أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | هذا ما غنّته فيروز قبل خمسين عاماً وهكذا أتلقّى ما غنّته بعد خمسين عاماً
هذا ما غنّته فيروز قبل خمسين عاماً وهكذا أتلقّى ما غنّته بعد خمسين عاماً
السيدة فيروز

هذا ما غنّته فيروز قبل خمسين عاماً وهكذا أتلقّى ما غنّته بعد خمسين عاماً

لا يحتاج صوت فيروز إلى ذريعة للكتابة عنه. هذا في الأقلّ بالنسبة إليَّ شخصياً. لكنّي أرغب، بقوّة، أن أُقنِع نفسي والآخر بوجود “سبب” دائم، متواصل ومتجدّد، لأكتب عن هذا الصوت. ليس لأنّه مقدّس. كلاّ. فهو ليس مقدّساً. إنّه جوهرٌ شعريّ في ذاته. وهو جوهري في حياتي. وأنا أريد أن أتعمشق بهذا الجوهر في غمرة انهيار مكوِّناتنا الجوهرية، مكوّناً تلو آخر. قلتُ، لأسأل بعضاً من أصدقائي المؤثِّقين عن الأعمال التي أنجزها الأخوان رحباني وأدّتها فيروز قبل خمسين عاماً، أي في العام 1966، هكذا يمكنني أن أنطلق من “مناسبة” مرور خمسين عاماً على تلك التجربة، لأرى، اليومَ، أيّ أثر لا يزال يُحدِثه صوتكِ “القديم” فيَّ، أنا المتلقّي صوتكِ على الدوام ليس بالحواس فحسب، بل بالوجود والكينونة الفلسفيين.
قدّمت فيروز في العام 1966 مجموعة من التسجيلات والأعمال التلفزيونية والمسرحية والحفلات في لبنان وسوريا والكويت، هي على التوالي: في كانون الثاني، “ليالي السعد”، سهرة في تلفزيون لبنان لمناسبة عيد الفطر (غنّيتُ مكة، عإسمك غنّيت، يوم ويومين وجمعة، القدس العتيقة، وهي أعمال جديدة صدرت حينها على اسطوانات 45 دورة من انتاج “صوت الشرق”، لا انت حبيبي، بحبّك ما بعرف، عم بتضوّي الشمس، شتّي يا دني، وصلة من الحوارات والاغاني الشعبية بالاشتراك مع نصري شمس الدين، هدى، وليم حسواني والمجموعة). في شباط، ثلاث حفلات في الكويت (قصيدة الكويت “العيد يروي ويروي سناها يلثم منها المُحيّا/ غنِّ الكويت وغنِّ عُلاها ويومها الوطنيا”، عالي الشمايل، بكتب إسمك يا حبيبي، القدس العتيقة، سنرجع يوماً، وصلة من الأغاني الشعبية، غنّيتُ مكة، فاصل موشحات وقصائد: ولقد ذكرتك، بلِّغه يا قمر، يا من حوى، هل تستعاد، جادك الغيث، لملمتُ ذكرى لقاء الأمس، وصلة بدوية، سني عن سني، شتّي يا دني، خذني، مضوية، عالطاحونة، جايبلي سلام، يا مرسال المراسيل، كما سجلت قصيدة أخرى للكويت بعنوان “مرحبا عيد بلادي”). في نيسان، شاركت كعادتها السنوية في تقديم تراتيل الجمعة العظيمة في كنيسة أنطلياس، بقي منها تسجيل تلفزيوني لتلفزيون لبنان، وأتبعته في مناسبة عيد الفصح بسهرة “ضيعة الأغاني” (مشوار، مرجوحة، بكرم اللولو، قالوا العدا، يا جارة الوادي، وصلة موشحات مع محمد غازي والمجموعة: يا شادي الألحان، حجبوها، يا غصن نقا، غمر الغداير، يا حلو شو بخاف، أعطِني الناي وغنِّ، بعدك على بالي، يا قمر أنا ويّاك، سهرتنا عا دراج الورد. وأصدرت “صوت الشرق” الاعمال الجديدة “يا حلو” و”بكرم اللولو” على أسطوانات 45 دورة). من 30 تموز إلى 7 آب، “أيّام فخر الدين”، في مهرجانات بعلبك الدولية (وعدي إلك، قال القوّال وغنّى، دبكة لبنان، يا قمر مشغرة – خبطة قدمكن، لَروح بين الشمس والفيّه، يا مغزال، يا ساكن العالي، غرّب الحسّون، يا ماريّا، مراكبنا عالمينا، بيّي راح مع العسكر، أنا خايفة، راجع بصوات البلابل). من الثامن من أيلول إلى الحادي