أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ندوة حول “الإعلام بين الحقيقة والتشهير” في المركز الكاثوليكي للإعلام
ندوة حول “الإعلام بين الحقيقة والتشهير” في المركز الكاثوليكي للإعلام
المركز الكاثوليكي للإعلام

ندوة حول “الإعلام بين الحقيقة والتشهير” في المركز الكاثوليكي للإعلام

عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام حول حول “الإعلام بين الحقيقة والتشهير، شارك فيها مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، والصحافيان الإعلاميان وليد عبود وسعيد غريب، والأستاذ المشرف في المعهد العالي للدكتوراه في الإعلام السياسي دكتور نسيم الخوري، وحضور العميد بردليان طربيه من الرابطة المارونية، وعدد من الإعلاميين والمهتمين.

بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال:

“أفتخر اليوم في أن أكون بين نخبة من رجال الصحافة والإعلام لنتكلم على رسالةً ساميّة لا بل مقدسّة، وهي من أنبل الرسالات الإنسانيّة والثقافيّة والإجتماعيّة، بحيث أنها تؤمن التواصل بين الناس، وأكثر من ذلك إنها تنوّر الراي العام إذ تنقل له المجريات والأحداث وتضيء على القضايا الساخنة في العالم.”

تابع “مما لا شك فيه، إن الإعلام تطوّر ليواكب تقنيات العصر، لكنه في الوقت عينه أصبح يرتكز على الدعاية والإعلان، وفي بعض الأحيان على المال السياسي ليؤمن استمراريته، في حين أنه كان في الماضي يستند على الكلمة الحرّة والأفكار البناءَة، ويصنع الثورات فكان هو الفاعل وليس المفعول به.”

أضاف “كان رجال الصحافة مرآة المجتمع، سلاحهم القلم وهو أمضى من السيف، قلائل هم اليوم، من يتقنون صناعة الإعلام وينوّرون الرأي العام، هناك سبق إعلامي، يرتكز على نبش الفضائح التي قد تكون صحيحة أو مفتعلة، يجعلون من الحبة قبّة وفي أغلب الأحيان يشوشون الرأي العام. بنيّتهم إظهار الحقيقة ولكنهم في بعض الأحيان يقعون في فخ التشهير والتهشيم وتحطيم الناس من دون قصد، ويأتي كل هذا في إطار التنافس الإعلامي.”

وختم بالقول “لا أيها الزملاء الأحباء، الإعلام، رسالة، والإعلام شهادة، والإعلام حقيقة صورة المجتمع، لهذا السبب أردنا هذه الندوة لننبّه إلى وجوب دقة التعاطي في المواضيع الخاصة التي تطال حياة الأفراد والمجتمع. وفي المناسبة، وبصدق أحيي كل الإعلاميين الذين يناضلون من أجل الحقيقة، ورفع الظلم وكشف الغش والخداع، أحيي من يقاربون المواضيع الوطنية والسياسيّة والإجتماعيّة بجرأة وموضوعية، وأسأل الله أن يحفظ لنا حريتنا الإعلامية، ويحمي كل الإعلاميين، ويحفظ لنا لبنان.”

ثم تحدث د. نسيم الخوري فقال:

“يبدو الاعلام ببساطة كلية جبلاً شاهقاً لا يطوله البصر مهما مطّت الحواجب أقواسها. يراه المتسلّق أفضل مكاناً للمغامرة والتزلج، بينما ينظر إليه الحطّاب مخزناً للحطب والفحم والزراعة، وينظر اليه المهندس عائقاً يستلّ صخوره لبناء المدن الجميلة، ونعبر منه إلى الضفة الأخرى. ويراه الغني أجمل مكان لبناء قصوره وملاعبه. وهكذا لا يعود المهم كيف جاءت البذرة ومن أين ومَن أوصلها ومن زرعها وسقاها ورعاها، بل كيف يجب أن تموت الحبّة بالنسبة للمزارع كي تنمو نبتته المنتظرة، وتحيا لتزهر فيثمر وتنتج،والحقيقة خلاف ذلك بالنسبة جموح الحرية في الاعلام وحجمها.”

تابع “وفق هذا الإطار، يبدو القانون أو تحديثه أو إتّفاقيات الشرف ومسك الشاربين من الأطراف المتنازعة نوعاً آخر من الارتجال، في ظلّ اتّساع الخروق الوطنية وغايات المقتنيات الاعلامية، وضرورات الانهيار في القوانين والمواثيق والاجتهادات التي تأتي نتيجة حتميّة لارتباط لبنان، هذا الحقل المتحرك، بالحقل العربي والانساني.

