أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | هل يجبْ تعميد الأطفال ؟
هل يجبْ تعميد الأطفال ؟
سر المعمودية

هل يجبْ تعميد الأطفال ؟

قضيّة معموديّة الأطفال .. قضيّة تُطرح كثيرًا ، خاصّة عند الجماعات غير الرسوليّة (البروتستانتيّة) ، وتتداول أيضا لدى هؤلاء المتذبذبين في إيمانهم ، ببعض العقائد المسيحيّة الرسميّة !

ما المشكلة في تعميد الطفل ؟ يُجيب النمط الأوّل : إنه صغيرٌ ولا يفهم شيئا من الإيمان ومن يسوع ، فلماذا يُعمّذ .. وأيضا إنّ يسوع تعمّذ وهو في عمر كبير وليس طفلا ؟؟

بالنسبة للشقّ الثاني من الجواب ، لا يستحقّ الإجابة عليه أبدًا ، لإن أساسه خاطئ ويدلّ على عدم إدراك وفهم وبعد نظر . بالنسبة للشقّ الأوّل من الجواب : المعموديّة نعمةٌ مجانيّة ، هديّة لا نستحقّها ، من قبل الله الذي تبنّانا من دون شرط . فالأهل المؤمنون يريدونَ ما هو الأفضل لولدهم أي المعموديّة ، التي بها يتحرّر من تأثير الخطيئة الأصليّة ومن سلطان الموت .

ظلمٌ أن تؤجّل معموديّة الطفل بحجّة حريّة فكر (أي أننا نقوم هنا بتعميد الطفل ” غصبًا عنه ” وبالقسر ، ومن دون إرادته ) خاطئة . تمامًا مثلما لا نقدر أن نؤجّل حبّنا لطفل ٍ في انتظار وقت يختاره هو بنفسه . هذا يُشكّل ظلمًا وحرمانـــًا للولد من النعمة الإلهيّة التي تأتيه بالمعموديّة . وكما يولد كلّ منذا ، وله المقدرة على الكلام ، وينقصه تعلّم طريقة الكلام ؛ هكذا يولد كل إنسان مع المقدرة على الإيمان ، ولكن عليه التعرّف على طريقة الإيمان .

كلّ سرّ كنسيّ هو حدث من أحداث الجماعة المسيحيّة . لا يكفي ، للتساؤل حول أسباب التعميد ، أن يُعتَبر معنى هذا العمل فقط للذي سيُعمّد . فإنّ الكنيسة ، حين تمنحُ سرّا من الأسرار ، تحتفل بظهور وجه الله في حياتنا ، إذ أن ولادة طفل هي ظهور لله .

منذ القرون الآولى ، قبلت الكنيسة تعميد أولاد العائلات المسيحيّة . وهي ،ـ بهذا التصرّف ، تعلن للعالم أنّ الله لا ينتظر ، لكي يحبّنا ، زمن إعترافنا بهذا الحبّ . إنه ذو معنى أن تعمّد الكنيسة الأولاد الذين تمنعهم حوادث الحياة من الوصول إلى نموّ تامّ . وهي تعمّد الذين سيبقون دائمًا ، لسبب من الأسباب ، في نظر الناس ، متأثّرين بتخلّف أو إعاقة . فإنّ الله لا يعرف الحدود التي نتوقّف عندها .

إنّ الولد ، بولادته ، ينتمي إلى عائلة بشريّة تضمّه : يحصل منها على اسمه وعِرقه ولغته وعاداته ، وكلّ ذلك هو جزء من تنوّع كنوز الإنسان . وإذا قام والدان باختبار الإيمان في الكنيسة ، فإنّهما يتمنّيان أن ينضمّ ولدهما أيضا إلى معرفة القائم من الموت ومحبّته ، وتلك المعموديّة هي رجاء وطريق منفتح .

وجوابًا أيضا ، قبل أن نعطي استشهادات لآباء الكنيسة حول المعموديّة ، للأسئلة الكثيرة التي تُطرَح حول ” تعميد الطفل ” ؛ إنّ الوضع الإجتماعيّ يمكن أن يكون دليلا (على عدم قبول تعميد الطفل ) ، ولكن لا أن يفرض لا القاعدة على الكنيسة . لا جرم أنّ رسالة َ الكنيسة يجب أن تتحقّق في داخل العلاقات الإجتماعيّة ، ولكن لا ينبغي أن تخضعَ لقواعد المجتمع ، بل يجب عليها أن تُنظّم إنطلاقا من رسالة يسوع المسيح وحدها ( كما يقول أساقفة كنيسة ألمانيا ) . ومن ناحية أخرى ، إنّ تربية دينيّة حرّة من تأثير المجتمع هي ” وهمٌ محض ” فالوالدون والمربّون يطبعونَ الأولاد ويؤثّرون عليهك في نموّهم ، سواءٌ كان ذلك من خلال إيمانهم أو من خلال لامبالاتهم التي تظهر من خلال تربية ٍ يُدّعى أنها حرّة ومحايدة دينيّا .