عشر منه، في معرض دمشق الدولي (قصيدة “خذني بعينيك” وفيها تشير الى غيابها القسري في العام السابق عن “موعِدُنا أَوَاخِرُ الصيفِ”: “قد غِبْتُ عنهم ومالي بالغيابِ يدٌ/ أنا الجناحُ الذي يَلْهو بِهِ السَفَرُ”، يا مغزال، لوحة من الأغاني الشامية: بردى بردى، يا مال الشام، عاللالا، كتبنا وما كتبنا، يا قمر مشغرة – خبطة قدمكن، يا ساكن العالي، القدس العتيقة، سيفٌ فليُشهَر (أجراس العودة) قدمت للمرة الأولى، وصلة موشحات (يا ليل الصبّ، لو كان قلبي معي، يا شادي الألحان)، يا ماريا، مراكبنا عالمينا، لا انت حبيبي، يوم ويومين وجمعة، دبكة لبنان). وفي تشرين الأول من ذلك العام، سافرت إلى مصر بدعوة من الحكومة المصرية لكن من دون أن تقدّم أيّ عمل فني هناك، أو أن تتحقق معظم وعود المشاريع التي أشير إليها في الاعلام. وقد ظهرت على التلفزيون المصري في مقابلة أجرتها معها سلوى حجازي ضمن برنامج “أهلاً وسهلاً”.

وأسمّي صوتكِ لبنان. وأسمّيه القدس والجليل وفلسطين. وبلاد الشام. ولا أتردّد في أن أسمّيه العراق وما بين النهرين. وكم يأخذني صوتكِ إلى نواحي الأردن، وبلاد النيل، ومصر وتونس، وهلمّ، ليشلح وشاحه عليها. وأنا أكنّي بصوتكِ عن تلك البلدان، وعواصمها، لأنّي خسرتُ روح الأمكنة العربية كلّها. ولم يبقَ لي منها إلاّ تاريخها وذكرياتها وحبر شعرائها وفنّانيها، وأيضاً وخصوصاً عبورها في صوتكِ، الذي لا يليه ولا يسبقه برهان.
وكم يبكّيني أنّي خاسرٌ هذه الأمكنةَ كلّها. بالخراب حيناً، وبالإرهاب والترهيب والاحتلال حيناً، وبالاستبداد والتخلّف والظلامية أحياناً، وبمرارة الخيبة والانكسار والهزيمة في الأحيان كلّها.
ويلجمني عن السقوط في الدرك السحيق أنّي أعود إلى صوتكِ بعد خسران، لأشهده يتجوهر، خارج الوقت وخارج المكان، ومرّةً على أدراج بعلبك، ومرّةً في معرض دمشق، ودائماً في جنون الليل البهيم؛ فجرياً، ليلياً، حالماً، دامعاً، متقشّفاً، صادحاً، متلألئاً، موشّى، مثلجاً، مشمّساً، مقمّراً، هاذياً، عاقلاً، حكيماً، مصلّياً، ثائراً، غاضباً، صلباً، قوياً، متماسكاً، متدرّجاً، هاتفاً، مرناً، ليّناً، خافتاً، هامساً، مطواعاً، رهيفاً، ناضحاً، ناعساً، متأهباً، هادلاً، صاهلاً، ضاحكاً، مغناجاً، رقيقاً، رؤوفاً، متوهّجاً، مجمّراً، متحفظاً، عالياً، متعالياً، غامراً، مغموراً، منسحقاً، منتصراً، كريماً، مغامراً، منسجماً، متآخياً، متأوّهاً، عاشقاً، مشغوفاً، مختمراً، ملهوفاً، راكضاً، متمهّلاً، متهادياً، خاطفاً، ذاهلاً، مشرقاً، باهراً، منسدلاً، واحداً، وحيداً، متوحداً بذاته، مخترقاً زمن الواقع والمعنى والدلالة.

لو كان في مقدوري أن أعود خمسين عاماً إلى الوراء، وهذا ليس في المستطاع إلاّ تخييلاً وافتراضاً، لكان ينبغي لي أن أشعر بالهواء يترنّح، وبالشجر، وبسائر الشمس أيضاً، وكواكب الفلك، كلّما تراءى لي بالوجد، وبسواه، أنّ صوتكِ يلامس غايةً غير مسبوقة، ويسابق جرحاً إلى مبتغى شهوته. التخييل والافتراض عينهما، يصرخان بي مستفهمَين: أهو صوتكِ، أم هو وجع النبع، أم – يا ترى – هو وجع الله، أم وجع الإثنين معاً حيال الاستماع، آن لا يعود في مقدور أحدهما (النبع والله) أن يعود كما كان، أو أن يتراجع إلى وراء، لأنّ ولوج الصوت مسمعَ الروح والأفق يرجّ الكيان بعطف، وينادي باللاّرجوع؟!