مهما اختلفت وجهات النظر، في لبنان، حول الاعلام، ومهما اتّسعت الساحة اللبنانية، يمكن القول ان لبنان يدور حول أشكال أربعةً من الإعلام تتداخل كلُّها اليوم في فوضى غير معقولة لتعيد تشكيل تاريخه الطويل والمميز، وتتمثل، اصطلاحاً، في: اعلام الحروب، حروب الاعلام، سلام الاعلام، اعلام السلام”

ورأى أن “لا حلّ إلاّ بإحترام سلطات الإعلامي. لا سبيل سوى في وضع الألف واللام قبل كلمة حرية كي تصبح أقوى وأكثر قداسةً. وإلاّ؟”

أضاف:”إنّني خائف جدّاً على مستقبل هذه الشاشات اللبنانية وهذه الحرية الفريدة؟ صاحب المال والرأسمال صار هو الصانع وهو المحرّك والممول والفاتح والقافل لأية محطة يشاء.”

وقال “من يدفع من أصحاب السبع شاشات الأرضية اللبنانية الخاصة ما يتوجّب عليهم سنوياً للدولة تطبيقاً للقانون وحفاظاً على تراخيصهم والسماح لهم بالبث وهي قيمة لا تتجاوز ال 100 مليون ليرة لبنانية سنوياً عن كلّ شاشة ؟ الجواب: لا أحد. كيف ومن أين تعيش هذه الشاشات أو كيف تستمرّ إذا كانت السلّة الإعلانية اللبنانية السنوية كلّها لم تتجاوز في ال2014 ال80 مليون دولار يذهب منهم خمسون الى التلفزيونات والثلاثون توزّع على الصحافة ووسائل الإعلام كلّها؟ ”

وختم بالقول “إذا كان التلفزيون أو الشاشة هي محصلة زواج العين(الذكر) والأذن(الأنثى)، فإنّ الجواب على أسئلةٍ من هذا النوع تستمر لاهثة بزواج المرجعيات السياسية والطائفية أو هيامهم بالشاشات التي اقتسموها ووزّعوها في ما بينهم وإمتلكوها كسلطة عالية القيمة مثلها مثل أعلامهم الحزبية وأناشيدهم الحزبية وجامعاتهم ومعاهدهم ومدارسهم الحزبية والطائفية. لكنهم لن يستمروا مستقبلاً بزهوهم وفتون العرب والمحيط بهم. مستقبل الشاشات مأزوم والتهشيم المتبادل ملامح سقوط دولة الميديا ستايت… ونحن فيه نتذوّق مراراته كلّ صباح من بعبدا.”

ثم تحدث الإعلامي سعيد غريب فقال:

الاعلام بين الحقيقة والتشهير عنوان طموح يعيد طرح دور الاعلام من وجهتي الاهداف والممارسة من منظور اخلاقي. هو موضوع مركب تتداخل فيه قيم حرية التعبير وحق المعرفة مع الانتشار الواسع للإعلام وقدرة الافراد المتنامية على لعب دور الاعلاميين في زمن وسائل التواصل الاجتماعي (بالكلمة الصوت والصورة صناعة وبثا).”

تابع “صحيح ان مفهوم الاعلام في الدول الديموقراطية لا ينفصل في المبدأ عن حرية التعبير لمن يبث الرسالة وحق المعرفة لمن يتلقاها. الا ان الخطر يكمن في استخدام هذه القيم كشعارات لتغطية الممارسات الاعلامية البعيدة عن قواعد الاحتراف المهنية، وعن المعايير الاخلاقية الواجبة.”

وقال “نحن كإعلاميين حريصون على حريتنا في التعبير والتواصل والعمل، الا اننا لا نستطيع ان نمارس هذه الحرية بصورة بناءة اذا تحررنا من امرين : الضوابط الاخلاقية والممارسة المهنية المحترفة.” و”اذا اردنا تفنيد الموضوع السؤال الاول يتعلق بالهدف الحقيقي الذي يسعى اليه الاعلام : هل هو فعلاً البحث عن الحقيقة المجردة ام عن جزء منها ترويجاً لتوجه معين او لرؤية محددة؟ وفي خدمة من تكون هذه “الحقيقة” ؟ هنا يجدر بنا ان نعي ان الصورة الشاملة تشكلها مجموعة من الحقائق .