يقولُ هيبوليطس الرومانيّ (القرن 3 ) : ” ليُعَمّد الأولاد أوّلا ، وإنّ جميع الذين يستطعيون أن يتكلّموا عن أنفسهم فليتكلّموا . أما الذين لا يستطيعون ، فليتكلّم عنهم والدوهم أو أحد من عائلتهم ” .

يقولُ أوريجانوس (القرن 3 ) : ” إنّ الكنيسة تسلّمت من الرسل تقليد منج المعموديّة حتى للأولاد ” .

ولدينا أيضا شهادات قديمة تؤكّد هذا التقليد . فالقدّيس بوليكاربوس (تلميذ القدّيس يوحنا ) ، لدى استشهاده سنة 155 أو 156 ، قال إنه يخدم المسيح منذ أربع وثمانين سنة ، وهذا يعني أنه تعمّد طفلا . والقديس يوستينوس يتكلّم عن الذين ، حسب وصيّة الربّ في متّى 28 : 19 . صاروا مسيحيّين ” منذ طفولتهم . والقدّيس ايريناوس ، في كتابه ” ضدّ الهراطقة ” يؤكّد ” أنّ يسوع جاء ليخلّص بنفسه كلّ الناس ، كلّ الذين به ولدوا من جديد ، أطفالا وأولادا صغارًا وشبّانا وأناسًا بالغين “.

والقدّيس كبريانوس ينتقدُ الذين ينتظرون اليوم الثامن لتعميد أطفالهم اقتداء بختانة اليهود .

” التقليد الرسوليّ ” الذي يعودُ إلى حوالي سنة 215 ، وقد كتبه الكاهن هيبوليتوس في رومة ، يقول في منح العماد : ” عند صياح الديك يقترب طالبو العماد من المياه التي يجب أن تكون مياهًا جارية ونقيّة ، ثمّ يخلعون ملابسهم . ويعمّد الأطفال أوّلا ….. ” . وفي القرن 4 ، ينطلق القدّيس أوغسطينوس من تعميد الأطفال الذي كان تقليدًا لا جدالَ فيه في الكنيسة ليؤكّد شموليّة الخطيئة الأصليّة .

وبعد كلّ هذه الإستشهادات ، يقولُ التعليم المسيحيّ الرسميّ للكنيسة الكاثوليكيّة : إنّ التمسّك الشديد بتقليد ” عماد الطفل ” يستندُ إلى الأسباب التالية :

1 – الكتاب المقدّس يؤكّد على الدوم ، مبادرة أوليّة الله بالنسبة إلى الأيمان الذي هو جواب الإنسان على تلك المبادرة . لذلك عندما يولد الطفل المخلوق على صورة الله ومثاله ، يُدخَل منذ ولادته في العهد الجديد ، عهد النعمة والخلاص .

2 – لا شكّ أنّ الكتاب المقدّس يؤكّد ضرورة الإيمان للتقدّم للمعموديّة ، ولكنّه من جهة أخرى يؤكّد ” الرباط العميق بين الأجيال ” .. يقول بول إفدوكيموف : ” لذلك ، لا يمكن اعتبار الأطفال منفصلين عن المجموعة الروحيّة من والدين وأجداد حتى البعيدين منهم ( إن كان الوالدان غير مؤمنين ) . وفي أيّ حال فالعرّاب والعرّابة وأسرة الكنيسة الروحيّة يعترفون بالإيمان الذي يقتضيه السرّ ” .

3 – إنّ عماد الأطفال يؤكّد للبالغين أنهم ، مهما حاولوا التعمّق في فهم علاقة الله بالإنسان ، فسيظلّون أطفالا إزاء هذا السرّ الذي لا تُدرك ابعاده .

4- إنّ المعموديّة ليست سوى بداية طريق تقود المعتمد إلى ملء قامة المسيح . وهذه الطريق يسلكها الطفل مع أهله ومع الجماعة الكنسيّة ” حافظة الإيمان ” . فالإيمان ليس عمل فرد ، بل هو عمل شخص عائش في جماعة كنسيّة يشاركها حياتها ونموّها . لذلك لا يبرّر عماد الأطفال إلا ضمن جماعة مسيحيّة يعيشون فيها .

عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).