض ميعاد رسمها لهم رسولان مرشدان: ابرهيم القورشيّ وسمعان الناسكان الاسقفان.. وطالت مسيرة الانتظار الى قائد،،فكان لهم يوحنا مارون أسقفاً راعياً سنة 676، ثمّ بطريركاً 685-705، لأمّتهم من إنطاكية الى جبل لبنان.

وكان على الموارنة أن يناضلوا من سنة 705، حتى سنة 1920، لترسيخ كيان دولة، يكون لهم ولجميع اللائذين به واحة حريّة وشراكة إنسانيّة، ووطناً مركزيّاً لإشعاعهم وانتشارهم وتفاعلهم مع أبناء شركاء أنداد.وكان لهم ما حلموا به، وبرزت الدولة والجمهوريّة، وما فيهما من مقومات ومؤسسات.
من كلّ هذه الانتظارات، والصبر على المحن والاضطهادات، اكتسب الموارنة، وحذت حذوهم مكوّنات أخرى، منعة الصمود وحتمية التلاقي مع الآخرين، لأن جوهر لبنان، أرضاً وتاريخاً وثقافات، جعلت كلّ من ينتمي اليه بصدق والتزام أوّليّ، يشعر بوجدان وجوديّ، أن اكتماله لن يتحقّق إلا بهذه الصورة المركّبة، وكأنّ يد الله، مع مسيرة القديسين، تريدها لوحة حياة لوطن الرسالة وآية للإنسانية.
ومن انتظار التاريخ، الى انتظار انتخاب رئيس الجمهوريّة، عبرة لجميع المهتمّين والمراهنين والخائفين والواثقين، أنْ لا تيأسوا من صبرٍ لأجل الافضل، فقد شهد التاريخ، بالصمود على محنٍ أدهى من اليوم.
قادة ومنقذون، لم يكن ليتوفّروا، لولا الايمان الراسخ بالقضيّة والحقّ والوجود…عند هذه المبادىء تصغر كل المراكز والرهانات، ولا يبقى سوى الرجاء المبني على صحة الاعتقاد وأهداف المسيرة الكيانية، وغايات الرسالة التي لا حياة لها من دون وجودِ أصحابها لتتحقّق.
وليس غريباً عن هذه المسيرة ذلك التحوّل الحتميّ الذي أعاد اللحمة الى كيان الامّة المارونية، وصورّتها، تلك التفاهمات المفصليّة، التي نشهدها بين اكثر من مكوّن لبناني، ومسيحيّ.وما فعله الجنرال ميشال عون، مع “حزب الله”، ومع “القوات اللبنانية”، وما يرغب فيه مع غيرهم سوى أنه الدليل على إصلاح صورة الشراكة التي تشوّهت وأفقدت لبنان ركائز أساساته. أليست هذه ملامح القيادة الحكيمة والمسيرة الاصلاحية الانقاذيّة؟
سعى الجنرال عون، الى التفاهمات مع المكوّن السنيّ الكريم مراراً، فهو منذ قيادته للجيش اللبناني، كان أركانه المقرّبون من السنّة، وفي الثورة على الاحتلالات والوصايات. كان تيار ميشال عون في المقدّمة حشداً وتنظيماً، وفور عودته من المنفى 2005، وقف مناصراً، لمعرفة حقيقة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبدل أن يكافأ على كلّ هذه الوقفات، حوصر بالاتفاق الرباعيّ، مسدّدين بذلك طعنة كبيرة الى تركيبة لبنان… وتهديداً جديداً، لكينونته التاريخيّة… وكأن الوصاية والاحتلال، تقمّصتا بنهج آخر!
وعلى الرغم، من كلّ ذلك،تابع الجنرال عون سعيه الاستراتيجي، كقائد وطنيّ، محاولاً مع الرئيس سعد الحريري، إنضاج التفاهم الميثاقيّ، حيث لا وجود لأي شرعية من دونها، وبالتالي لا شرعية لأي مؤسسة لا تراعي العيش المشترك، بالمعنى السياسي، وليس الاجتماعي فقط. وكادت الامور تبصر خواتيمها اللازمة الوجوب، ولكن كما في التاريخ، تأتي محن التدخلات والانانيات المصلحيّة، لتمنع اكتمال صورة لبنان. في حين أنّ الجنرال سبق أن تفاهم مع قيادات سنّية وازنة تمثيلاً ودوراً وتاريخاً، وإن حرمها النظام الاكثري مقاعد نيابيّة.
الفرق بين زمن مار مارون وزمن البطريرك الاول مار يوحنا مارون ثلاثمائة سنة، وبين عيدّي القديسًين القائدين،من 9 شباط الى 2 آذار، ثلاثة أسابيع، وهي لكل أصحاب الارادات الطيّبة رمزيّة لمعنى الانتظار التاريخي المشار إليه. هذه النيّات تفترض على الرئاسات الكنسية والزمنية، أخذ هذه الرّمزيّة عبرة صمود، وعمل بلا حدود ورجاء موعود، ليعود التوازن الى كيانِ موجود بفعل أرادات الجميع، فلا يدعوا المساومات والصفقات، تلغي أحد أقانيمه الاساسيّين أو تقضي على ما تبقّى من صورة لبنان الرسالة والحريّة.
فهل آن الأوان لفهم هذه الحقيقة؟ وهل تهب أنوار التغيير الايجابي على بعض المرجعيات السنيّة تحديداً، ليكون لبنان واللبنانيّن أولاً… وأوّلاً…؟ وان لا يتجاهلوا صبرنا وصمودنا ودفاعنا عن حقٍّ، يحفظه لهم في كلّ ظرف هؤلاء الممانعون لأي صفقة على حساب الوجود؟
الدكتور طوني ضو
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).