تابع “وفي نظرة الى المشهد على الساحة الإعلامية نرى ان الحقيقة باتت مجزأة وفق اهداف كل وسيلة علما ان الهدف الاكبر لم يعد حتى الترويج لحقيقة معينة تؤمن بها وسيلة الاعلام او الطرف الذي تمثله. وانما تحول بسرعة فائقة الى جذب اعداد المشاهدين والأخطر من ذلك القراء . مما اشاع مفهوم الصحافة الصفراء القائمة على الاثارة على الاذاعات والشاشات الى جانب صفحات الجرائد. ويبدو ذلك جلياً من خلال نوعية المواضيع المطروحة (الفضائح والجنس والعنف والغرائب) ، ومن خلال العناوين الفضفاضة الساعية الى الجذب نحو مضمون هزيل ، ومن خلال البروموشيون القائم على التسويق الخادع.”

وختم بالقول “اما في الممارسة فان الجميع دخل في سباق دون ضوابط. من اجل سكوب تغيب الدقة العلمية والمهنية والادبية عن الكثير من المعالجات الاعلامية وباتت الاثارة والتبسيط من “عدة الشغل”. كما ان الاعلام يعيش مخاطر البحث الحي من حيث نقل المعلومات غير الدقيقة من دون تأمين تقاطع المعلومات بين المصادر مما يؤدي الى ضرب المصداقية على المدى المتوسط ومما يؤدي ايضا الى الاساءة الى السلم الأهلي او الأشخاص أنفسهم على المستوى الفردي . من يتحمل المسؤولية هل هو الاعلامي ام وسيلته التي ادخلته في هذا النمط؟ يلعب الجميع اللعبة نفسها وتنتشر العدوى بين كل وسائل الاعلام.”

واختتمت الندوة مع الاعلامي وليد عبود فقال:

“من العنوان شعرب بنوع من أنواع الخطأ المنهجي “الإعلام بين الحقيقة والتشهير”، الحقيقة لا تناقض دائماً التشهير، التشهير هو اسلوب لقول الحقيقة، حتى أحياناً يتحول التشهير إلى اسلوب في تعاطي السياسيين وقد سألت الوزير ابو فاعور لماذا اعتمدت هذا الأسلوب الفضائحي الذي قامت به على صعيد الحملة الغذائية؟ وقد اعترف بأن هذا التشهير أوصلنا إلى تطوير السلامة الغذائية وهنا خدم التشهير المصلحة العامة.”

تابع “التشهير يعني ” فَضْحَهُ وَإِظْهَارَ مَسَاوِئِهِ ” وهو نوعان الأول إذا كان التشهير يتعلق بموضوع فردي شخصي، وذكر هنا قصة تتعلق بأحد الموظفين الكبار وتصرفه مع إحدى الفتيات، هنا المقصود التشهير الفردي والهدف منه التحطيم وليس الوصول إلى الأفضل وليس الهدف منه خدمة المصلحة العامة.”

والتشهير الثاني ليس بالسيء إذا كان يتعلق بشأن عام مثلاً (أثرنا موضوع في تلفزيون “أم تي” يتعلق بام توفيت مع جنينها نتيجة ما قيل عن خطأ طبي) وهنا نحن أمام أمرين إما أن نعلن هذه القضية لنصل إلى جزء من الحقيقة أو السكوت عن اسم الطبيب واسم المستشفى وهذا ما يسيء إلى صورة لبنان على الصعيد الصحي. ولكن القرار اتخذ لنمشي به إلى الآخر وصولاً للحقيقة، هنا الإشكالية أساسية. هل نسمي الأشخاص والمؤسسات قبل أن يصدر حكم القضاء مثلاً؟ أم نشير إلى الموضوع ونتابعه لكي لا يكون تهاون من قبل المؤسسات الإدارية العامة والأليات القانونية وإنما ننتظر حكم القضاء.”

وختم بالقول ” مع أهميتنا الإعلامية أصبحنا ضحية وسائل التواصل الإجتماعي لأنها غير محكومة بقانون وبآداب أخلاقية، تعلن الفضائح ثم في اليوم الثاني تستيطع التراجع وتقديم الإعتذرا ولا أحد يستطيع محاستبها ومقاضاتها، انطلاقاً ً من هذه الإشكالية علينا المعالجة.”

 

ف.ح.م.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).