أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | هل يمكننا أن نفصل الصليب عن القيامة ؟! بقلم عدي توما
هل يمكننا أن نفصل الصليب عن القيامة ؟! بقلم عدي توما
الجلجلة

هل يمكننا أن نفصل الصليب عن القيامة ؟! بقلم عدي توما

__لنسأل :

لماذا أرى يسوع القائم جروحاته لتوما ؟ كيف وضع يوحنا تمجيد الإبن في حدث الموت ، وراح يروي ظهورات القائم من الأموات ؟

الإستمراريّة والتماهي بين المصلوب والقائم من الموت لا يقومان إلاّ على قدرة الله الخلاّقة وأمانته للعهد . يدلّ الكتاب عمومًا ، على عمق البعد اللاهوتيّ لهذا الحدث بكلمات : ” رفع ” ، ” عظّم ” ، ” رِفعة ” ، ” تمجيد ” ، ” تعظيم ” … الصلة الوثيقة بين الصليب ، والقيامة ، والرفعة ، وإرسال الروح ، قد عبّر عنها بأوضح وأقصر طريقة إنجيل يوحنا : الرفعة والتعظيم ، في الإنجيل الرابع ، كلمة ذات معنيين ، فهي تدلّ على الرفعة على الصليب ، كما الصعود نحو الآب ( يوحنا 3 : 14 ، 8 : 28 ، 12 : 32 ) . والتمجيد ( 7 : 39 ، 12 : 16 ) . الطاعة على الصليب هي كنه كيان يسوع . كتسليم يسوع للآب ، إنتقال إلى الآب ، ودخول في المجد الآبديّ .. وللذي رُفعَ في حدث واحد على الصليب وإلى جوار الآب أعطيَ كلّ سلطان ، وهو يستطيع أن يجتذبَ إليه كلّ شيء .

” الجمعة المقدّسة ، والفصح ، والصعود ، والعنصرة ، تؤلّف سرّا لا يتجزّأ ، فصح الربّ الوحيد ، إنتقال يسوع الوحيد بالموت إلى الحياة ، إنتقالا ينيلنا به أيضا ، في الروح القدس ، حياة جديدة ” .

” قيامة يسوع في آلامه ” … لأنّ آلام المسيح ليست آلام شخص ٍ يتألم لمجرّد التألّم كأيّ شخص ! في الصليب ، يجد تجسّد الله معناه الأخير الحقيقيّ .

وعلى الصليب تحقّقت محبّة الله الذي انسلبَ من جذريّته القصوى . محبّة الله التي بدت على الصليب ، هي التعبير عن الوفاء غير المشروط لعهده . الصليب هو كشف ذاتيّة وجوهريّة الله الحيّ أنه نورٌ وقيامة وحقّ وحياة . ولهذا ، عندما يتألم الله في الإبن ، ليست تعبيرًا عن قدر محتوم ، وعن نقص في الكيان ، إنه يتألم بطريقة إلهيّة (الصليب – تجرّد وبذل وتخلّي وتلاشي – إنه إنفتاحٌ تامّ ، وعطاءٌ كليّ .. والصليب يكشفُ سرّ الثالوث الحقيقيّ في جوهر الله . إنه يتألم بحريّة . الصليب والموت . التواضع والنزول والإنحدار هم صعودٌ وقيامة . جروحات القائم هي فسحة الأبديّة التي من خلالها نرى سرّ الله . سوف تبقى آلام المسيح الخلاصيّة لتكشف لنا سرّ فدائنا وخلقنا الجديد . يمكنُ أن نصف قيامة يسوع بأنها الوحدة الوثيقة بين حدث تاريخيّ وحدث لاهوتيّ معاديّ . يقوم البعد التاريخيّ لقيامة يسوع على واقع أنها تحصل ليسوع الناصريّ المصلوب ، وتعني قيامة يسوع أنّ الصليب الذي هو عند البشر نهاية ، وإخفاقٌ ، وإذلال ، هو في الوقت عينه ، فعل قدرة الله . وبالتالي بداية جديدة وأساس الرجاء .