وإذ أعود تخييلاً وافتراضاً إلى الوراء، لا أكون أنا – حين أصيخ – سوى اهتداء، مأخوذاً بالصفاء إلى آخره، وهو الفلسفة مضمومةً على حناياها لئلاّ يشعر الخفقُ بأنّه يتيم القلب. ويا ليتني، في العودة التخييلية الافتراضية هذه، أكون رفيفاً أو هديلاً لدى الإنصات، أو أكون الانسياب جميعه، كي أتمكّن من رصد الرجْع آتياً مع رعشة الصفصاف. ويا ليتني أكون نزولَ الضوء في الماء. وهيهات أن أتمكّن. لأنّ الرنوّ الصعب لن يكون بسوى الحواس جميعها، وقد التأمت على جروحٍ هي من طبع العقل الكليم.
لكنّي أرى صوتكِ، يا فيروز، وأراه خصوصاً في نوم اليقظة، الذي هو نعاس الخالق فيَّ. أراه، لكن من غير أن يتجسّد في صورة، حتى ليأخذني العجب من نفسي التي تظنّ ترى، من دون أن يتّخذ المرئي المظنون شكلاً ولا حدّاً. أيتراءى لي أنّي أراه، صوتكِ، يا فيروز، كمثل شبقٍ يستولي على اللحظة بين الانتباه والغفلة؟! أم هو يصير كمثل غيمةٍ تتعاشق وتتناهى في الأشكال كلّها، فيصير نهراً لا يغادر نبعه إلاّ ليشتهي أن يعود إليه، كمثل العَود الكوني، في حركةٍ تُرهِب ذكاء الفلسفة، وترجّف مسعاها، الذي يتكرّر، منبّهاً الله – إذا ثمّة الله – أنّ الوجد تصوّفٌ وحفرٌ في أغوار اللذة؟! أسمّيها لذةً، وأعيد التسمية، عارفاً أنّي لا أدري. وكيف أدري ماذا أفعل بحالي المتلقّية، لأنّي أجتهد – من دون جدوى – في أن أكون إناءً للصوت. وأجتهد – من دون جدوى – في أن أنادي عصفوراً يحطّ على طرف الإناء. لا لأستجمع رذاذاً إيقاعياً يستحيل جمعه، بل لأقول للعصفور إنّي شقيقه، أو إنّي ظلّه في أقلّ تقدير. وإذ يدرك العصفور ما لا أدركه، ويقول ما لا أقوله، فمن أجل أن تلتئم الحال في المتّسع الوجودي، ومن أجل أن ينحلّ صوتكِ في موسيقى الكون، فتتحاور الأنثى مع ألق جسدها، والرجل مع وجع عطاياه، وكذا تفعل الأرض والكائنات والينابيع والنيران والعواصف واللغات والغابات والفراديس والكلمات والأصوات والهباءات في لذّتها القصوى. وكم يؤلم العقلَ المتلقّي أنّه يكون آنذاك، عند الحدود بين التناهي واللاتناهي، بين الوعي وعجز الوعي، حيث يُفضي مرور صوتكِ، يا فيروز، في غيمة الوقت إلى نوعٍ من رؤية الشعور بانعدام الوقت. وهو صيرورة اللحظة مطلقاً. وصيرورة الرؤية رؤيا.
ويشغلني صوتكِ، يا فيروز، مثلما يشغلني تنشّق الهواء. بالحسّ وبنقيضه إذا كنتُ أنام جزءاً من الليل والنهار، وإذا كنتُ أستيقظ في جزئهما الآخر، فصوتكِ مقيمٌ فيَّ إقامةَ الأحياء في الموتى وإقامة الموتى في الأحياء، مدى الأوقات والمشاعر كلّها. صوتكِ كينونة، ولأجله أجد متّسعاً لأعيش أكثر. قبل خمسين عاماً كان صوتكِ يلمع في الرحب من الأمكنة. هي ليست مسألة زمنٍ انقضى، وليست هي مسألة الأمكنة، بل هو اللمعان ماضياً إلى حيث لا يعتريه ماضٍ ولا وقتٌ ولا مكان. فاللمعان لا يؤخذ بعينٍ، ولا بأذنٍ، بل بالمنتهى. كالأحوال التي من شأنها أن تستدرج الكائن إلى الذهول. هل ثمّة مَن يجرؤ أن يفسّر ذهول المرء في ذاته، وعن ذاته؟! هل ثمّة مَن يجرؤ أن يضلّل غيمةً عن مبتغاها؟! فلنقلْ هذا هو المعنى ويجب أن يؤخذ بتمامه!