ليست قيامة يسوع حدثا مختلفا بعد الموت ، وبعد آلام يسوع ـ بل أعمق ما جرى في الموت : إسلام إنسان حقيقي أمرَه لله ، فعلا وإنفعالا ، وقبول الله ، المفعم بالشفقة والمحبّة ، لهذه التقدمة . القيامة هي تعبير عن البعد الإلهيّ للصليبْ ، لأنها مقاربة الله الحاسمة للإنسان . ومقاربة الإنسان لله . وفي هذه الوحدة الغريبة بين الصليبْ والقيامة تتدخّل محبّة الله وقدرته كليّا ونهائيّا في الوجود البشريّ حتى الموت ، وبالمقابل ، يُسلم الإنسان نفسه كليّا في طاعة مشيئة الآب . إنهما وجها الحقيقة الواحدة . والصليب والقيامة يؤلّفان معا فصح .

ليست قيامة المصلوب وإقامته في القدرة الإلهيّة ، في العهد الجديد ، حدث منفرد ، بل البداية والاستباق لقيامة الأموات العامّة . إنّ الوحدة العميقة بين الصليب والقيامة ، تعني أنّ الرجاء الفصحيّ يضعُ المسيحيّ على طريق الصليب ، أي الطاعة الفعليّة في الحياة اليوميّة . إنّ قيامة المصلوب برهنت على أنّه هو في الحقيقة ” الكائن ” ، ابن الله والله نفسه .

يقول بنديكتوس السادس عشر :” هنالك صلة قويّة بين الصليب والقيامة التي لا يمكن للمسيحيّ ان ينساها من دون هذه الصلة ، تمجيد الصليب كان من الممكن أن يعني تبرير العذاب والموت لكي لا نجد فيهما سوى نهاية محتمة . بالنسبة للمسيحيّين تمجيد الصليب يعني المشاركة في المحبّة غير المشروطة التي يكنّها الله للانسان . انه فعل ايمان ! تمجيد الصليب ، في منظور القيامة يعني الرغبة في العيش وفي التعبير عن هذه المحبّة ، انه فعل محبّة! تمجيد الصليب يؤدي الى الالتزام بالتحوّل الى رسل المناولة الاخوية والكنسيّة ومصدر الشهادة المسيحيّة الحقيقيّة ، انه فعل رجاء .

ويقول البابا فرنسيس :” لو لم يكن الصليب ، لما صُلب المسيح . لو لم يكن الصليب ، لما تدفقت ينابيع الحياة ، دما وماء من جنب المصلوب لتطهّر العالم . لولا الصليب لما هُزم الموت . هذا هو مجد الذي كان له على الصليب ” الآنَ مُجِّدَ ابنُ الإِنسان ومُجِّدَ اللهُ فيه وإِذا كانَ اللهُ قد مُجِّدَ فيه “فسَيُمَجِّدُه اللهُ في ذاتِه وبَعدَ قليلٍ يُمَجِّدُه”. (يوحنا 13: 31-32 ) . فأصبح الصليب مكان تمجيد يسوع وموضع ارتفاعه في المجد ( 8:28-30) . وهذه هي رفعة الصليب ايضا . يقول القديس يوحنا : وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين) . يوضح ذلك انجيل يوحنا بقوله بفعل “رفع ” ابن الإنسان ، كحية نحاسية ، علامة للخلاص (3: 14) وهي نفس اللفظ الذي كان يشير إلى “رفع” يسوع إلى السماء (أعمال 2: 33) .

_________________

المصادر : يسوع المسيح لــ الكاردينال فالتر كاسبر (الفكر المسيحيّ بين الأمس واليوم 23 – نقله إلى العربيّة المطران يوحنا منصور )

إله المسيحيّين لـ الكاردينال فالتر كاسبر (الفكر المسيحيّ بين الأمس واليوم 32 – نقله إلى العربيّة المطران يوحنا منصور )

من أجل إيمان جاد (الإيمان بحسب القدّيس يوحنا ) ، لــ الكاردينال كارلو مارتيني (سلسلة أبحاث كتابيّة 12 ، ترجمة الأب البير أبونا )

من وعظات البابا بنديكتوس السادس عشر والبابا فرنسيس

كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة الفقرة 653

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).