يطالبني صوتُكِ بالبقاء معه إلى الهزيع الأخير. أطالبه بالبقاء معي إلى الهزيع الأخير. زميلان يعرف أحدنا الآخر باجتراحات العقل والقلب، وليس من سببٍ ليخون أحدنا الآخر بمعايير الانهيار وترّهات الأعمار.
من أعالي الجبال وسحيق الوديان تطالبني الحياة بالاعتدال. أطالبها من مرامي الخيال وجموح الصهيل بالكفّ عن التدجين. السعادة برقٌ لا يتكرّر. لولا رؤيتي برق المطلق، ما كان يمكنني أن أرى تجلّياته. لا يؤنسني شيءٌ مثلما تؤنسني الإقامة في تجلّيات المطلق. رأسي هو الإقامة، أما صوتُكِ فتجلٍّ وحماية. كينونتُه وجعُ الجمال في الحواسّ. قوّتُه ظلُّ الرأفة. لطفُه نزيفُ المناعة. شرودُه تفرّدُ المساء والفجر، وخروجُهما من الوقت. لا أصف الصوت بل أعاينه في أحواله. هو النبع كلُّهُ آخُذُه بالعقل وليس بالشفتين. وهو الوجد منتشياً بذاته من فرط انتشائه بالظلّ.
ليس تقديساً ما أقوله في صوتكِ، يا فيروز. إنّما هو ضعف الحيلة في الوصف. فيا لضعف الحيلة! قليلاً من الاقتراب، يا قلبي. فكثيفاً هو الصوت. حتى ليظنّ المتلقّي، الذي أنا، أن لا سبيل إلى الالتقاء بين القلّة والكثافة، في زمنٍ معلوم، لأنّ اللقاء لا يكون بموضعٍ في الحسّ، ولا بموضعٍ في الوقت، بل يكون بالعرفان ليس إلاّ. مثل ذلك، يلي كلّ برهان. ويسبق كلّ برهان. وهنا المفتاح الأبهى. هنا تحديداً. وأعني في المقام بين الذي يسبق وبين الذي يلي، وهو مقام الصعق الذي لا يُعرَف له زمنٌ، ولا يؤخذ بموضع. وكم يشتاق الملتقّي ليكون وصيفاً في هذه الغمرة. فمن أين لي، أنا المتلقّي، أن أصير وصيفاً في الغمرة التي تتساقاها الكلمات، وقد استحالت انتشاءً من فرط الحلول والاتحاد. وكم يصعب على المتلقّي، الذي أنا، أن يكتفي بلطف الشعور، وهو آنذاك أضعف السبل الى الوصال. وكم يصعب عليه أن ينغمس في التلّوي، لأنّ ذلك من شأنه أن يصرفه عن الأبعد والأصعب والأجمل. ذلك لأنّ جلّ الوهج يكمن في حمل الجسم على استيعاب الصعق كلّه وإنْ تغيّباً وغيبوبةً، وإنْ اتحاداً بموت، لأنّ هذا الأخير هو ذروة القبض على ما يجعل الصوت يذهب في الهباء الفلسفي، وهو الكوزموس امتيازاً.

الآن، وأنا هنا، أقف أمام ذاتي في هذا الفجر الطليق من حزيران 2016، لا أملك من حطام الأمكنة إلاّ ما تركتْه لي الأمكنة؛ أتطلّع إلى بعلبك، وإلى دمشق، ناظراً في الآن نفسه إلى بيروت، والقدس، وبيت لحم، ورام الله، وغزة، والجليل، وحلب، وتدمر، وبغداد، والموصل، ونينوى، والاسكندرية، والقاهرة، والكويت، وتونس، والرباط، وهلمّ، فلا أرى إلاّ الخراب و… صوتكِ. وكما تساءلتُ في البداية، أعود متداركاً في النهاية لأجيب: هكذا غنّيتِ يا فيروز قبل خمسين عاماً، وهكذا أتلقّى صوتكِ بعد خمسين عاماً!
عقل العويط
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).